قهوة الصباح

دموعٌ على سُفوحِ المجْد

| سيد ضياء الموسوي

لعلها‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬النذورات‭ ‬القاسية‭ ‬أن‭ ‬تخيط‭ ‬بأصابعك‭ ‬المرتجفة‭ ‬من‭ ‬الحزن‭ ‬جروحا‭ ‬تقاس‭ ‬بالأمتار‭ ‬من‭ ‬المنتظرين‭ ‬طوابير‭ ‬من‭ ‬عرق‭ ‬ولحم‭ ‬وصناديق‭ ‬أمل‭ ‬من‭ ‬أطباء‭ ‬ومهندسين‭ ‬متكدسين‭ ‬أمام‭ ‬ديوان‭ ‬الخدمة‭ ‬المدنية،‭ ‬يوزعون‭ ‬روايتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬أكثر‭ ‬كآبة‭ ‬من‭ ‬رواية‭ (‬آنا‭ ‬كارنينا‭) ‬ليو‭ ‬تولستوي‭ ‬أو‭ ‬رواية‭ ‬ديستويفيسكي‭ (‬الاخوة‭ ‬كارامازوف‭) ‬قارئين‭ ‬نص‭ ‬تقرير‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ (‬من‭ ‬وجود‭ ‬575‭ ‬موظفا‭ ‬أجنبيا‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العام،‭ ‬تجاوزوا‭ ‬سن‭ ‬الـ60‭) ‬متسائلين‭ ‬متى‭ ‬سيتم‭ ‬خطة‭ ‬الإحلال‭ ‬بدل‭ ‬الإخلال‭ ‬بالمواطن‭ ‬والوظيفة؟‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬مساءلة‭ ‬أي‭ ‬وزير‭ ‬وأي‭ ‬وزارة‭ ‬لنعمق‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬مشروع‭ ‬حياة‭ !! ‬لعلها‭ ‬تحن‭ ‬على‭ ‬دمع‭ ‬يبكي‭ ‬أو‭ ‬حزن‭ ‬يحزن‭ ‬أو‭ ‬كآبة‭ ‬تكتئب‭ ‬أو‭ ‬تعزف‭ ‬بيانو‭ ‬الحب‭ ‬على‭ ‬أصابع‭ ‬مشققة‭ ‬من‭ ‬الوجع،‭ ‬وملامسة‭ ‬الطريق،‭ ‬من‭ ‬موظفي‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬مرتجفين‭ ‬كعصفور‭ ‬تحت‭ ‬قسوة‭ ‬الشتاء‭ ‬أو‭ ‬تحرش‭ ‬المطر؛ينتظرون‭ ‬حقائب‭ ‬خيبة‭ ‬التسريح‭ ‬من‭ ‬بنوك‭ ‬وفنادق‭ ‬وشركات،‭ ‬فتخرج‭ ‬آهاتهم‭ ‬نوتات‭ ‬موسيقية‭ ‬ليست‭ ‬أقل‭ ‬حزنا‭ ‬من‭ ‬الوجع‭ ‬المتشظي‭ ‬للموسيقار‭ (‬موزارت‭) ‬وهو‭ ‬يهرب‭ ‬حاملا‭ ‬على‭ ‬ظهره‭ ‬وجعه‭ ‬سعيا‭ ‬وراء‭ ‬الرزق‭ ‬أو‭ ‬ملامح‭ ‬بيتهوفن‭ ‬ينام‭ ‬على‭ ‬الارصفة،‭ ‬يحتسي‭ ‬قهوته‭ ‬غبارا،‭ ‬ويرتشف‭ ‬دمع‭ ‬غربته‭ ‬وانكساره‭ ‬مجدا،‭ ‬يوزع‭ ‬في‭ ‬الطرقات‭ ‬نوتات‭ ‬تخنقها‭ ‬الزوايا،‭ ‬وتحاصرها‭ ‬المرايا،‭ ‬وتلبسه‭ ‬العرايا،‭ ‬قماشا‭ ‬ابديا‭ ‬لخلود‭ ‬الاسطورة‭ ‬التي‭ ‬تنتظر‭ ‬كسر‭ ‬التعويذة‭. ‬أو‭ ‬كالتجار‭ ‬الصغار‭ ‬من‭ ‬انهكتهم‭ ‬كارثية‭ (‬الفيزا‭ ‬المرنة‭) ‬التي‭ ‬أعادت‭ ‬تدوير‭ ‬الزوايا‭ ‬ليتحول‭ ‬التاجرُ‭ ‬إلى‭ ‬مقعد‭ ‬الموظفَ‭ ‬والموظفُ‭ ‬إلى‭ ‬مقعد‭ ‬التاجر‭ ‬في‭ ‬تراكم‭ ‬جنوني‭ ‬لسجلات‭ ‬الاجانب‭. ‬وكل‭ ‬الامل‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬خطة‭ ‬اقتصادية‭ ‬شبيهة‭ ‬لخطط‭ ‬العملاق‭ ‬السنغافوري‭ (‬لي‭ ‬كوان‭ ‬يو‭ ) ‬خصوصا‭ ‬عند‭ ‬الازمات،‭ ‬خطة‭ ‬تقتلع‭ ‬الخوف‭ ‬لما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا‭ ‬خصوصا‭ ‬مع‭ ‬شبح‭ ‬عودة‭ ‬تسعيرة‭ ‬الكهرباء‭. ‬بعد‭ ‬كورونا‭ ‬تتألق‭ ‬البحرين‭ ‬كأغنية‭ ‬وطنية‭ ‬ترسخ‭ ‬نهر‭ ‬الوحدة‭ ‬والالتفاف‭ ‬حول‭ ‬القيادة‭. ‬هو‭ ‬القدر‭ ‬يحاصر‭ ‬الكبار،‭ ‬يوزع‭ ‬دموعهم‭ ‬لوحات‭ ‬فنية‭ ‬كلوحة‭ (‬إصرار‭ ‬الذاكرة‭) ‬للاسباني‭ ‬سلفادور‭ ‬دالي‭ ‬او‭ ‬لوحة‭ (‬العشاء‭ ‬الاخير‭) ‬لدافنشي،

