أرقام تَصنعُ البَحرين.. العمر المتوقع للإنسان

| د. حسين المهدي

تحدثنا‭ ‬هنا‭ ‬سابقاً،‭ ‬عن‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬والصحية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬مئة‭ ‬عام،‭ ‬وكيف‭ ‬تطورت‭ ‬هذه‭ ‬الخدمات،‭ ‬لتظهر‭ ‬نتائج‭ ‬إيجابية‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬المؤشرات‭ ‬الحيوية‭ ‬للسكان،‭ ‬منها،‭ ‬“العمر‭ ‬المتوقع‭ ‬للإنسان”‭ ‬Life Expectancy،‭ ‬حيث‭ ‬سنحاول‭ ‬هنا،‭ ‬رصده‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬توفره‭ ‬المؤسسات‭ ‬المختصة‭ ‬محلياً‭ ‬ودولياً‭.‬

مؤسسة‭ ‬ماكروترندز،‭ ‬Macrotrends‭ ‬عرضت‭ ‬العمر‭ ‬المتوقع‭ ‬للإنسان‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬منذ‭ ‬سبعين‭ ‬عاما،‭ ‬وتحديدا‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬1950‭ - ‬2020م،‭ ‬مع‭ ‬تقديراتها‭ ‬لسنوات‭ ‬قادمة،‭ ‬اخترت‭ ‬منها‭ ‬العام‭ ‬2030م‭ ‬وهو‭ ‬عام‭ ‬الرؤية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للمملكة‭ ‬التي‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬ورفع‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة‭ ‬للمواطنين،‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬ومواكبتها‭ ‬دراسات‭ ‬حديثة‭ ‬أجرتها‭ ‬جامعة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬التي‭ ‬أظهرت‭ ‬تقدم‭ ‬عمر‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التطور‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬يشهده‭ ‬طب‭ ‬مكافحة‭ ‬الشيخوخة،‭ ‬والتي‭ ‬خلصت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التركيبة‭ ‬الديمغرافية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬تشهد‭ ‬نمواً‭ ‬مستداماً‭ ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬المنظورة‭ ‬القادمة،‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬ثانية‭.‬

ولعل‭ ‬أقدم‭ ‬رقم‭ ‬ينشر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬عن‭ ‬البحرين‭ ‬هو‭ ‬لمؤسسة‭ ‬ماكروترندز،‭ ‬مأخوذ‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومؤسساتها،‭ ‬لعام‭ ‬1950،‭ ‬حيث‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العمر‭ ‬المتوقع‭ ‬لإجمالي‭ ‬السكان،‭ ‬حينها‭ ‬قارب‭ ‬الأربعين‭ ‬عاماً،‭ - ‬قد‭ ‬يحتاج‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬مراجعة‭ ‬أكثر‭- ‬لكنه‭ ‬بعد‭ ‬نحو‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬ارتفع‭ ‬بنحو‭ ‬18‭ ‬سنة‭ ‬ليصل‭ ‬العمر‭ ‬المتوقع‭ ‬إلى‭ ‬58‭.‬8‭ ‬سنة،‭ ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬الارتفاع‭ ‬في‭ ‬متوسط‭ ‬العمر‭ ‬المتوقع‭ ‬بسبب‭ ‬انطلاق‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬والطبية‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬منذ‭ ‬عشرينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬حتى‭ ‬تسجيل‭ ‬الزيادة‭ ‬الملحوظة‭ ‬في‭ ‬التوقعات‭ ‬العمرية‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الستينات،‭ ‬وتوفير‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العلاجات‭ ‬لأمراض‭ ‬كانت‭ ‬تفتك‭ ‬بأرواح‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬كان‭ ‬مرض‭ ‬الملاريا‭ ‬متفشياً،‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬الثلاثينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬والذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدل‭ ‬الوفيات،‭ ‬واستمر‭ ‬لزهاء‭ ‬عشرين‭ ‬عاماً‭ ‬للتمكن‭ ‬من‭ ‬ظهور‭ ‬نتائج‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬المتخذة‭ ‬لمكافحته،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1956،‭ ‬وانخفض‭ ‬تفشي‭ ‬الكوليرا‭ ‬بنسبة‭  ‬97‭ % ‬عما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬منتصف‭ ‬الثلاثينات‭.‬

حققت‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬والطبية‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬والإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬لبعض‭ ‬الأمراض،‭ ‬ارتفاع‭ ‬متوسط‭ ‬العمر‭ ‬المتوقع‭ ‬للسكان‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬60‭ ‬عاماً‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬ستينات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬ثم‭ ‬حصول‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬المركز‭ ‬52‭ ‬عالمياً‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬قرن،‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2012م،‭ ‬والموقع‭ ‬48‭ ‬عالمياً‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭.‬