لقطة

“الجائحة” بين ديناميكية الرياضة وواقعية البحرين!

| أحمد كريم

الديناميكية،‭ ‬سمة‭ ‬السرعة‭ ‬والمرونة‭. ‬وفي‭ ‬عصرنا‭ ‬هذا،‭ ‬تتطلب‭ ‬الحياة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الإنسان‭ ‬بعقله‭ ‬وقلبه‭ ‬وجسده‭ ‬أكثر‭ ‬ديناميكية‭ ‬من‭ ‬السابق؛‭ ‬حتى‭ ‬يجاري‭ ‬التغيرات‭ ‬والتطورات‭ ‬الصاروخية‭!‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬بعهد‭ ‬الكورونا،‭ ‬وما‭ ‬فرضه‭ ‬علينا‭ ‬من‭ ‬ثقافة‭ ‬جديدة‭ ‬وأحداث‭ ‬غير‭ ‬مألوفة،‭ ‬فإن‭ ‬نجاح‭ ‬أي‭ ‬أمة‭ ‬في‭ ‬تعاطيها‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬يرجع‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬إلى‭ ‬ديناميكيتها،‭ ‬ومدى‭ ‬تكيفها‭ ‬مع‭ ‬الأحداث،‭ ‬فليس‭ ‬العلم‭ ‬وحده‭ ‬من‭ ‬يحسم‭ ‬المعركة؛‭ ‬وإنما‭ ‬المرونة‭ ‬والسرعة‭!‬

ولعل‭ ‬الصين،‭ ‬بؤرة‭ ‬تفشي‭ ‬الفيروس‭ ‬وأول‭ ‬دولة‭ ‬ضربتها‭ ‬الجائحة،‭ ‬قدمت‭ ‬درسا‭ ‬مهما‭ ‬من‭ ‬دروس‭ ‬الديناميكية،‭ ‬فهي‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬أن‭ ‬تكتشف‭ ‬خطورة‭ ‬الوباء‭ ‬في‭ ‬أيامه‭ ‬الأولى‭ ‬وتصرفت‭ ‬بارتباك‭ ‬حتى‭ ‬نال‭ ‬منها،‭ ‬لكنها‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬إخماده‭ ‬بعد‭ ‬حين‭ ‬قبل‭ ‬خروجه‭ ‬عن‭ ‬السيطرة؛‭ ‬بفضل‭ ‬سرعتها‭ ‬الرهيبة‭ ‬في‭ ‬التحول‭ ‬من‭ ‬خطة‭ ‬“أ”‭ ‬إلى‭ ‬خطة‭ ‬“ب”‭. ‬

غير‭ ‬أن‭ ‬الأمثلة‭ ‬الإيجابية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬لا‭ ‬تنحصر‭ ‬على‭ ‬الصين،‭ ‬وتقودنا‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر‭ ‬إلى‭ ‬ألمانيا،‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬تعامل‭ ‬مع‭ ‬الوباء‭ ‬بديناميكية‭ ‬أكبر،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البنية‭ ‬الصحية‭ ‬القوية،‭ ‬وأيضا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬التعايش‭ ‬معه‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ينالها‭ ‬نصيبا‭ ‬من‭ ‬الأذى‭ ‬كما‭ ‬نال‭ ‬من‭ ‬جيرانها‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬العجوز‭. ‬

لذلك‭ ‬عاد‭ ‬الألمان‭ ‬إلى‭ ‬حياتهم‭ ‬شبه‭ ‬الطبيعية،‭ ‬وتعايشوا‭ ‬مع‭ ‬الجائحة‭ ‬بأقل‭ ‬الأضرار،‭ ‬ليس‭ ‬بفضل‭ ‬علمهم‭ ‬ولا‭ ‬بفضل‭ ‬تقنياتهم؛‭ ‬وإنما‭ ‬بفضل‭ ‬مرونتهم‭ ‬في‭ ‬التعامل،‭ ‬بخلاف‭ ‬أميركا‭ ‬التي‭ ‬تعاملت‭ ‬مع‭ ‬الوباء‭ ‬بتعالٍ،‭ ‬وإيطاليا‭ ‬التي‭ ‬تصرفت‭ ‬باستهتار‭!‬

