عالم ما بعد كورونا

| د. عبدالله الحواج

كان‭ ‬واضحًا‭ ‬أن‭ ‬عالم‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا،‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬مثلما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬قبله،‭ ‬لا‭ ‬تشابه‭ ‬في‭ ‬القوانين‭ ‬والتشريعات،‭ ‬ولا‭ ‬تلاقي‭ ‬في‭ ‬الأفكار‭ ‬والتصريحات،‭ ‬ولا‭ ‬انسجام‭ ‬بين‭ ‬التواريخ‭ ‬السابقة‭ ‬والأخرى‭ ‬اللاحقة‭.‬

مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬الماضي‭ ‬الذي‭ ‬انعقد‭ ‬بتقنية‭ ‬الاتصال‭ ‬المرئي‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬وترأسه‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬أدرك‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬مثلما‭ ‬كان‭ ‬يدركها‭ ‬بحكمة‭ ‬متناهية‭ ‬في‭ ‬الإباحة‭ ‬والإتاحة،‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬والاهتمام‭ ‬بشؤون‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن،‭ ‬بشجون‭ ‬أمة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وسجايا‭ ‬كوننا‭ ‬المشتعل‭ ‬أوبئةً‭ ‬ومؤامرات‭ ‬واعتداءات‭ ‬على‭ ‬الثوابت‭ ‬والمواثيق‭.‬

الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬طوال‭ ‬مجالسه‭ ‬العتيدة‭ ‬المتلاحقة‭ ‬وخلال‭ ‬جلسات‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬الجائحة‭ ‬الفيروسية‭ ‬الغامضة،‭ ‬أشاد‭ ‬بقدرة‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬تفاعلها‭ ‬مع‭ ‬توجيهات‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬وعلى‭ ‬الخطوات‭ ‬الاستباقية‭ ‬الرائدة‭ ‬لتعامل‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬نائب‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬مع‭ ‬هجمة‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬تمامًا‭ ‬مثلما‭ ‬أشاد‭ ‬بالآلية‭ ‬التي‭ ‬اعتمدتها‭ ‬اللجنة‭ ‬التنسيقية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬لجم‭ ‬الفيروس،‭ ‬وتطويق‭ ‬مصادر‭ ‬انتشاره،‭ ‬وتخفيف‭ ‬حدة‭ ‬تداعياته‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬المصابين‭ ‬فحسب‭ ‬إنما‭ ‬على‭ ‬القطاعات‭ ‬التي‭ ‬تراجعت،‭ ‬والأنشطة‭ ‬التي‭ ‬أُضيرت،‭ ‬والمناطق‭ ‬التي‭ ‬تأثرت‭ ‬أيضًا‭.‬

ولأن‭ ‬عالم‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا‭ ‬لن‭ ‬يلتقي‭ ‬أبدًا‭ ‬بما‭ ‬كان‭ ‬قبل‭ ‬كورونا،‭ ‬فإن‭ ‬سمو‭ ‬الرئيس‭ ‬القائد‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬قد‭ ‬سمح‭ ‬في‭ ‬قرارات‭ ‬استباقية‭ ‬عدة‭ ‬بضرورة‭ ‬تحويل‭ ‬الأندية‭ ‬والمنشآت‭ ‬الرياضية‭ ‬إلى‭ ‬شركات،‭ ‬أو‭ ‬السماح‭ ‬لها‭ ‬بتأسيس‭ ‬شركات،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬سيوفر‭ ‬لها‭ ‬قواعد‭ ‬تمويلية‭ ‬تعتمد‭ ‬الربحية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الدور‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬تهيئة‭ ‬الشباب‭ ‬والارتقاء‭ ‬بالرياضات‭ ‬التي‭ ‬يتقنونها‭ ‬والألعاب‭ ‬التي‭ ‬يتفوقون‭ ‬فيها‭.‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬تم‭ ‬تمديد‭ ‬مظلة‭ ‬التأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لتشمل‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭ ‬وعائلته‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬المنشأة‭ ‬نزولًا‭ ‬إلى‭ ‬رغبة‭ ‬الكثيرين‭ ‬في‭ ‬ضرورة‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الإنسانية‭ ‬لهذا‭ ‬القطاع‭ ‬الذي‭ ‬ظل‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬غياب‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬لسنوات‭ ‬بعيدة‭ ‬مضت‭.‬

يبقى‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬معاملة‭ ‬جميع‭ ‬المقترضين‭ ‬من‭ ‬البنوك‭ ‬بالمثل،‭ ‬المتعثرين‭ ‬والمنتظمين‭ ‬منهم،‭ ‬لأن‭ ‬توجيه‭ ‬القيادة‭ ‬كان‭ ‬واضحًا‭ ‬لا‭ ‬لبس‭ ‬فيه‭ ‬ويقوم‭ ‬على‭ ‬تأجيل‭ ‬دفع‭ ‬الأقساط‭ ‬الشهرية‭ ‬للقروض‭ ‬المستحقة‭ ‬عليهم‭ ‬لمدة‭ ‬ستة‭ ‬شهور‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬فوائد،‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬القرار‭ ‬ينسحب‭ ‬على‭ ‬المنتظمين‭ ‬والذين‭ ‬لا‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬مشكلات‭ ‬سابقة‭ ‬لكنهم‭ ‬تأثروا‭ ‬فقط‭ ‬بظروف‭ ‬كورونا،‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بالذين‭ ‬أصابهم‭ ‬التعثر‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬كورونا،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬إصابتهم‭ ‬تأتي‭ ‬مضاعفة،‭ ‬لأن‭ ‬كورونا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بردًا‭ ‬وسلامًا‭ ‬على‭ ‬المنتظمين‭ ‬لكنه‭ ‬جاء‭ ‬بردًا‭ ‬وسلامًا‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬المعسرين‭.‬

العدالة‭ ‬الناجزة،‭ ‬والتوازن‭ ‬النوعي‭ ‬في‭ ‬تحقيقها‭ ‬يدفعنا‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬التقيد‭ ‬بالتفسير‭ ‬الشامل‭ ‬للتوجيهات‭ ‬السامية‭ ‬الحكيمة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تفرق‭ ‬بين‭ ‬مواطن‭ ‬وآخر،‭ ‬فالجميع‭ ‬تحت‭ ‬كارثة‭ ‬الجائحة‭ ‬الكونية‭ ‬سواسية،‭ ‬متعثرين‭ ‬أو‭ ‬متعسرين‭ ‬أو‭ ‬منتظمين‭ ‬سابقين،‭ ‬والله‭ ‬الموفق‭ ‬والمستعان‭.‬