الاقتصاد الأزرق والاستفادة من الموارد

| رائد البصري

يشير‭ ‬مصطلح‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأزرق‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬يعني‭ ‬الإدارة‭ ‬الجيدة‭ ‬للموارد‭ ‬المائية‭ ‬وحماية‭ ‬البحار‭ ‬والمحيطات‭ ‬بشكل‭ ‬مستدام‭ ‬للحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭.‬

وتعود‭ ‬تسمية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأزرق‭ ‬إلى‭ ‬رجل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البلجيكي‭ ‬غنتر‭ ‬بأولي،‭ ‬في‭ ‬إعقاب‭ ‬مؤتمر‭ ‬“ريو‭ ‬20”‭ ‬العام‭ ‬2012‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬بيئة‭ ‬مائية‭ ‬مستدامة‭.‬

ويعمل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأزرق‭ ‬كمحفز‭ ‬لتطوير‭ ‬السياسات‭ ‬والاستثمار‭ ‬والابتكار‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الأمن‭ ‬الغدائي،‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬الفقر‭ ‬والبطالة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬استدامة‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭. ‬وتقدر‭ ‬أهمية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأزرق‭ ‬لأسباب‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬أهمها‭: ‬

 

ترتبط‭ ‬350‭ ‬مليون‭ ‬وظيفة‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬بصيد‭ ‬الأسماك‭ ‬وتعد‭ ‬الزراعة‭ ‬المائية‭ ‬أسرع‭ ‬القطاعات‭ ‬الغذائية‭ ‬نموا،‭ ‬وتوفير‭ ‬نحو‭ ‬50‭ % ‬من‭ ‬الأسماك‭ ‬المخصصة‭ ‬للاستهلاك‭ ‬البشري‭.‬

تشير‭ ‬التقديرات‭ ‬إلى‭ ‬إن‭ ‬نحو‭ ‬34‭ % ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬سيأتي‭ ‬من‭ ‬الحقول‭ ‬البحرية‭ ‬بحلول‭ ‬2025‭.‬

هناك‭ ‬نحو‭ ‬48‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬محاطة‭ ‬بالكامل‭ ‬بدولة‭ ‬واحدة‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬دولة،‭ ‬ولا‭ ‬تطل‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬مصدر‭ ‬مائي،‭ ‬مما‭ ‬يقلل‭ ‬فرصها‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬وسائل‭ ‬نقل‭ ‬أقل‭ ‬تكلفة‭.‬

تقر‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لقانون‭ ‬البحار‭ ‬1982،‭ ‬بحق‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬ساحلية‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ساحلية،‭ ‬أن‭ ‬تبحر‭ ‬سفنها‭ ‬رافعة‭ ‬علمها‭.‬

وفي‭ ‬البحرين‭ ‬بدأت‭ ‬وزارة‭ ‬الأشغال‭ ‬وشؤون‭ ‬البلدية‭ ‬والتخطيط‭ ‬العمراني‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬الحاضنات‭ ‬السمكية‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬الوطني‭ ‬للاستزراع‭ ‬البحري‭ ‬في‭ ‬رأس‭ ‬حيان،‭ ‬والهدف‭ ‬من‭ ‬المشروع‭ ‬هو‭ ‬توفير‭ ‬التدريب‭ ‬وتهيئة‭ ‬بيئة‭ ‬عمل‭ ‬مناسبة‭ ‬لعدد‭ ‬10‭ ‬من‭ ‬رواد‭ ‬الأعمال،‭ ‬ومنحهم‭ ‬مساحة‭ ‬تقدر‭ ‬بنحو‭ ‬2000‭ ‬متر‭ ‬مربع،‭ ‬وعدد‭ ‬40‭ ‬حوضا‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تدريب‭ ‬عمالهم‭ ‬على‭ ‬سبل‭ ‬نمو‭ ‬الأسماك‭ ‬ومساعدتها‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬فترة‭ ‬الصيف‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬فترة‭ ‬صعبة،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬المشروع‭ ‬ليضم‭ ‬عدد‭ ‬20‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الأعمال،‭ ‬والهدف‭ ‬هو‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الغدائي‭ ‬المستدام‭.‬

