مُلتقطات

حكايات “ابن الحداد”... في المناهج

| د. جاسم المحاري

تُترجم‭ ‬“الفنتازيا”‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الصنوف‭ ‬الأدبية‭ ‬التي‭ ‬تتناول‭ ‬الواقع‭ ‬الحياتي‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬غير‭ ‬مألوفة،‭ ‬ومعالجته‭ ‬بصورة‭ ‬إبداعية‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬المعاش،‭ ‬باعتمادها‭ ‬على‭ ‬الأشياء‭ ‬الخارقة‭ ‬للطبيعة‭ ‬كعنصر‭ ‬أساسي‭ ‬للحبكة‭ ‬الروائية‭ ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬أحداثها‭ ‬في‭ ‬فضاءات‭ ‬وهمية‭ ‬ينتشر‭ ‬بها‭ ‬السحر‭ ‬والأساطير‭ ‬والخرافات‭ ‬القديمة‭ ‬بعد‭ ‬إدراج‭ ‬عناصرها‭ ‬الخيالية‭ ‬داخل‭ ‬إطار‭ ‬متماسك‭ ‬ذاتياً‭ ‬يستند‭ ‬على‭ ‬الخيال‭ ‬الواسع‭ ‬والجاذبية‭ ‬القوية‭ ‬التي‭ ‬تأخذ‭ ‬المشاهدين‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬خيال‭ ‬فضائية‭ ‬ممتعة‭.‬

تأتي‭ ‬حكايات‭ ‬“ابن‭ ‬الحداد”‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬المسلسلات‭ ‬التي‭ ‬وظفّت‭ ‬الطابع‭ ‬الفنتازي‭ ‬الكوميدي‭ ‬بنكهة‭ ‬بحرينية‭ ‬خالصة،‭ ‬تمّ‭ ‬عرضها‭ ‬ضمن‭ ‬السباق‭ ‬الدرامي‭ ‬على‭ ‬قناتي‭ ‬“تلفزيون‭ ‬البحرين”‭ ‬و”سما‭ ‬دبي”‭ ‬خلال‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬لهذا‭ ‬العام،‭ ‬وتدور‭ ‬أحداثها‭ ‬خلال‭ ‬حقبة‭ ‬قديمة،‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬يحكمها‭ ‬والي‭ ‬خفيف‭ ‬الظل‭ ‬“نعمان”‭ ‬تبدو‭ ‬عليه‭ ‬الحكمة‭ ‬والقوة‭ ‬أمام‭ ‬شعبه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬ضعيف‭ ‬الشخصية‭ ‬ودائم‭ ‬الاستشارة‭ ‬لزوجته‭ ‬“زبيدة”،‭ ‬ووزيره‭ ‬“جابر”‭ ‬الذي‭ ‬يطمع‭ ‬في‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬ابنته‭ ‬“ليلى”‭ ‬والتّربع‭ ‬على‭ ‬كرسي‭ ‬الولاية‭! ‬

وقد‭ ‬بدا‭ ‬واضحاً‭ ‬إسقاط‭ ‬تجلّيات‭ ‬الحكايات‭ ‬وأحداثها،‭ ‬واحدة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى‭ ‬بصورة‭ ‬هادفة‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مشكلات‭ ‬الواقع‭ ‬الاجتماعي‭ ‬المعاش،‭ ‬التي‭ ‬أبرزت‭ ‬حضور‭ ‬الوالي‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬مفاصل‭ ‬حياة‭ ‬الناس‭ ‬كتدخله‭ ‬في‭ ‬حلّ‭ ‬مشكلة‭ ‬ارتفاع‭ ‬سعر‭ ‬الشاي،‭ ‬وجلوس‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬“القهوة”‭ ‬بعد‭ ‬اتهام‭ ‬الرجال‭ ‬بالخيانة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬إبراز‭ ‬صفة‭ ‬السماحة‭ ‬بعد‭ ‬عفو‭ ‬الوالي‭ ‬عن‭ ‬حمدان‭ ‬وكشحان،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬إهمال‭ ‬النساء‭ ‬أزواجهن‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬“خلطة‭ ‬الوجه‭ ‬والشعر”،‭ ‬وحتى‭ ‬تدّخله‭ ‬في‭ ‬وأد‭ ‬الفتنة‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬بين‭ ‬سكان‭ ‬المدينة،‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ترسيخ‭ ‬ثقافة‭ ‬الاعتذار‭ ‬بعد‭ ‬واقعة‭ ‬“هدية‭ ‬ليلى”،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬معالجة‭ ‬عادات‭ ‬اجتماعية‭ ‬مثل‭ ‬البخل‭ ‬عند‭ ‬“بوعتيق”‭ ‬وعمامة‭ ‬الخير‭ ‬عند‭ ‬“بولولوة”‭! ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬طرح‭ ‬مفهوم‭ ‬“التنافس”‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬“الانتخابات”‭ ‬والمسابقة‭ ‬“الشعرية”‭ ‬ومشكلة‭ ‬“رفع‭ ‬الإيجارات”‭ ‬وغيرها‭. ‬