ترتل‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬الزمن‭ ‬حكاية

َ‭ ‬المجد‭ ‬كيف‭ ‬يُغنى‭ ‬اراجيز‭ ‬على‭ ‬شفاه‭ ‬التاريخ‭ ‬معلقات‭ ‬حبٍ‭ ‬وسمفونية‭ ‬همس‭ ‬جيتار،‭ ‬قصة‭ ‬كفاح‭ ‬للمحمولين‭ ‬للشمس‭ ‬نجوما‭ ‬في‭ ‬توابيت‭ ‬الغربة،‭ ‬ونعوش‭ ‬الزوايا‭ ‬الضيقة‭ ‬اقمارا،‭ ‬مزارات‭ ‬في‭ ‬عين‭ ‬الشمس،‭ ‬تسافر‭ ‬مع‭ ‬الغيم،‭ ‬وترقص‭ ‬مع‭ ‬المطر‭ ‬كمحمد‭ ‬جابر‭ ‬الانصاري،‭ ‬القامة‭ ‬الفكرية‭ ‬المكتنزة‭ ‬بالقناديل،‭ ‬والملا‭ ‬عطية‭ ‬الجمري‭ ‬متسللا‭ ‬لخيم‭ ‬الحسين‭ ‬ع،‭ ‬يوزع‭ ‬قصائده‭ ‬نثر‭ ‬ياسمين‭ ‬وقطع‭ ‬حلوى‭ ‬على‭ ‬يتامى‭ ‬شمس‭ ‬كربلاء،‭ ‬والشيخ‭ ‬المتقد‭ ‬ابتسامة‭ ‬حب‭ ‬على‭ ‬شفتي‭ ‬الضمير،‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالامير‭ ‬الجمري،‭ ‬وشيخ‭ ‬الدمعة‭ ‬حين‭ ‬تذرف‭ ‬من‭ ‬عيون‭ ‬منبر‭ ‬ولاء،‭ ‬الشيخ‭ ‬أحمد‭ ‬خلف‭ ‬العصفور،‭ ‬وديوان‭ ‬ابراهيم‭ ‬العريض،‭ ‬انجيل‭ ‬الشعر‭ ‬بلون‭ ‬القداس‭ ‬وأصوات‭ ‬الكنيسة،‭ ‬وجمال‭ ‬المئذنة،‭ ‬أو‭ ‬نكهة‭ ‬القلم‭ ‬يعانق‭ ‬الورق‭ ‬الجميل‭ ‬لمحمود‭ ‬المردي‭ ‬أو‭ ‬تعملق‭ ‬الحكمة‭ ‬لصناعة‭ ‬العقل،‭ ‬للشيخ‭ ‬سليمان‭ ‬المدني‭. ‬وعلى‭ ‬باب‭ ‬شقة‭ ‬الحرية،‭ ‬يقف‭ ‬نورسان‭ ‬يوزعان‭ ‬زهور‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية،‭ ‬والحب‭ ‬المفعم‭ ‬ببراءة‭ ‬المحتوى‭ ‬وعمق‭ ‬الروح‭ ‬والطيبة،‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسي‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬ال‭ ‬خليفة‭ ‬ورفيق‭ ‬روح‭ ‬الوطن،‭ ‬الفنان‭ ‬على‭ ‬الغرير‭.. ‬هي‭ ‬البحرين‭ ‬تنمو‭ ‬أشجارا‭ ‬وسطية‭ ‬تقبّل‭ ‬السماء،‭ ‬ومنتدى‭ ‬لقاء‭ ‬مطعمٍ‭ ‬بنكهة‭ ‬حب‭ ‬الوطن‭ ‬بين‭ ‬الشعب‭ ‬الواعي‭ ‬والقيادة‭ ‬الحكيمة‭ ‬لعمق‭ ‬حكمة‭ ‬ملك‭ ‬وفراسة‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬وتطلع‭ ‬نحو‭ ‬شمس‭ ‬مستقبل‭ ‬من‭ ‬استشراف‭ ‬ولي‭ ‬عهد‭.