لقطة

لماذا انقرضت الديناصورات؟!

| أحمد كريم

السؤال‭ ‬أعلاه،‭ ‬ظل‭ ‬يشغل‭ ‬فكر‭ ‬الحاج‭ ‬محمود‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬المصري‭ ‬“فوتو‭ ‬كوبي”،‭ ‬الذي‭ ‬جسد‭ ‬بطولته‭ ‬الفنان‭ ‬محمود‭ ‬حميدة؛‭ ‬إذ‭ ‬يتناول‭ ‬الفيلم‭ ‬قصة‭ ‬رجل‭ ‬متقاعد‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬الخمسينات‭ ‬من‭ ‬عمره‭ ‬يمتلك‭ ‬محلا‭ ‬لتصوير‭ ‬المستندات‭. ‬

وأثناء‭ ‬تصويره‭ ‬أحد‭ ‬البحوث‭ ‬لطالب‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬عن‭ ‬انقراض‭ ‬الديناصورات،‭ ‬يصبح‭ ‬الحاج‭ ‬محمود‭ ‬مهووسا‭ ‬بمعرفة‭ ‬السبب،‭ ‬فيضطره‭ ‬ذلك‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬الإجابة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الإنترنت‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬قد‭ ‬اكتشفه‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭!‬

ويقودنا‭ ‬الفيلم،‭ ‬الذي‭ ‬عرض‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2017‭ ‬وفاز‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الجوائز،‭ ‬إلى‭ ‬إدراك‭ ‬خطورة‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬ذات‭ ‬النهج‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نحاول‭ ‬تطوير‭ ‬معارفنا‭ ‬وقدراتنا‭ ‬لمجارات‭ ‬المتغيرات‭ ‬الحاصلة‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭.‬

وكما‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الفيلم‭ ‬أن‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬انقراض‭ ‬الديناصورات‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬التأقلم‭ ‬مع‭ ‬المتغيرات‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬الحياة‭. ‬

ويسلط‭ ‬الفيلم‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬مشكلة‭ ‬أزلية‭ ‬يعيشها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الناس،‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬فهمهم‭ ‬للحياة‭ ‬واستمرارهم‭ ‬في‭ ‬قضاء‭ ‬فترات‭ ‬عمرهم‭ ‬بطريقة‭ ‬“الفوتو‭ ‬كوبي”‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يستوعبوا‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬تتغير‭ ‬وتتطور‭ ‬وعليهم‭ ‬أن‭ ‬يواكبوا‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬حولهم‭ ‬دون‭ ‬توقف‭.‬

والديناصورات،‭ ‬كما‭ ‬نعرفها،‭ ‬مخلوقات‭ ‬عملاقة‭ ‬كانت‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬كوكب‭ ‬الأرض،‭ ‬انقرضت‭ ‬قبل‭ ‬ملايين‭ ‬السنين،‭ ‬وهي‭ ‬ترمز‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬إلى‭ ‬العقلية‭ ‬القديمة‭ ‬التي‭ ‬سيكون‭ ‬مآلها‭ ‬إلى‭ ‬زوال؛‭ ‬لعدم‭ ‬مجاراتها‭ ‬تطور‭ ‬العالم‭.‬

وببساطة‭ ‬شديدة،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نسقط‭ ‬مسمى‭ ‬الديناصورات‭ ‬على‭ ‬إدارات‭ ‬الأندية‭ ‬والاتحادات‭ ‬الرياضية‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬عقلية‭ ‬تصر‭ ‬على‭ ‬استنساخ‭ ‬الماضي‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لديها‭ ‬فكرة‭ ‬واضحة‭ ‬عن‭ ‬المستقبل‭ ‬أو‭ ‬الحاضر‭ ‬المختلف‭ ‬كليا‭ ‬عما‭ ‬عاصروه‭ ‬سابقا‭.‬

لذلك،‭ ‬فإن‭ ‬المستقبل‭ ‬يحتاج‭ ‬دوما‭ ‬إلى‭ ‬قراءة‭ ‬مختلفة‭ ‬باختلاف‭ ‬الأزمنة،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬التاريخ‭ ‬يعيد‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬فالتقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬تبقى‭ ‬لغة‭ ‬العصر،‭ ‬والتمكن‭ ‬منها‭ ‬تذكرة‭ ‬نستطيع‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬الركوب‭ ‬في‭ ‬قطار‭ ‬الحياة‭ ‬وعدم‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬محطة‭ ‬الانتظار‭ ‬أو‭ ‬متحف‭ ‬الماضي،‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عبرة،‭ ‬وليس‭ ‬نهجا‭ ‬نسير‭ ‬عليه‭. ‬

ونحن‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الثوابت،‭ ‬مثل‭ ‬المبادئ‭ ‬والأخلاقيات،‭ ‬وإنما‭ ‬عن‭ ‬المفاتيح‭ ‬التي‭ ‬نستطيع‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬التأقلم‭ ‬مع‭ ‬الحياة،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬استيعابا‭ ‬سريعا‭ ‬للمتغيرات‭ ‬بذات‭ ‬السرعة‭ ‬التي‭ ‬يسير‭ ‬عليها‭ ‬العالم،‭ ‬عبر‭ ‬معرفة‭ ‬ومتابعة‭ ‬آخر‭ ‬التطورات‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬الأصعدة‭.‬