تخلّلت‭ ‬جلّ‭ ‬ذلك،‭ ‬أحداث‭ ‬“فنتازية”‭ ‬ممزوجة‭ ‬بالكوميديا،‭ ‬ساعدت‭ ‬على‭ ‬اتساع‭ ‬رقعة‭ ‬الإثارة‭ ‬والتشويق‭ ‬والانجذاب‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬المشاهد‭ ‬كصندوق‭ ‬“كشحان”‭ ‬و”حذائه”‭ ‬النّحس‭ ‬و”لعنة‭ ‬النوم”‭ ‬التي‭ ‬عمّت‭ ‬أرجاء‭ ‬المدينة،‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬“عشبة‭ ‬الخلود”‭ ‬و”المغارة‭ ‬والساحر”‭ ‬و”الفانوس‭ ‬السحري”‭ ‬وقصة‭ ‬“الإنسان‭ ‬الملعون”‭ ‬و”المارد”‭ ‬وبطون‭ ‬الرجال‭ ‬“المنتفخة”،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬أعمال‭ ‬“الحيزبونة”‭ ‬الشريرة،‭ ‬وواقعة‭ ‬“الحوت”‭ ‬التي‭ ‬أنقذت‭ ‬المدينة‭ ‬من‭ ‬الشرور‭.‬

نافلة‭: ‬

يحقّ‭ ‬لنا‭ ‬كبحرينيين‭ ‬أن‭ ‬نفخرَ،‭ ‬كون‭ ‬مسلسل‭ ‬“حكايات‭ ‬ابن‭ ‬الحداد”‭ ‬الذي‭ ‬أمتعنا‭ ‬طيلة‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل،‭ ‬بحرينيا‭ ‬“خالصا”‭ ‬في‭ ‬تأليفه‭ ‬وإخراجه‭ ‬وإنتاجه‭ ‬وتمثيله،‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬حاز‭ ‬على‭ ‬كبير‭ ‬الإعجاب‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬الجمهور،‭ ‬ولاقى‭ ‬باهر‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬تميّز‭ ‬أدائه‭ ‬التمثيلي‭.‬

“تحيةُ‭ ‬إجلال‭ ‬وكبير‭ ‬تقدير”‭ ‬لجميع‭ ‬هذه‭ ‬الكوادر‭ ‬البحرينية‭ ‬“البارعة”‭ ‬في‭ ‬مجمل‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬“الرائد”،‭ ‬هي‭ ‬دعوة‭ ‬مفتوحة‭ ‬لوزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬“إدارة‭ ‬المناهج”‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تضمين‭ ‬المناهج‭ ‬الدراسية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المراحل‭ ‬الدراسية،‭ ‬ما‭ ‬احتواه‭ ‬سيناريو‭ ‬المسلسل‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬إنسانية‭ ‬راقية‭ ‬في‭ ‬إطارٍ‭ ‬“فنتازي”‭ ‬كوميدي‭ ‬فريد‭.‬