‬وذلك‭ ‬هو‭ ‬التاريخ‭ ‬أمل‭ ‬برجوع‭ ‬حقوق‭ ‬الأوقاف‭ ‬ومحاسبة‭ ‬المتجاوزين‭ ‬وإرجاع‭ ‬المال‭ ‬المتشظي‭ ‬وجعا‭. ‬هي‭ ‬الحضارة‭ ‬تكون‭ ‬جمالا‭ ‬بفولتير‭ ‬وتشايكوفيسكي‭ ‬وبودلير‭ ‬و‭ ‬فيرجينا‭ ‬وولف‭ ‬يوزعون‭ ‬الحب‭ ‬مذاقا،‭ ‬والانسانية‭ ‬قداسا،‭ ‬وحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬مزارا،‭ ‬تلقى‭ ‬عليه‭ ‬القرابين،‭ ‬والنذور‭. ‬وبين‭ ‬هؤلاء‭ ‬وهولاء‭..‬بين‭ ‬غبار‭ ‬يقتحم‭ ‬الضوء،‭ ‬ونار‭ ‬تتسلق‭ ‬سلم‭ ‬الافق،‭ ‬وشمس‭ ‬تبتلع‭ ‬النهر‭ ‬لتصادر‭ ‬اخر‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬غسق‭ ‬وغدق‭..‬بين‭ ‬طفل‭ ‬يغرق‭ ‬ووشاحٍ‭ ‬يسرق‭ ‬وخيمة‭ ‬تحرق‭ ‬ولبؤة‭ ‬جريح‭ ‬من‭ ‬الدمع‭ ‬تشرق‭ ‬و‭(‬للوقف‭) ‬كيف‭ ‬يحفظ‭ ‬وتعاد‭ ‬حقوقه‭....‬هنا‭ ‬يخرج‭ (‬قمر‭ ‬الحُزن‭ ‬الذي‭ ‬يطلعُ‭ ‬ليلاً‭ ‬من‭ ‬عيونِ‭ ‬فاطمة‭) ‬الامام‭ ‬الحسين‭ ‬ع‭ ‬يخرج‭ ‬على‭ ‬صهوة‭ ‬جواده،‭ ‬ينشد‭ ‬للخلود‭ ‬مكابرا،‭ ‬تُرسم‭ ‬اهدابه‭ ‬على‭ ‬جدار‭ ‬الكبرياء‭ ‬لوحاتٍ‭ ‬قائمة‭..‬يصافح‭ ‬مارتن‭ ‬لوثر‭ ‬و‭ ‬مانديلا،‭ ‬وفي‭ ‬عينيه‭ ‬رقية‭ ‬وسكينة،‭ ‬وكل‭ ‬القناديل‭ ‬والنجوم‭ ‬النائمة‭. ‬بين‭ ‬مأتم‭ ‬زبر‭ ‬ومأتم‭ ‬العريض‭ ‬والقصاب،‭ ‬ومدن‭ ‬ورجب‭ ‬وكل‭ ‬مآتم‭ ‬المنامة‭ ‬ومأتم‭ ‬الجفير‭ ‬ومأتم‭ ‬الحياج‭ ‬وكرزكان‭ ‬وعالي‭ ‬والسنابس‭ ‬تمتد‭ ‬المآتم‭ ‬مصافحة‭ ‬جامع‭ ‬أحمد‭ ‬الفاتح‭ ‬والمهزع‭ ‬من‭ ‬المنامة‭ ‬إلى‭ ‬الرفاع‭ ‬إلى‭ ‬المحرق‭ ‬إلى‭ ‬كرزكان‭ ‬والبديع،‭ ‬تمتد‭ ‬القلادة‭ ‬الوطنية‭ ‬الموشاة‭ ‬صياغة‭ ‬وطن‭ ‬يكبر‭ ‬بالشفافية،‭ ‬ويعظم‭ ‬بالديمقراطية،‭ ‬ويقوى‭ ‬بالرقابة‭ ‬والوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬ليكون‭ ‬الوطن‭ ‬قلب‭ ‬القلب‭ ‬ونبض‭ ‬النبض‭. ‬تلك‭ ‬هي‭ ‬لوحتي‭ ‬المشتهاة‭ ‬بأن‭ ‬تعلق‭ ‬على‭ ‬جدار‭ ‬الوطن‭ ‬كتابة‭ ‬واملا‭ ‬ومستقبلا‭. ‬هذا‭ ‬أنا،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬المُنى،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أريد‭ ‬وأتمنى‭.‬