قهوة الصباح

استجواب إدارة الأوقاف الجعفرية

| سيد ضياء الموسوي

إن‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬الجديد‭ ‬مطالب‭ ‬اليوم‭ ‬قبل‭ ‬غد‭ ‬أن‭ ‬ينبش‭ ‬في‭ ‬أوراق‭ ‬الإدارة‭ ‬السابقة،‭ ‬وينفض‭ ‬الغبار،‭ ‬ويرصد‭ ‬بعين‭ ‬نسر‭ ‬وقلب‭ ‬أسد‭ ‬وإصبع‭ ‬فنان‭ ‬كل‭ ‬التجاوزات‭ ‬السابقة؛‭ ‬لتصليح‭ ‬الأخطاء‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬بعضها‭ ‬موثقة‭ ‬في‭ ‬تقارير‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭. ‬والأمل‭ ‬بعد‭ ‬تعقيم‭ ‬الملفات‭ ‬السابقة‭ ‬عرضها‭ ‬على‭ ‬الدولة،‭ ‬وعلى‭ ‬الناس؛‭ ‬لتخبرنا‭ ‬ماذا‭ ‬فعلت‭ ‬تجاهها،‭ ‬وتجاه‭ ‬القرارات‭ (‬القراقوشية‭) ‬و‭(‬الانكشارية‭) ‬التي‭ ‬تذكرنا‭ ‬بقرارات‭ ‬الخلافة‭ ‬العثمانية‭ ‬وما‭ ‬فعلته‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬لستة‭ ‬قرون‭. ‬

حدثت‭ ‬تجاوزات‭ ‬في‭ ‬الوقف‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يصل‭ ‬لها‭ ‬حتى‭ (‬برنارد‭ ‬مادوف‭) ‬في‭ ‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭. ‬ونريد‭ ‬تقريرا‭ ‬مفصلا‭ ‬بوضوح‭: ‬كم‭ ‬كان‭ ‬حجم‭ ‬خزانة‭ ‬الأوقاف‭ ‬من‭ ‬الماضي‭ ‬السحيق‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬استلام‭ ‬المجلس‭ ‬الجديد؛‭ ‬لنعرف‭ ‬حجم‭ ‬الهدر‭ ‬السابق،‭ ‬وكم‭ ‬صرف‭ ‬منها،‭ ‬وعلى‭ ‬ماذا‭ ‬صرف،‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬إرجاع‭ ‬كل‭ ‬الأموال‭ ‬التي‭ ‬ذهبت‭ ‬مع‭ ‬الريح‭ ‬ومع‭ ‬الجيوب‭. ‬وما‭ ‬نوعية‭ ‬المناقصات‭ ‬التي‭ ‬تمت،‭ ‬و‭ ‬كيف‭ ‬تمت،‭ ‬وقائمة‭ ‬لكل‭ ‬المستثمرين‭ ‬الذين‭ ‬رست‭ ‬عليهم‭ ‬المناقصات؛‭ ‬لفرز‭ ‬المناقصات‭ ‬السليمة‭ ‬والمناقصات‭ ‬المشبوهة‭ ‬خصوصا‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬صلة‭ ‬قرابة‭ ‬لأي‭ ‬فرد‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الأوقاف‭. ‬ثم‭ ‬إلزام‭ ‬المستفيدين‭ ‬بصورة‭ ‬غير‭ ‬قانونية‭ ‬بإرجاع‭ ‬الأموال‭ ‬جميعا‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬قاد‭ ‬إلى‭ ‬تصفير‭ ‬حساباتهم‭ ‬وصول‭ ‬القضايا‭ ‬لأروقة‭ ‬المحاكم‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬نوعية‭ ‬قماش‭ ‬الأسماء‭. ‬فلا‭ ‬هيبة‭ ‬إلا‭ ‬للقانون‭. ‬

لهذا،‭ ‬اليوم‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬الجديد‭ ‬مطالب‭ ‬ليبرئ‭ ‬ذمته‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬خطأ‭ ‬سابق‭ ‬لم‭ ‬يرتكب‭ ‬في‭ ‬عهده‭- ‬وكلنا‭ ‬نقف‭ ‬معه‭ - ‬بتحقيق‭ ‬شفاف‭ ‬واضح‭ ‬يعرضه‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬ويتعاطى‭ ‬مع‭ ‬الصحافة‭ ‬بشفافية‭ ‬وبلغة‭ ‬الأرقام‭ ‬مع‭ ‬نشر‭ ‬الحقيقة‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬الأموال‭ ‬السابقة،‭ ‬والتجاوزات‭ ‬وعن‭ ‬وضوح‭ ‬تام‭ ‬للتحقيق‭ ‬في‭ ‬ذلكً‭. ‬

وكلنا‭ ‬ثقة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬سيكون‭ ‬خيار‭ ‬المجلس‭ ‬الكريم‭. ‬هذا‭ ‬مال‭ ‬وقفي‭ ‬مقدس،‭ ‬فبمنطق‭ ‬الفقة‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬شرعا،‭ ‬وبمنطق‭ ‬القانون‭ ‬المدني‭ ‬يعاقب‭ ‬عليه‭ ‬القانون‭. ‬واليوم‭ ‬كلنا‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬ما‭ ‬ستؤول‭ ‬إليه‭ ‬الأمور،‭ ‬ولكشف‭ ‬واضح‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬صغيرة‭ ‬وكبيرة‭ ‬من‭ ‬أموال‭ ‬مأتم‭ ‬الهملة‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬هذا‭ ‬المأتم‭ ‬بين‭ ‬أسنان‭ ‬تمساح‭ ‬الديون‭ ‬وسياط‭ ‬القدر‭. ‬وسوف‭ ‬يكون‭ ‬لهذا‭ ‬المأتم‭ ‬مقالات‭ ‬خاصة‭ ‬لإعادة‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬مساره‭ ‬الصحيح‭. ‬إلى‭ ‬معرفة‭ ‬المناقصات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إرساؤها‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬إو‭ ‬تشييد‭ ‬أو‭ ‬ترميم‭ ‬أي‭ ‬مسجد‭ ‬أو‭ ‬مأتم‭ ‬من‭ ‬مسجد‭ ‬شيخ‭ ‬عزيز‭ ‬وغيره‭ ‬وبلغة‭ ‬الأرقام‭. ‬

وأقول‭ ‬ذلك‭ ‬لصالح‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬الجديد؛‭ ‬لأنه‭ ‬إذا‭ ‬اتخذ‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬سيعطيه‭ ‬مصداقية‭ ‬كبرى‭ ‬لدى‭ ‬الدولة،‭ ‬ولدى‭ ‬المجتمع‭ ‬بان‭ ‬في‭ ‬عهده‭ ‬تمت‭ ‬الشفافية،‭ ‬وتم‭ ‬محاسبة‭ ‬الجميع،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬الأسماك‭ ‬الصغيرة‭. ‬موضوع‭ ‬سرقة‭ ‬مكيف‭ ‬هنا‭ ‬أو‭ ‬مال‭ ‬من‭ ‬ضريح‭ ‬هنا‭ ‬مسالة‭ ‬مهمة،‭ ‬ولكن‭ ‬الأهم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نبدأ‭ ‬من‭ ‬التجاوزات‭ ‬التي‭ ‬بالملايين،‭ ‬فهي‭ ‬أهم‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نكرر‭ ‬قصة‭ (‬جان‭ ‬فالجان‭) ‬في‭ ‬رواية‭ ‬البؤساء‭ ‬لفيكتور‭ ‬هيجو،‭ ‬وإن‭ ‬بصورة‭ ‬مختلفة‭ ‬بأن‭ ‬يحاسب‭ ‬الصغار‭ ‬وينسى‭ ‬الكبار‭.‬

وهذا‭ ‬هو‭ ‬المؤمل‭. ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬ترّبح‭ ‬مال‭ ‬من‭ ‬الوقف،‭ ‬فيجب‭ ‬إرجاع‭ ‬هذا‭ ‬المال؛‭ ‬لأنه‭ ‬مال‭ ‬وقف‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ ‬“ع”،‭ ‬والمال‭ ‬المقدس‭ ‬لا‭ ‬يسقط‭ ‬بالتقادم‭ . ‬خزانة‭ ‬الأوقاف‭ ‬مليئة‭ ‬بالشقوق‭ ‬والثقوب،‭ ‬وعلى‭ ‬الإدارة‭ ‬ترميم‭ ‬ذلك،‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬إرجاع‭ ‬الأموال‭ ‬بالتعاون‭ ‬أيضا‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭. ‬وهنا‭ ‬اسمحوا‭ ‬لي‭ ‬بالترافع‭ ‬والاستجواب‭ ‬الصحافي‭ ‬عبر‭ ‬منصة‭ ‬الصحافة‭ ‬بهذه‭ ‬الأسئلة،‭ ‬ونريد‭ ‬إجابات‭ ‬شافية،‭ ‬وسيستمر‭ ‬الاستجواب‭ ‬لسبعين‭ ‬استجوابا‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬الإجابات‭ ‬الشافية‭ ‬أو‭ ‬إذا‭ ‬وجدنا‭ ‬حلولا‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬لكل‭ ‬التجاوزات‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬سابقا‭. ‬السؤال‭ ‬الأول‭: ‬كم‭ ‬حجم‭ ‬ملف‭ ‬الأراضي‭ ‬غير‭ ‬المسجلة‭ ‬للآن؟‭ ‬وماذا‭ ‬فعل‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬في‭ ‬السعي‭ ‬للإصدار‭ ‬وثائق‭ ‬ملكية‭ ‬لها،‭ ‬وإن‭ ‬عدم‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬حيازة‭ ‬وثيقة‭ ‬ملكية‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬700‭ ‬أرض‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬البحرين‭ ‬يعد‭ ‬كارثة‭ ‬بحق‭ ‬وقف‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ ‬“ع”،‭ ‬وعند‭ ‬تسجيلها‭ ‬يمكن‭ ‬استثمارها‭ ‬لتصب‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الوقف‭ ‬وخدمة‭ ‬الوطن‭ ‬والمجتمع‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬جهاز‭ ‬المساحة‭ ‬والتسجيل‭ ‬العقاري‭ ‬قد‭ ‬استندا‭ ‬إلى‭ ‬سجل‭ ‬الموثق‭ ‬الأول‭ (‬السيد‭ ‬عدنان‭ ‬الموسوي‭)‬؛‭ ‬كونه‭ ‬المرجع‭ ‬الرسمي‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يوثق‭ ‬الأراضي‭ ‬الوقفية،‭ ‬ومواقعها‭ ‬وحدودها،‭ ‬وتم‭ ‬وضع‭ ‬قيد‭ ‬عقاري‭ ‬في‭ ‬المسح‭ ‬العمومي‭ ‬يثبت‭ ‬كونها‭ ‬وقفا‭ ‬تابعا‭ ‬لإدارة‭ ‬الأوقاف‭ ‬الجعفرية؟

