التقاعد... مرة أخرى (2)

| زهير توفيقي

راحة‭ ‬البال‭ ‬من‭ ‬الضغوطات‭ ‬والمسؤوليات‭ ‬والتوترات‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬“تسوى‭ ‬مليون‭ ‬جنيه”،‭ ‬وهذه‭ ‬بحد‭ ‬ذاتها‭ ‬أهم‭ ‬إيجابية‭ ‬وإن‭ ‬جاءت‭ ‬متأخرة،‭ ‬وتملك‭ ‬الحرية‭ ‬والقرار‭ ‬لتقرر‭ ‬متى‭ ‬وأين‭ ‬تسافر،‭ ‬وتقرأ‭ ‬وتكتب‭ ‬وتتابع‭ ‬أمورك‭ ‬الشخصية‭ ‬باستمتاع‭ ‬شديد،‭ ‬وتتواصل‭ ‬مع‭ ‬الأهل‭ ‬والأصدقاء،‭ ‬وتتلذذ‭ ‬بالأكل‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬وخارجه‭ ‬بدون‭ ‬قيود،‭ ‬وحتى‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬الزي‭ ‬الرسمي‭ ‬يعتبر‭ ‬منفسا‭ ‬مهمًا‭ ‬كنا‭ ‬نفتقده‭.‬

والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬هو‭ ‬تحررنا‭ ‬من‭ ‬المجاملات‭ ‬والبقاء‭ ‬مع‭ ‬الأصدقاء‭ ‬الحقيقيين‭ ‬فقط‭ ‬لا‭ ‬أصحاب‭ ‬المصالح‭ ‬عند‭ ‬اكتشافنا‭ ‬معادن‭ ‬الناس،‭ ‬لي‭ ‬صاحب‭ ‬عمره‭ ‬‮٤٠‬‭ ‬عاما‭ ‬وهو‭ ‬تبارك‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬صحة‭ ‬ونشاط‭ ‬وعافية‭ ‬ولكنه‭ ‬لا‭ ‬يمارس‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬الرياضة‭ ‬ليس‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يرغب‭ ‬بذلك،‭ ‬بل‭ ‬بسبب‭ ‬انشغاله‭ ‬الشديد‭ ‬بعمله‭ ‬كما‭ ‬كنت‭ ‬أنا‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬عمره،‭ ‬يقول‭ ‬المثل‭ ‬الإنجليزي‭ (‬الحياة‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬الأربعين‭) ‬وهذا‭ ‬المثل‭ ‬بصراحة‭ ‬لا‭ ‬يقدره‭ ‬أو‭ ‬يقتنع‭ ‬به‭ ‬إلا‭ ‬حين‭ ‬يصل‭ ‬به‭ ‬العمر،‭ ‬نصيحتي‭ ‬كانت‭ ‬له‭ (‬أي‭ ‬صاحبي‭) ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يهمل‭ ‬الجانب‭ ‬الصحي‭ ‬من‭ ‬حياته‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬أنا‭ ‬ونادم‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬مهما‭ ‬حصلت‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬ظروف‭ ‬عمل‭ ‬والتزامات‭ ‬عملية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وعائلية،‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬نهمل‭ ‬صحتنا،‭ ‬فالصحة‭ ‬تاج‭ ‬فوق‭ ‬رؤوس‭ ‬الأصحاء‭ ‬لا‭ ‬يراها‭ ‬إلا‭ ‬المرضى‭. ‬

اليوم‭ ‬أنا‭ ‬أدفع‭ ‬الثمن‭ ‬غاليًا‭ ‬بسبب‭ ‬هذا‭ ‬الإهمال‭ ‬وأعاني‭ ‬من‭ ‬أمراض‭ ‬مزمنة‭ ‬مثل‭ ‬السكري‭ ‬والضغط‭ ‬والكوليسترول‭ ‬ومن‭ ‬باب‭ ‬المداعبة‭ ‬أعطيتهم‭ ‬اسم‭ (‬الثلاثي‭ ‬المرح‭).‬

أتمنى‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬قلبي‭ ‬الأخذ‭ ‬بنصيحتي،‭ ‬وكما‭ ‬يقول‭ ‬المثل‭ (‬اسأل‭ ‬مجرب‭ ‬ولا‭ ‬تسأل‭ ‬طبيب‭). ‬ربي‭ ‬يحفظكم‭ ‬ويسبغ‭ ‬عليكم‭ ‬ثياب‭ ‬الصحة‭ ‬والسعادة‭ ‬وطول‭ ‬العمر،‭ ‬وللمقدمين‭ ‬على‭ ‬التقاعد‭ ‬أقول‭ ‬توكلوا‭ ‬على‭ ‬الله،‭ ‬والأيام‭ ‬الجميلة‭ ‬ستعيشونها‭ ‬بعد‭ ‬التقاعد‭. ‬وكل‭ ‬عام‭ ‬والجميع‭ ‬بألف‭ ‬خير‭ ‬وصحة‭ ‬وسلامة‭.‬