ستة على ستة

الوباء الذي لا لقاح له (1)

| عطا السيد الشعراوي

سينجح‭ ‬العلم‭ ‬إن‭ ‬عاجلاً‭ ‬أو‭ ‬آجلاً‭ ‬في‭ ‬اكتشاف‭ ‬لقاح‭ ‬والتوصل‭ ‬لعلاج‭ ‬مناسب‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا‭ (‬كوفيد‭ ‬ـ‭ ‬19‭) ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يودي‭ ‬بحياة‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬البشر‭ ‬لن‭ ‬يستطيعوا‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬أمراض‭ ‬عديدة‭ ‬لها‭ ‬آثار‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬منظومة‭ ‬وبنية‭ ‬المجتمع،‭ ‬ومن‭ ‬أخطرها‭ ‬العنصرية‭ ‬التي‭ ‬تدفعهم‭ ‬لتحين‭ ‬الفرص‭ ‬واستغلال‭ ‬أتفه‭ ‬الأسباب‭ ‬للفتك‭ ‬بكل‭ ‬من‭ ‬يختلف‭ ‬معهم‭ ‬عرقيًا‭ ‬لإشباع‭ ‬حاجة‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬أنفسهم‭.‬

ففي‭ ‬ولاية‭ ‬مينسوتا‭ ‬الأميركية،‭ ‬قامت‭ ‬إدارة‭ ‬الشرطة‭ ‬بإقالة‭ ‬أربعة‭ ‬من‭ ‬أفرادها‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬رجل‭ ‬يدعى‭ ‬“جورج‭ ‬فلويد”‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬البشرة‭ ‬السوداء‭ ‬كان‭ ‬مشتبها‭ ‬به‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬أعمال‭ ‬تزوير‭ ‬وذلك‭ ‬أثناء‭ ‬القبض‭ ‬عليه،‭ ‬وظهور‭ ‬مقطع‭ ‬فيديو‭ ‬يصور‭ ‬الاعتداء‭ ‬عليه‭ ‬وتثبيته‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬بالضغط‭ ‬على‭ ‬رقبته‭ ‬بالقوة‭ ‬وهو‭ ‬يستغيث‭ ‬ويقول‭ ‬“لا‭ ‬أستطيع‭ ‬التنفس”،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬صرخاته‭ ‬استجابة‭ ‬أو‭ ‬شفقة‭ ‬من‭ ‬رجل‭ ‬الشرطة‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يستمع‭ ‬أيضًا‭ ‬لدعوات‭ ‬وتوسلات‭ ‬شهود‭ ‬الحادث‭ ‬بأن‭ ‬يرفع‭ ‬ركبته‭ ‬عن‭ ‬عنق‭ ‬الرجل،‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يتحرك‭ ‬وأنفه‭ ‬ينزف‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬الرد‭ ‬كان‭ ‬سريعًا‭ ‬بإنهاء‭ ‬خدمة‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬الأربعة‭ ‬المتورطين‭ ‬بالحادث‭ ‬وفتح‭ ‬باب‭ ‬التحقيق‭ ‬بما‭ ‬يمهد‭ ‬لإنزال‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬العقوبات،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المؤلم‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحوادث‭ ‬متواصلة‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬ولا‭ ‬يكاد‭ ‬يمر‭ ‬عام‭ ‬دون‭ ‬تسجيل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشواهد‭ ‬والقضايا‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬العنصرية‭ ‬باتت‭ ‬مرضًا‭ ‬مزمنًا‭ ‬يستوجب‭ ‬علاجًا‭ ‬ناجعًا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬وليس‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬حادث‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنه‭ ‬عمل‭ ‬فردي‭ ‬لا‭ ‬يعكس‭ ‬ظاهرة‭ ‬عامة‭ ‬وخطيرة‭.‬

قسوة‭ ‬وبشاعة‭ ‬الحادث‭ ‬دفعت‭ ‬قائد‭ ‬الشرطة‭ ‬“أراوندوندو”‭ ‬إلى‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬مراجعة‭ ‬سياسات‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بوضع‭ ‬شخص‭ ‬تحت‭ ‬السيطرة‭.‬

عمدة‭ ‬مينيسوتا‭ ‬نفسه‭ ‬“جاكوب‭ ‬فراي”،‭ ‬الذي‭ ‬وصف‭ ‬الحادث‭ ‬بأنه‭ ‬عبثي‭ ‬بشكل‭ ‬تام‭ ‬وكامل،‭ ‬قال‭: ‬“متأكد‭ ‬مما‭ ‬رأيته‭ ‬وما‭ ‬رأيته‭ ‬خطأ‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات،‭ ‬فكونك‭ ‬مواطنا‭ ‬أسود‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬عليك‭ ‬حكما‭ ‬بالإعدام”،‭ ‬وكأنه‭ ‬يقر‭ ‬بأن‭ ‬العنصرية‭ ‬راسخة‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬البعض‭ ‬لا‭ ‬حوادث‭ ‬عرضية‭ ‬تقع‭ ‬بين‭ ‬فترة‭ ‬وأخرى‭.‬