والحديث‭ ‬عن‭ ‬الديناميكية‭ ‬لا‭ ‬يعد‭ ‬عبثيا‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬رياضي،‭ ‬فالرياضة‭ ‬أم‭ ‬الديناميكية،‭ ‬وأبوها،‭ ‬وما‭ ‬أرمي‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭ ‬هو‭ ‬فهم‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه‭ ‬بمنظور‭ ‬يتجرد‭ ‬من‭ ‬النمطية،‭ ‬ويتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأمور‭ ‬بطريقة‭ ‬واقعية‭.‬

وأما‭ ‬الواقعية،‭ ‬فهي‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬فن‭ ‬من‭ ‬فنون‭ ‬رؤية‭ ‬الأشياء‭ ‬بصورة‭ ‬واضحة‭ ‬وحقيقية،‭ ‬بعيدة‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬الخيالات‭ ‬والأوهام،‭ ‬لذلك‭ ‬أنا‭ ‬هنا‭ ‬لأتحدث‭ ‬بواقعية‭ ‬رياضية‭ ‬تعلمناها‭ ‬منذ‭ ‬نعومة‭ ‬أظفارنا‭ ‬على‭ ‬الصبخة‭ ‬وكثبان‭ ‬الرمل‭! ‬

والأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الواقعية‭ ‬والديناميكية‭ ‬حاضرة‭ ‬بقوة‭ ‬وعنفوان‭ ‬في‭ ‬مباريات‭ ‬كرة‭ ‬القدم،‭ ‬إذ‭ ‬يدخل‭ ‬الفريقان‭ ‬إلى‭ ‬الملعب‭ ‬وكل‭ ‬طرف‭ ‬لديه‭ ‬خطة،‭ ‬ولكن‭ ‬ظروف‭ ‬المباراة‭ ‬تفرض‭ ‬على‭ ‬المدربين‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬مرتجلة،‭ ‬تعود‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬إلى‭ ‬قراءتهم‭ ‬ومرونة‭ ‬أفكارهم،‭ ‬وهنا‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نكتشف‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬المدرب‭ ‬الواقعي‭ ‬من‭ ‬المكابر‭. ‬

وفي‭ ‬حدث‭ ‬جلل‭ ‬وكبير‭ ‬مثل‭ ‬كورونا‭ ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬للمكابرة؛‭ ‬إنها‭ ‬مسألة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬واقعية‭ ‬خالصة‭ ‬تتعامل‭ ‬بديناميكية‭ ‬متقنة‭ ‬تخرجنا‭ ‬مما‭ ‬نحن‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬طاحنة‭. ‬لذلك‭ ‬أشعر‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬الفخر‭ ‬أن‭ ‬بلدي‭ ‬البحرين‭ ‬كانت‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الجائحة‭ ‬بطريقة‭ ‬واقعية‭ ‬قل‭ ‬نظيرها‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

والبحرين‭ ‬بفضل‭ ‬حكمة‭ ‬قادتها،‭ ‬لم‭ ‬تغلق‭ ‬بالكامل‭ ‬ولم‭ ‬تفتح‭ ‬بشكل‭ ‬كلي،‭ ‬بل‭ ‬فعلت‭ ‬ما‭ ‬سيفعله‭ ‬الآخرون‭ ‬لاحقا،‭ ‬وكأنها‭ ‬اختارت‭ ‬الخيار‭ ‬الصحيح‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬خيارات‭ ‬عدة‭ ‬تخبطت‭ ‬البلدان‭ ‬في‭ ‬اختيارها‭!‬