ومضة قلم

رجال الزمن الصعب

| محمد المحفوظ

ليس‭ ‬خافيا‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬أنّ‭ ‬فئة‭ ‬المسنين‭ - ‬وأغلبيتهم‭ ‬من‭ ‬المتقاعدين‭ ‬ونعني‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الرواتب‭ ‬الزهيدة‭ - ‬الأكثر‭ ‬معاناة،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يتقاضونه‭ ‬من‭ ‬أجور‭ ‬لا‭ ‬يفي‭ ‬بمتطلبات‭ ‬حياتهم‭ ‬اليومية،‭ ‬وهذه‭ ‬الشريحة‭ ‬تشكل‭ ‬طبقا‭ ‬للإحصاءات‭ ‬الرسمية‭ ‬ثلث‭ ‬عدد‭ ‬المتقاعدين‭ ‬ممن‭ ‬بلغت‭ ‬أعمارهم‭ ‬الستين‭ ‬عاما‭ ‬فما‭ ‬فوق،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬جاء‭ ‬المقترح‭ ‬بقانون‭ ‬بصرف‭ ‬إعانة‭ ‬شهرية‭ ‬لكل‭ ‬مسن‭ ‬بواقع‭ ‬مئة‭ ‬دينار‭ ‬شهريا،‭ ‬والموقع‭ ‬من‭ ‬الإخوة‭ ‬النواب،‭ ‬ونقول‭ ‬جاءت‭ ‬هذه‭ ‬اللفتة‭ ‬الإنسانية‭ ‬لتكفل‭ ‬لهؤلاء‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬إقرارها،‭ ‬ولسنا‭ ‬بحاجة‭ ‬للتذكير‭ ‬بأن‭ ‬الدستور‭ ‬كفل‭ ‬لهم‭ ‬الضمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الشيخوخة‭ ‬أو‭ ‬المرض‭.‬

إنّ‭ ‬هؤلاء‭ ‬المواطنين‭ ‬يجدون‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬بالغة‭ ‬الصعوبة،‭ ‬ذلك‭ ‬أنّ‭ ‬الأجور‭ ‬الضئيلة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬طلبات‭ ‬أسرهم‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬فإنّ‭ ‬حالتهم‭ ‬الصحية‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬لهم‭ ‬بممارسة‭ ‬عمل‭ ‬إضافي‭. ‬أما‭ ‬الإشارة‭ ‬بالبطاقة‭ ‬التي‭ ‬تمنح‭ ‬لخدمة‭ ‬المسنين‭ ‬للتخفيف‭ ‬عن‭ ‬كاهلهم‭ ‬فإنها‭ ‬للأسف‭ ‬لا‭ ‬تفي‭ ‬بالحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬متطلباتهم‭ ‬اليومية‭ ‬كونها‭ ‬محصورة‭ ‬بمجالات‭ ‬محددة‭ ‬ولا‭ ‬تشمل‭ ‬الحاجات‭ ‬الملحة‭.‬

إنّ‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الأولويات‭ ‬للمسنين‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬موجات‭ ‬الغلاء‭ ‬الآخذة‭ ‬في‭ ‬التصاعد،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الضرائب‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تستثن‭ ‬هذه‭ ‬الفئة،‭ ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬الأدوار‭ ‬التي‭ ‬ساهم‭ ‬بها‭ ‬المسنون‭ ‬قبل‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬تنشئة‭ ‬الأجيال،‭ ‬ولا‭ ‬أعتقد‭ ‬أنّ‭ ‬أحدا‭ ‬ينكر‭ ‬ما‭ ‬أسهموا‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬عطاء‭ ‬متواصل‭ ‬إبان‭ ‬سنيّ‭ ‬شبابهم‭ ‬والأدوار‭ ‬التي‭ ‬نهضوا‭ ‬بها‭ ‬لبناء‭ ‬الوطن،‭ ‬إنهم‭ ‬بحق‭ ‬رجال‭ ‬الزمن‭ ‬الصعب‭.‬

لابد‭ ‬من‭ ‬التذكير‭ ‬بأن‭ ‬اللجنة‭ ‬الوطنية‭ ‬للمسنين‭ ‬التي‭ ‬تشكلت‭ ‬قبل‭ ‬سنتين‭ ‬تختص‭ ‬بتقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لفئة‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬بتزويدهم‭ ‬بالأجهزة‭ ‬وإقامة‭ ‬خطوط‭ ‬اتصال‭ ‬وتعاون‭ ‬مع‭ ‬الأجهزة‭ ‬الرسمية‭ ‬منها‭ ‬والأهلية‭ ‬بهدف‭ ‬تطوير‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬لهم،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬توعية‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬بقضاياهم‭ ‬واحتياجاتهم،‭ ‬لكن‭ ‬الذي‭ ‬نود‭ ‬أن‭ ‬نذكر‭ ‬به‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬الخدمات‭ ‬على‭ ‬أهميتها‭ ‬كان‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يسبقها‭ ‬دعم‭ ‬المسن‭ ‬ماديا‭ ‬لمواجهة‭ ‬حالات‭ ‬العجز‭ ‬والمرض‭ ‬وما‭ ‬يستجد‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬ممارسة‭ ‬حياته‭ ‬كباقي‭ ‬الفئات‭ ‬الأخرى‭.‬