فخ الهزيمة

| رضي السماك

53‭ ‬عاماً‭ ‬على‭ ‬حرب‭ ‬يونيو‭ ‬1967‭ ‬التي‭ ‬انتهت‭ ‬بهزيمة‭ ‬3‭ ‬جيوش‭ ‬عربية،‭ ‬مصر‭ ‬وسوريا‭ ‬والأردن،‭ ‬أمام‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وتمخضت‭ ‬عن‭ ‬احتلاله‭ ‬سيناء‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬تحت‭ ‬الإدارة‭ ‬المصرية،‭ ‬والجولان‭ ‬السوري،‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬عهدة‭ ‬الأردن‭. ‬عملياً‭ ‬حُسمت‭ ‬الحرب‭ ‬لصالح‭ ‬إسرائيل‭ ‬قبيل‭ ‬ظهيرة‭ ‬يومها‭ ‬الأول‭ ‬بعد‭ ‬تمكن‭ ‬سلاحها‭ ‬الجوي‭ ‬من‭ ‬تدمير‭ ‬80‭ % ‬من‭ ‬المقاتلات‭ ‬المصرية‭ ‬وهي‭ ‬رابضة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.‬

ورغم‭ ‬مضي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬على‭ ‬الهزيمة‭ ‬مازالت‭ ‬مفاعيلها‭ ‬تتواصل‭ ‬لتلقي‭ ‬بظلال‭ ‬كئيبة‭ ‬وتداعيات‭ ‬غامضة‭ ‬حول‭ ‬مستقبل‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬والقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬خصوصاً،‭ ‬حيث‭ ‬تعاظمت‭ ‬مكاسب‭ ‬العدو‭ ‬منها‭ ‬بصورة‭ ‬لا‭ ‬سابق‭ ‬لها‭ ‬منذ‭ ‬وعد‭ ‬بلفور‭ ‬1917‭. ‬والحال‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عبدالناصر‭ ‬جاداً‭ ‬لخوض‭ ‬حرب‭ ‬غير‭ ‬متكافئة‭ ‬لولا‭ ‬أنه‭ ‬اُستدرج‭ ‬إليها‭ ‬وعجز‭ ‬عن‭ ‬تفادي‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬فخها؛‭ ‬ادعت‭ ‬سوريا‭ ‬التي‭ ‬تربطها‭ ‬معاهدة‭ ‬دفاع‭ ‬مشترك‭ ‬مع‭ ‬مصر‭ ‬وجود‭ ‬حشود‭ ‬إسرائيلية‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬الأولى،‭ ‬وتبيّن‭ ‬بعدئذ‭ ‬أنها‭ ‬حشود‭ ‬عادية،‭ ‬وعاد‭ ‬“خايب‭ ‬الرجا”‭ ‬شمس‭ ‬بدران‭ ‬وزير‭ ‬الحربية‭ ‬من‭ ‬زيارة‭ ‬له‭ ‬لموسكو‭ ‬بخفي‭ ‬حنين‭ ‬وادعى‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬وعد‭ ‬بوقوفها‭ ‬عسكرياً‭ ‬مع‭ ‬القاهرة،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬وهماً‭ ‬نسجه‭ ‬خياله،‭ ‬ووثق‭ ‬ناصر‭ ‬في‭ ‬ادعاء‭ ‬صديقه‭ ‬المشير‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬مستعد‭ ‬لخوض‭ ‬الحرب‭ ‬وسيحسمها‭ ‬لصالحه‭ ‬فصدقه‭! ‬مع‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬“الصديق”‭ ‬كان‭ ‬رمزاً‭ ‬لفساد‭ ‬قيادة‭ ‬الجيش‭ ‬وبطلاً‭ ‬لهزيمة‭ ‬حرب‭ ‬1956‭ ‬رغم‭ ‬خروج‭ ‬ناصر‭ ‬منها‭ ‬منتصراً‭ ‬سياسياً،‭ ‬ثم‭ ‬فشل‭ ‬المشير‭ ‬بعدئذ‭ ‬في‭ ‬إحباط‭ ‬الانقلاب‭ ‬على‭ ‬الوحدة‭ ‬في‭ ‬1961‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬مهده‭ ‬حيث‭ ‬خطط‭ ‬له‭ ‬مدير‭ ‬مكتبه‭ ‬في‭ ‬دمشق‭ ‬عبدالكريم‭ ‬النحلاوي‭.‬

وأخيراً‭ ‬وصف‭ ‬ناصر‭ ‬“المقاومة‭ ‬الفلسطينية”‭ ‬بأنها‭ ‬أنبل‭ ‬ظاهرة‭ ‬جاءت‭ ‬بعد‭ ‬الهزيمة؛‭ ‬لكن‭ ‬قيادتها‭ ‬كانت‭ ‬ومازالت‭ ‬للأسف‭ ‬مخيبة‭ ‬للآمال‭ ‬في‭ ‬تمثيل‭ ‬وقيادة‭ ‬شعبها‭.‬