لهذا‭ ‬نلتمس‭ ‬من‭ ‬حكومتنا‭ ‬الموقرة‭ ‬أن‭ ‬تدعو‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الشأن‭ ‬بالتوثيق‭ ‬مشكورة،‭ ‬ونحن‭ ‬على‭ ‬إيمان‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬لن‭ ‬تألو‭ ‬جهدا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬2004‭ ‬عندما‭ ‬كتبت‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬وترافعت‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الأوقاف،‭ ‬وحققت‭ ‬في‭ ‬الملف،‭ ‬فالدولة‭ ‬وقفت‭ ‬معنا‭ ‬مشكورة‭. ‬ونحن‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬سباق‭ ‬لخدمة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالوقف‭ ‬كرئيس‭ ‬لسلطة‭ ‬تنفيذية،‭ ‬وأنا‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬بأن‭ ‬أغلب‭ ‬الوقفيات‭ ‬نستطيع‭ ‬تسجيلها،‭ ‬وسنقيم‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬حفلا‭ ‬كبيرا‭ ‬مع‭ ‬الناس،‭ ‬شاكرين‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬خصوصا‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬وسمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬وسمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭. ‬

في‭ ‬عهد‭ ‬الإصلاح‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬عظيم‭ ‬الإنجازات‭. ‬

والسؤال‭ ‬الآخر‭: ‬ماذا‭ ‬فعلت‭ ‬إدارة‭ ‬الاوقاف‭ ‬مع‭ ‬ملف‭ ‬الأراضي‭ ‬الوقفية‭ ‬الواقعة‭ ‬ضمن‭ ‬المشاريع‭ ‬الإسكانية،‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬بعضها‭ ‬عالقا‭ ‬في‭ ‬المحاكم‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬السابق؛‭ ‬بسبب‭ ‬ضم‭ ‬الأراضي‭ ‬الوقفية‭ ‬غير‭ ‬المسجلة‭ ‬ضمن‭ ‬مشاريع‭ ‬الاستملاك‭ ‬للمنفعة‭ ‬العامة‭. ‬علما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تاكيدا‭ ‬كتابيا‭ ‬حصلت‭ ‬الإدارة‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الإسكان‭ ‬تتعهد‭ ‬فيه‭ ‬الوزراة‭ ‬بالتعويض‭ ‬عن‭ ‬الأراضي‭ ‬الوقفية‭.‬

وهنا‭ ‬نوجه‭ ‬الخطاب‭ ‬لوزارة‭ ‬الإسكان‭ ‬بأن‭ ‬تقوم‭ ‬مشكورة‭ ‬بتسريع‭ ‬التعويض‭ ‬المناسب‭ ‬لاأاضي‭ ‬الوقفية‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬بسعر‭ ‬الأراضي‭ ‬وقت‭ ‬ذروة‭ ‬أسعارها‭ ‬المرتفعة‭ ‬أيام‭ ‬أخذها،‭ ‬وسيكون‭ ‬لي‭ ‬مقالات‭ ‬نقاشية‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الإسكان‭ ‬عن‭ ‬أراضي‭ ‬الرملي‭ ‬وسند‭ ‬وسترة‭ ‬لنصل‭ ‬لحل‭ ‬هذه‭ ‬الملف‭. ‬وهنا‭ ‬ينبغي‭ ‬لإدارة‭ ‬الأوقاف‭ ‬مراجعة‭ ‬تعويضات‭ ‬مأتم‭ ‬كرزكان،‭ ‬والتأكد‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬التعويضات‭ ‬المناسبة‭ ‬عن‭ ‬الاستملاكات‭ ‬المخصصة‭ ‬للمأتم‭.‬