وَخْـزَةُ حُب

التعايش... المرحلة الأخيرة من المُواجهة!

| د. زهرة حرم

أشرقت‭ ‬الوجوه،‭ ‬وانتعشت‭ ‬الأنفس‭ ‬بعد‭ ‬السماح‭ ‬بعودة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأنشطة،‭ ‬وإنْ‭ ‬كانت‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬وإنْ‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬حجاب‭ ‬أو‭ ‬قناع،‭ ‬وإنْ‭ ‬كانت‭ ‬مع‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المعقمات‭ ‬والاحترازات‭! ‬مع‭ ‬واقع‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬يشي‭ ‬بانتشار‭ ‬حالات‭ ‬الإصابة،‭ ‬لا‭ ‬تقلصها‭ ‬أو‭ ‬نكوصها‭! ‬والمطلوب‭ ‬الآن‭: ‬أن‭ ‬نتعايش‭! ‬فماذا‭ ‬تحمل‭ ‬هذه‭ ‬الكلمة‭/ ‬المفردة‭ ‬من‭ ‬دلالات‭ ‬أو‭ ‬إشارات؟‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أنها‭ ‬تُوصل‭ ‬لنا‭ ‬الآتي‭: ‬ان‭ ‬الفيروس‭ ‬غريب،‭ ‬نعم،‭ ‬لكنه‭ ‬حلّ‭ ‬بيننا،‭ ‬واستفحل‭ ‬وانتشر‭. ‬أصاب‭ ‬بعضنا؛‭ ‬فصدمنا،‭ ‬وأثناءها‭ ‬فهمنا‭ ‬–‭ ‬نسبيًا‭ ‬–‭ ‬طبيعته،‭ ‬وتابعنا‭ ‬ما‭ ‬دار‭ ‬حوله‭ ‬من‭ ‬لغط‭ ‬–‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ - ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭! ‬فماذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬نُوّجّه‭ ‬إلى‭ ‬التعايش‭ ‬معه‭: ‬سوى‭ ‬التقبّل،‭ ‬والسماح،‭ ‬والتأقلم،‭ ‬وعدم‭ ‬الإنكار‭ ‬أو‭ ‬الرفض،‭ ‬والتعاطي‭ ‬بإيجابية‭ ‬مطلقة‭.‬

المطلوب‭ ‬منا‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬نتعامل‭ ‬معه‭ ‬بأريحية‭ ‬شديدة،‭ ‬فإذا‭ ‬نزل‭ ‬بنا‭ ‬أحسنّا‭ ‬وِفادته،‭ ‬وأكرمناه‭ ‬بالقبول،‭ ‬والعلاج،‭ ‬وكأي‭ ‬مرض‭ ‬سيمرّ‭ ‬وتنقضي‭ ‬مدته،‭ ‬وتنتهي‭ ‬القصة‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭! (‬وبس‭!) ‬قد‭ ‬يظن‭ ‬أحدكم‭ ‬أنها‭ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬استسلامية‭ ‬خاضعة،‭ ‬كما‭ ‬شِيع‭ ‬أو‭ ‬انتشر‭ ‬عند‭ ‬البعض،‭ ‬إننا‭ ‬نجده‭ ‬–‭ ‬ونحن‭ ‬نتابع‭ ‬كغيرنا‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬خصوصا‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الطبي‭ ‬أو‭ ‬الصحي‭ ‬–‭ ‬نجده‭ ‬تعاطيًا‭ ‬ذكيًا،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الغموض‭ ‬والضبايبة،‭ ‬حول‭ ‬الفيروس،‭ ‬ومدته،‭ ‬وأسبابه‭. ‬لقد‭ ‬تعاطت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬–‭ ‬والبحرين‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬القلائل‭ ‬التي‭ ‬انتهجت‭ ‬أسلوب‭ ‬التخفيف‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬ولاسيما‭ ‬خليجيًا‭ ‬–‭ ‬بواقعية؛‭ ‬فأصحاب‭ ‬القرار‭ ‬والمسؤولون‭ ‬عايشوا‭ ‬الحدث‭ ‬أولا‭ ‬بأول،‭ ‬في‭ ‬المحاجر،‭ ‬والمستشفيات،‭ ‬وتابعوا‭ ‬الحالات،‭ ‬وجرّبوا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬طريقة،‭ ‬ووسيلة،‭ ‬وكان‭ ‬أنْ‭ ‬انتهوا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحل‭ ‬الأنجع‭ ‬–‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الحالية‭ - ‬هو‭ ‬السماح‭ ‬لهذا‭ ‬الفيروس‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬بهدوء‭.‬

هناك‭ ‬نقطة‭ ‬مهمة‭ ‬جدا،‭ ‬تلت‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬بالتعايش؛‭ ‬هي‭ ‬الحالة‭ ‬النفسية‭ ‬العالية،‭ ‬التي‭ ‬نراها‭ ‬سادت،‭ ‬وتزامنت‭ ‬مع‭ ‬فرحة‭ ‬الناس‭ ‬بالعيد؛‭ ‬فالغالبية‭ ‬منا‭ ‬تعيش‭ ‬انتعاش‭ ‬الإحساس‭ ‬بالتخفيف،‭ ‬ولو‭ ‬بشكل‭ ‬بسيط،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬انعكس‭ ‬على‭ ‬سلوك‭ ‬الجميع‭ ‬بشكل‭ ‬إيجابي‭ ‬طيب‭. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬نحتاج‭ ‬إليه‭ ‬بالفعل‭: ‬المعنويات‭ ‬المرتفعة،‭ ‬أليست‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬يرفع‭ ‬المناعة،‭ ‬ويقاوم‭ ‬الأمراض؟‭! ‬كم‭ ‬نفتقدها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عالم‭ ‬ينشر‭ ‬الأزمات‭ ‬تِباعًا،‭ ‬واحدة‭ ‬بعد‭ ‬أخرى،‭ ‬ويخرج‭ ‬علينا‭ ‬بصدمات‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭! ‬لعلنّي‭ ‬أصف‭ ‬التعاطي‭ ‬الحالي‭ ‬لأزمة‭ ‬كورونا‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬بالتعاطي