ياسمينيات

“فشلتونا”!

| ياسمين خلف

مشهد‭ ‬صادم‭ ‬ذاك‭ ‬الذي‭ ‬تناقلته‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬السواحل‭ ‬والشواطئ‭.. ‬منهم‭ ‬من‭ ‬يسبح،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬امتطى‭ ‬قاربه‭ ‬المطاطي‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬افترش‭ ‬الرمال‭! ‬في‭ ‬مشهدٍ‭ ‬أقرب‭ ‬للمهرجانات‭ ‬المائية‭ ‬منه‭ ‬من‭ ‬مشهد‭ ‬كنا‭ ‬نتوقعه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الحجر‭ ‬المنزلي‭! ‬ضاربين‭ ‬عرض‭ ‬الحائط‭ ‬كل‭ ‬إرشادات‭ ‬وتعليمات‭ ‬الفريق‭ ‬الوطني‭ ‬لمكافحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ (‬كوفيد‭ ‬19‭)‬،‭ ‬في‭ ‬تصرف‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نصفه‭ ‬بأنه‭ ‬أرعن،‭ ‬ومستهتر‭ ‬وغير‭ ‬مسؤول،‭ ‬قد‭ ‬يعرض‭ ‬الآلاف‭ ‬لخطر‭ ‬انتقال‭ ‬الفيروس‭ ‬والتسبب‭ ‬في‭ ‬كارثة‭ ‬لا‭ ‬تحمد‭ ‬عقباها‭.‬

الشلل‭ ‬شبه‭ ‬الكامل‭ ‬للحياة،‭ ‬من‭ ‬توقف‭ ‬المدارس‭ ‬والجامعات،‭ ‬وإغلاق‭ ‬دور‭ ‬العبادة،‭ ‬والمطاعم‭ ‬والنوادي‭ ‬الصحية،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬لمنع‭ ‬انتشار‭ ‬الفيروس،‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬جميعاً‭ ‬ستذهب‭ ‬هباءً‭ ‬منثورا،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬من‭ ‬يستخف‭ ‬بالوضع،‭ ‬ويتحدى‭ ‬كل‭ ‬الإجراءات‭ ‬في‭ ‬تصرف‭ ‬أناني،‭ ‬يجد‭ ‬من‭ ‬متعته‭ ‬الوقتية‭ ‬أهم‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬صحة‭ ‬الناس‭ ‬وحياتهم‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬تحت‭ ‬المحك‭ ‬فيما‭ ‬لو‭ ‬أصيبوا‭ ‬بالفيروس‭ ‬ولم‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬مقاومته‭. ‬

مازالت‭ ‬فئة‭ ‬غير‭ ‬قليلة‭ ‬للأسف‭ ‬تتزاور‭ ‬وراء‭ ‬الأعين،‭ ‬شباب‭ ‬يلتقون‭ ‬بأصحابهم،‭ ‬عوائل‭ ‬تجتمع‭ ‬حول‭ ‬غداء‭ ‬الجمعة،‭ ‬آخرون‭ ‬يقدمون‭ ‬واجب‭ ‬العزاء‭ ‬وجهاً‭ ‬لوجه،‭ ‬والنتيجة؟‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬الحالات‭ ‬المصابة،‭ ‬والضغط‭ ‬على‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭. ‬لا‭ ‬ننكر‭ ‬حُسن‭ ‬نواياهم،‭ ‬لكنهم‭ ‬بالنهاية‭ ‬كانوا‭ ‬سبباً‭ ‬لانتقال‭ ‬الوباء،‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬الحد‭ ‬منه‭ ‬لو‭ ‬التزموا‭ ‬بيوتهم‭.‬

البعض‭ ‬يجد‭ ‬من‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬أو‭ ‬الحجر‭ ‬المنزلي‭ ‬مصيبة‭ ‬وكارثة،‭ ‬ولا‭ ‬يعلم‭ ‬أنهما‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يشعرون‭ ‬به‭ ‬لو‭ ‬أجبرت‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬الحظر‭ ‬الشامل،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تفقد‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬الالتزام‭ ‬المسؤول‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين،‭ ‬حينها‭ ‬فقط‭ ‬سيشعرون‭ ‬بالنعمة‭ ‬التي‭ ‬يتمتعون‭ ‬بها‭ ‬حالياً‭ ‬والتي‭ ‬بغرور‭ ‬يكسرونها‭ ‬بتصرفات‭ ‬سيدفعون‭ ‬ثمنها‭ ‬هم‭ ‬ومن‭ ‬يحبون‭ ‬قبل‭ ‬غيرهم‭.‬

شعار‭ ‬“مجتمع‭ ‬واعي”‭ ‬الذي‭ ‬رفعته‭ ‬المملكة،‭ ‬وكنا‭ ‬نفاخر‭ ‬به،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الفئة‭ ‬المستهترة‭ ‬قد‭ ‬شوهته‭ ‬للأسف‭ ‬بتصرفاتها‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬لهم‭ ‬حيالها،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬النائب‭ ‬السابق‭ ‬علي‭ ‬شمطوط‭: ‬“فشلتونا‭ ‬والله‭ ‬فشلتونا”‭.‬

 

ياسمينة‭:

‬لن‭ ‬نتخلص‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬طالما‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬فئة‭ ‬غير‭ ‬مسؤولة‭.‬