ضم الأغوار وشمال البحر الميت

| عبدعلي الغسرة

تصول‭ ‬وتجول‭ ‬الحكومة‭ ‬الصهيونية‭ ‬لضم‭ ‬الأغوار‭ ‬وشمال‭ ‬البحر‭ ‬الميت‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬اغتصابه‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬شهر‭ ‬يوليو‭ ‬2020م،‭ ‬وقد‭ ‬صدرت‭ ‬ردود‭ ‬أفعال‭ ‬عربية‭ ‬وأوروبية‭ ‬وإقليمية‭ ‬ضد‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تجعل‭ ‬الصهاينة‭  ‬يتخلون‭ ‬عن‭ ‬قرارهم‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مجابهة‭ ‬فيروس‭ ‬“كوفيد‭ ‬19”‭ ‬الذي‭ ‬استشرى‭ ‬بقوة‭ ‬بين‭ ‬الصهاينة،‭ ‬ويأتي‭ ‬قرار‭ ‬الصهاينة‭ ‬بهذا‭ ‬الضم‭ ‬مُستفيدًا‭ ‬من‭ ‬تبعات‭ ‬ضم‭ ‬القدس‭ ‬وقبلها‭ ‬الجولان‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬حقائق‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الاعتراضات‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬وبمباركة‭ ‬أميركية‭ ‬وأوروبية‭.‬

اعتمد‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬منذ‭ ‬اغتصابه‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬1948م‭ ‬على‭ ‬قضم‭ ‬أراضي‭ ‬فلسطين‭ ‬قطعة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى‭ ‬بقوة‭ ‬السلاح‭ ‬وإبعاد‭ ‬أهلها‭ ‬قتلا‭ ‬وتشريدا‭ ‬وسجنا،‭ ‬معتمدًا‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬مواقف‭ ‬الرفض‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تقف‭ ‬حائلًا‭ ‬دون‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭. ‬ويسجل‭ ‬التاريخ‭ ‬أن‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬لم‭ ‬ينفذ‭ ‬أي‭ ‬قرار‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحقوق‭ ‬المشروعة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والعربي،‭ ‬وينجو‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬قرار‭ ‬يُدينه‭ ‬بفضل‭ ‬حق‭ ‬“الفيتو”‭ ‬الأميركي،‭ ‬ويتخذ‭ ‬المسؤولون‭ ‬الصهاينة‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القرارات‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬الانتخابات‭ ‬لكسب‭ ‬أصوات‭ ‬الناخبين‭.‬

وتبدأ‭ ‬منطقة‭ ‬غور‭ ‬الأردن‭ ‬من‭ ‬بحيرة‭ ‬طبريا‭ ‬في‭ ‬الشمال‭ ‬وحتى‭ ‬البحر‭ ‬الميت،‭ ‬ويُسيطر‭ ‬الصهاينة‭ ‬على‭ ‬الجزء‭ ‬الواقع‭ ‬على‭ ‬البحر‭ ‬الميت‭ ‬وحتى‭ ‬نهايته‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭. ‬إن‭ ‬استيلاء‭ ‬الصهاينة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأراضي‭ ‬يُحقق‭ ‬لهم‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأهداف‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والعسكرية،‭ ‬منها‭ ‬منع‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬وتكمن‭ ‬أهمية‭ ‬منطقة‭ ‬الأغوار‭ ‬وشمال‭ ‬البحر‭ ‬الميت‭ ‬في‭ ‬أنها‭ ‬محاذية‭ ‬للحدود‭ ‬الأردنية،‭ ‬وأن‭ ‬أراضيها‭ ‬صالحة‭ ‬للزراعة‭ ‬وتوليد‭ ‬الطاقة،‭ ‬ويستخدمها‭ ‬الصهاينة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عملياتهم‭ ‬العسكرية،‭ ‬وتتمتع‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬انتشرت‭ ‬فيها‭ ‬المستوطنات‭ ‬الصهيونية‭ ‬بجذب‭ ‬سياحي‭ ‬ومخزون‭ ‬من‭ ‬الملح‭ ‬والمياه‭ ‬والمعادن‭ ‬الكثيرة‭.‬

 

إن‭ ‬السياسة‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬قضم‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬والأراضي‭ ‬العربية‭ ‬لن‭ ‬توقفها‭ ‬سياسة‭ ‬الإعلام‭ ‬العربي‭ ‬ولا‭ ‬تنديدات‭ ‬وشجب‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬ولا‭ ‬قرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومجلس‭ ‬أمنها،‭ ‬ما‭ ‬يوقف‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬موقف‭ ‬عربي‭ ‬قومي‭ ‬موحد‭ ‬يكون‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬إرجاع‭ ‬الحق‭ ‬لأهله‭.‬