العنصري

| فرات البسام

عندما‭ ‬تتذوق‭ ‬المثلجات‭ ‬تذوقها‭ ‬بفم‭ ‬من‭ ‬نار،‭ ‬فمهما‭ ‬تكلم‭ ‬العنصري‭ ‬ستفوح‭ ‬منه‭ ‬سريالية‭ ‬تفضح‭ ‬ظله‭ ‬وشمسه‭ ‬وناره‭ ‬الشامتة،‭ ‬فمن‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬جنة‭ ‬الدنيا‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬ينسى‭ ‬القصاص‭ ‬فيها،‭ ‬لكن‭ ‬بالتأكيد‭ ‬نحن‭ ‬ندفع‭ ‬ثمن‭ ‬تلك‭ ‬العنصرية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬معاول‭ ‬أصحابها‭ ‬لأنهم‭ ‬يؤثثون‭ ‬الدنيا‭ ‬بمجموعة‭ ‬من‭ ‬العنصريين‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬مشكلة‭ ‬وطنية‭ ‬وإنسانية‭ ‬وأخلاقية،‭ ‬فتحس‭ ‬أن‭ ‬بعضهم‭ ‬يريدون‭ ‬تقطيع‭ ‬قمصانهم‭ ‬كي‭ ‬يزرعوا‭ ‬الكره‭ ‬والحقد‭ ‬لدى‭ ‬الآخرين‭.‬

وهناك‭ ‬آخرون‭ ‬يدخلون‭ ‬“تويتر”‭ ‬أو‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يلفظوا‭ ‬ما‭ ‬بصدورهم‭ ‬من‭ ‬سم‭ ‬ضد‭ ‬مسكين‭ ‬أو‭ ‬فقير‭ ‬أو‭ ‬محتاج‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬جار‭ ‬عليه‭ ‬الزمان‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دين‭ ‬أو‭ ‬طائفة‭ ‬أو‭ ‬عرقية،‭ ‬لكن‭ ‬ليعلموا‭ ‬ويقرأوا‭ ‬التاريخ‭ ‬جيدا،‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬العصور‭ ‬لم‭ ‬ينجح‭ ‬ولم‭ ‬ينتصر‭ ‬صدام‭ ‬عنصري‭ ‬مهما‭ ‬كان،‭ ‬وهذه‭ ‬اللوحات‭ ‬المقيتة‭ ‬تنتهي‭ ‬عند‭ ‬بداية‭ ‬الاصطدام‭ ‬بأي‭ ‬إنسان‭ ‬مثالي‭ ‬يتجاوز‭ ‬بأخلاقه‭ ‬وثقافته‭ ‬كل‭ ‬صور‭ ‬الجهل‭ ‬والتخلف‭.‬

لو‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يزرعون‭ ‬هذا‭ ‬السم‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬يبذلون‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬التفكير‭ ‬وتثقيف‭ ‬أنفسهم،‭ ‬سيدركون‭ ‬أن‭ ‬العنصرية‭ ‬لا‭ ‬تستحق‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الاهتمام‭... ‬يبذلون‭ ‬جهدا‭ ‬لإيجاد‭ ‬مكان‭ ‬لأنفسهم‭! ‬فلا‭ ‬داعي‭ ‬للكذب‭ ‬الجميل‭! ‬ما‭ ‬أراه‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬صراعات‭ ‬وتبادل‭ ‬التهم‭ ‬والسب‭ ‬والقذف‭ ‬والنزعة‭ ‬العنصرية‭ ‬بين‭ ‬بعض‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬للأسف‭ ‬توحي‭ ‬بأننا‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الرجوع‭ ‬إلى‭ ‬عصر‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الإسلام‭ ‬والجاهلية‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬أغلب‭ ‬العلاقات‭ ‬ليست‭ ‬لإنسانيتك،‭ ‬بل‭ ‬لعرقك‭ ‬أو‭ ‬طائفتك‭ ‬أو‭ ‬دينك‭.‬

هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يجدوا‭ ‬لأنفسهم‭ ‬مكانا‭ ‬في‭ ‬الإنسانية‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يدركوا‭ ‬أن‭ ‬الأفق‭ ‬مفتوح‭ ‬وإلى‭ ‬الأبد،‭ ‬فالإنسان‭ ‬وحده‭ ‬يحيا‭ ‬بوردة‭ ‬الحديقة‭ ‬وأشجار‭ ‬السلام‭ ‬ومصباح‭ ‬أديسون،‭ ‬فلا‭ ‬تتكبروا‭ ‬وعيشوا‭ ‬للسلام‭ ‬والإنسانية،‭ ‬فلا‭ ‬ننسى‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬نيلسون‭ ‬مانديلا‭ ‬“هناك‭ ‬صرخة‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬طريق‭ ‬الصمت”‭.‬