زبدة القول

أعداء ثلاثة وحصان واحد

| د. بثينة خليفة قاسم

منذ‭ ‬ربيع‭ ‬الخراب‭ ‬العربي‭ ‬حدثت‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التجرؤ‭ ‬على‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أعداء‭ ‬تقليديين‭ ‬وأعداء‭ ‬جدد‭ ‬كانوا‭ ‬مختفين‭ ‬حتى‭ ‬جاءتهم‭ ‬الفرصة‭ ‬التاريخية‭ ‬كي‭ ‬يعلنوا‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم‭ ‬ويستغلوا‭ ‬اللحظة‭ ‬لتحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬معينة‭.‬

إيران‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حكم‭ ‬الملالي‭ ‬لم‭ ‬تخف‭ ‬يوما‭ ‬عداءها‭ ‬للعرب‭ ‬عموما‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬خصوصا،‭ ‬باستثناء‭ ‬حصان‭ ‬طروادة‭ ‬العربي‭ ‬المعروف‭ ‬للجميع،‭ ‬وعندما‭ ‬جاء‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬وقبله‭ ‬تم‭ ‬تدمير‭ ‬مقدرات‭ ‬العراق‭ ‬انطلقت‭ ‬إيران‭ ‬تعيث‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬العرب‭ ‬فسادا‭ ‬وتستخدم‭ ‬المليشيات‭ ‬التابعة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ ‬وسوريا‭.‬

أما‭ ‬تركيا‭ ‬أردوغان‭ ‬فهي‭ ‬الطرف‭ ‬الثاني‭ ‬الذي‭ ‬تجرأ‭ ‬على‭ ‬العرب‭ ‬بشكل‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬له‭ ‬مثيل،‭ ‬وتبين‭ ‬ذلك‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تدخله‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬وليبيا‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬معاداة‭ ‬أكبر‭ ‬دولتين‭ ‬عربيتين‭ ‬“السعودية‭ ‬ومصر”‭ ‬وإطلاق‭ ‬الكلاب‭ ‬المسعورة‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬لكي‭ ‬تصوب‭ ‬نيرانها‭ ‬على‭ ‬الدولتين‭ ‬ليلا‭ ‬ونهارا‭.‬

أما‭ ‬الطرف‭ ‬الثالث‭ ‬الذي‭ ‬خلع‭ ‬ثوب‭ ‬الحياء‭ ‬تماما‭ ‬وتجرأ‭ ‬على‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬جبهة‭ ‬أخرى‭ ‬جنوبية‭ ‬فهو‭ ‬إثيوبيا‭ ‬التي‭ ‬تتحدث‭ ‬بلغة‭ ‬مليئة‭ ‬بالغطرسة‭ ‬ولا‭ ‬تعترف‭ ‬بالمعاهدات‭ ‬الدولية‭ ‬ولا‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬ينظم‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬النهر‭.‬

جبهات‭ ‬ثلاث‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬الخطورة‭ ‬تواجه‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬وتنذر‭ ‬بخطر‭ ‬قريب‭ ‬ولا‭ ‬سبيل‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬الجبهات‭ ‬التي‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬وجه‭ ‬قبيح‭ ‬واستعدت‭ ‬لتنهش‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬الأمة‭ ‬وتسلبها‭ ‬ثرواتها،‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬تستيقظ‭ ‬الأمة‭ ‬وتوحد‭ ‬جهودها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬الثلاثي‭.‬

الغريب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬المؤلم‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬تستخدم‭ ‬نفس‭ ‬الحصان‭ ‬الطروادي‭ ‬في‭ ‬اقتحام‭ ‬الأمة‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬الثلاث،‭ ‬إنه‭ ‬نفس‭ ‬الحصان‭ ‬“الحمديني”‭ ‬المليء‭ ‬بالذهب‭ ‬المستخدم‭ ‬شرقا‭ ‬وشمالا‭ ‬وجنوبا،‭ ‬الحصان‭ ‬الذي‭ ‬جمع‭ ‬بين‭ ‬متناقضات‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬واحد،‭ ‬فهو‭ ‬صديق‭ ‬لإرهاب‭ ‬الملالي‭ ‬وصديق‭ ‬لإرهاب‭ ‬التكفيريين‭ ‬وصديق‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬لصاحب‭ ‬الرواية‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬الجنوب‭.‬