التقاعد... مرة أخرى (1)

| زهير توفيقي

صادف‭ ‬تاريخ‭ ‬‮١‬‭ ‬يونيو‭ ‬الجاري‭ ‬مرور‭ ‬عام‭ ‬بالتمام‭ ‬والكمال‭ ‬على‭ ‬تقاعدي‭ ‬من‭ ‬عملي‭ ‬المتواصل‭ ‬الذي‭ ‬استمر‭ ‬37‭ ‬عاما،‭ ‬وإذا‭ ‬رجعنا‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬قليلا‭ ‬فأذكر‭ ‬أنني‭ ‬كتبت‭ ‬مقالا‭ ‬بعد‭ ‬شهر‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬التقاعد‭ ‬وتجربتي‭ ‬الجميلة‭ ‬وإيجابياته‭ ‬الجمة،‭ ‬وقد‭ ‬اختلف‭ ‬معي‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬القراء‭ ‬والأصدقاء‭ ‬فيما‭ ‬ذكرته‭ ‬في‭ ‬المقال‭ ‬لسبب‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الفترة‭  - ‬شهر‭ ‬واحد‭ - ‬تعتبر‭ ‬قصيرة‭ ‬جدًا‭ ‬للحكم‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬الحديثة،‭ ‬إذ‭ ‬علق‭ ‬أحدهم‭ ‬بقوله‭ (‬اعتبره‭ ‬شهر‭ ‬عسل‭)! ‬وأنا‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬احترمت‭ ‬وجهة‭ ‬نظرهم‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬كنت‭ ‬واثقًا‭ ‬بأن‭ ‬الكلام‭ ‬سيكون‭ ‬ذاته‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬بعد‭ ‬عام‭. ‬وها‭ ‬أنا‭ ‬اليوم‭ ‬أكتب‭ ‬لكم‭ ‬للتأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬التقاعدية‭ ‬رائعة،‭ ‬بل‭ ‬رائعة‭ ‬جدًا‭ ‬وفيها‭ ‬من‭ ‬الإيجابيات‭ ‬الكثير‭.‬

أذكر‭ ‬أنني‭ ‬التقيت‭ ‬الأخ‭ ‬الدكتور‭ ‬مصطفى‭ ‬السيد‭ - ‬ومن‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬الرائعة‭ - ‬في‭ ‬أحد‭ ‬مجالس‭ ‬العزاء‭ ‬بعد‭ ‬تقاعدي‭ ‬مباشرة،‭ ‬وطلب‭ ‬مني‭ ‬أن‭ ‬أكتب‭ ‬مقالا‭ ‬عن‭ ‬تجربتي‭ ‬مع‭ ‬التقاعد،‭ ‬وكنت‭ ‬قد‭ ‬تشرفت‭ ‬بالعمل‭ ‬تحت‭ ‬قيادته‭ ‬لمدة‭ ‬‮١٦‬‭ ‬عاما‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬جيبك‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬حينها‭ ‬مديرا‭ ‬عاما‭ ‬للشركة،‭ ‬ولا‭ ‬أريد‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬أذكر‭ ‬محاسن‭ ‬ومناقب‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬يعرفه‭ ‬الصغير‭ ‬قبل‭ ‬الكبير‭ ‬وشهادتي‭ ‬فيه‭ ‬مجروحة،‭ ‬ولو‭ ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬أذكرها‭ ‬هنا‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬المساحة‭ ‬المحدودة‭ ‬جدًا‭ ‬أكون‭ ‬قد‭ ‬ظلمته‭ ‬وأبخست‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الإنجازات‭ ‬التي‭ ‬حققها‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬جيبك‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مواقع‭ ‬عمله‭ ‬وبشهادة‭ ‬الجميع‭.‬

وعودة‭ ‬إلى‭ ‬موضوع‭ ‬المقال،‭ ‬أدركت‭ ‬جيدًا‭ ‬أن‭ ‬حياة‭ ‬التقاعد‭ ‬جميلة‭ ‬وممتعة‭ ‬شريطة‭ ‬استغلالها‭ ‬بالطرق‭ ‬المثلى،‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬فاتتنا‭ ‬ونحن‭ ‬منهمكون‭ ‬في‭ ‬عجلة‭ ‬ودوامة‭ ‬العمل‭ ‬الروتيني‭ ‬والغرق‭ ‬في‭ ‬المسؤوليات‭ ‬والضغوطات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬أحيانًا‭ ‬مبالغة‭ ‬وتسببت‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمراض‭ ‬المزمنة‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬الشديد‭. ‬رتم‭ ‬الحياة‭ ‬أصبح‭ ‬سريعًا‭ ‬وهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬تود‭ ‬أن‭ ‬تنجزها،‭ ‬كنا‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬لا‭ ‬نستمتع‭ ‬بإنجاز‭ ‬أعمالنا‭ ‬بأنفسنا‭ ‬بسبب‭ ‬انشغالنا‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬لكن‭ ‬الآن‭ ‬نقوم‭ ‬بها‭ ‬بأنفسنا‭ ‬وبمتعة‭ ‬وكذلك‭ ‬لكسب‭ ‬خبرة‭ ‬إضافية‭.‬