ياسمينيات

ماذا بعد “كورونا”؟

| ياسمين خلف

تبشرنا‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬بتعافي‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬المصابين‭ ‬بفيروس‭ ‬الكورونا‭ (‬كوفيد‭ ‬19‭) ‬وتماثلهم‭ ‬للشفاء،‭ ‬ويحظى‭ ‬هذا‭ ‬الخبر‭ ‬بتداول‭ ‬واهتمام‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬جنسياتهم‭ ‬وأعمارهم‭ ‬ومستوياتهم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والتعليمية،‭ ‬فهذا‭ ‬الفيروس‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يعرف‭ ‬العنصرية‭ ‬ولا‭ ‬الطبقية‭ ‬ولا‭ ‬المذهبية‭ ‬أصبح‭ ‬العدو‭ ‬الذي‭ ‬اتحد‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬مواجهته‭.‬

ويمثل‭ ‬خبر‭ ‬تعافي‭ ‬المصابين‭ ‬وخروج‭ ‬آخرين‭ ‬من‭ ‬العزل‭ ‬الصحي‭ ‬الأمل‭ ‬الذي‭ ‬يتمسك‭ ‬فيه‭ ‬كثيرون،‭ ‬والذي‭ ‬يشكل‭ ‬الدليل‭ ‬المُطمئن‭ ‬على‭ ‬إمكانية‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬وعدم‭ ‬افتراسه‭ ‬المرضى‭ ‬أو‭ ‬القضاء‭ ‬عليهم،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك،‭ ‬هل‭ ‬فكرنا‭ ‬بمرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الكورونا؟‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬شفاء‭ ‬المرضى‭ ‬منه؟‭ ‬ورجوعهم‭ ‬لمنازلهم،‭ ‬وأعمالهم‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مدارسهم‭ ‬وجامعاتهم؟

ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نؤكد‭ ‬عليه‭ ‬مرة‭ ‬ومرات،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭ ‬والذي‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬عائلة‭ ‬الأنفلونزا،‭ ‬ليس‭ ‬بالمرض‭ ‬المعيب‭ ‬ولا‭ ‬يستدعي‭ ‬من‭ ‬المصابين‭ ‬به،‭ ‬التستر‭ ‬أو‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬الإفصاح‭ ‬عن‭ ‬الإصابة‭ ‬به،‭ ‬وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬المصابين‭ ‬به،‭ ‬والذين‭ ‬تماثلوا‭ ‬للشفاء‭ ‬ليسوا‭ ‬إلا‭ ‬مرضى‭ ‬شأنهم‭ ‬شأن‭ ‬أي‭ ‬مريض‭ ‬يصاب‭ ‬بوعكة‭ ‬صحية‭ ‬ويتماثل‭ ‬للشفاء،‭ ‬ويعود‭ ‬إلى‭ ‬طبيعته‭ ‬وحياته‭ ‬الروتينية‭ ‬والعادية،‭ ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬داعي‭ ‬أبداً‭ ‬إلى‭ ‬التهويل‭ ‬أو‭ ‬الوسوسة‭ ‬أو‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬أصيبوا‭ ‬بالعدوى‭ ‬بهذا‭ ‬الفيروس،‭ ‬وكأنه‭ ‬في‭ ‬ليلة‭ ‬وضحاها‭ ‬تحول‭ ‬من‭ ‬إنسان‭ ‬إلى‭ ‬فيروس‭ ‬متحرك‭!‬

يجب‭ ‬علينا‭ ‬جميعا‭ ‬مساندتهم،‭ ‬واحتضانهم‭ ‬نفسيا،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ - ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬مروا‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬رحلة‭ ‬علاجية‭ ‬استمرت‭ ‬لأسابيع‭ - ‬عليهم،‭ ‬فنظرات‭ ‬الخوف،‭ ‬أو‭ ‬الابتعاد‭ ‬من‭ ‬أماكن‭ ‬تواجدهم،‭ ‬وعدم‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬مخالطتهم،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬إلقاء‭ ‬كلمات‭ ‬أو‭ ‬عبارات‭ ‬في‭ ‬ظاهرها‭ ‬التندر‭ ‬وفي‭ ‬باطنها‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التوجس‭ ‬والخوف،‭ ‬كلها،‭ ‬يجب‭ ‬الحذر‭ ‬منها‭ ‬وتحاشيها،‭ ‬فلا‭ ‬مبرر‭ ‬لكل‭ ‬ذلك‭ ‬والمريض‭ ‬قد‭ ‬تماثل‭ ‬للشفاء‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬يشكل‭ ‬أية‭ ‬خطورة‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭.‬

ويكفي‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬نفسك‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الموقف،‭ ‬أفبعد‭ ‬أن‭ ‬تُصاب‭ ‬بالمرض‭ ‬هل‭ ‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الناس‭ ‬أو‭ ‬الخروج‭ ‬للشارع؟‭.‬

 

ياسمينة‭:

‬فلنكن‭ ‬أكثر‭ ‬رُقي‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المتعافين‭.‬