الخلاصة‭ ‬نحن‭ ‬شعوب‭ ‬الجزر‭ ‬التي‭ ‬عاشت‭ ‬وتربت‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬البحر،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬وزارة‭ ‬الأشغال‭ ‬بصب‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬مجاريها‭ ‬ويعتبر‭ ‬خطوة‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح‭ ‬ولو‭ ‬جاءت‭ ‬متأخرة،‭ ‬والأهم‭ ‬أن‭ ‬مزارع‭ ‬الأسماك‭ ‬تنتج‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬وإنعاش‭ ‬الأسواق‭ ‬المحلية‭. ‬

وإن‭ ‬ردم‭ ‬سواحلنا‭ ‬وثروتها‭ ‬البحرية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬التمدد‭ ‬العمراني‭ ‬أثر‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬البحرية‭ ‬خصوصا‭ ‬أصناف‭ ‬الأسماك،‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬أسماك‭ ‬الهامور،‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬وجوده‭ ‬على‭ ‬المائدة‭ ‬البحرينية‭ ‬نادرا‭ ‬ومكلفا‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت،‭ ‬ونشاهد‭ ‬سمك‭ ‬الصافي‭ ‬الذي‭ ‬وصل‭ ‬سعره‭ ‬5‭ ‬دينار‭ ‬للكيلو‭ ‬في‭ ‬الفترات‭ ‬السابقة‭.‬

وهل‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬نخلد‭ ‬موروثنا‭ ‬البحري‭ ‬والغدائي،‭ ‬بإقامة‭ ‬نصب‭ ‬تذكارية‭ ‬للأسماك‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬أثرا‭ ‬بعد‭ ‬عين‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬وطرقات‭ ‬ومناطق،‭ ‬بعد‭ ‬تلاشيها‭ ‬بسبب‭ ‬العوامل‭ ‬المذكورة،‭ ‬أم‭ ‬المطلوب‭ ‬من‭ ‬الصيادين‭ ‬الالتزام‭ ‬بمواعيد‭ ‬حظر‭ ‬الصيد،‭ ‬وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الرسمي‭ ‬التوجه‭ ‬نحو‭ ‬تبني‭ ‬المشاريع‭ ‬البرمائية‭ ‬من‭ ‬إنشاء‭ ‬المدن‭ ‬الحديثة‭ ‬والعمل؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعادة‭ ‬الحيوية‭ ‬لمياهنا‭ ‬الراكدة‭ ‬حماية‭ ‬لأمننا‭ ‬الغدائي‭ ‬واستدامته‭ ‬للأجيال‭ ‬القادمة‭.‬

والسؤال‭ ‬المطروح‭ ‬هل‭ ‬استفدنا‭ ‬من‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأزرق‭ ‬خصوصا‭ ‬نحن‭ ‬شعوب‭ ‬الجزر؟‭ ‬وما‭ ‬دور‭ ‬جمعية‭ ‬الصيادين‭ ‬البحرينية‭ ‬من‭ ‬حصيلة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأزرق؟‭ ‬وهل‭ ‬نشهد‭ ‬تطويرا‭ ‬حقيقيا‭ ‬لخليج‭ ‬توبلي‭ ‬وانتشاله‭ ‬من‭ ‬حالته‭ ‬البيئية‭ ‬المدمرة‭ ‬أم‭ ‬سيكون‭ ‬مثل‭ ‬العيون‭ ‬الجوفية‭ ‬التي‭ ‬رحلت‭ ‬عنا‭ ‬بلا‭ ‬رجعة؟

‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأزرق‭ ‬يوفر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬الاستثمارية‭ ‬والسياحية‭ ‬الجذابة‭.‬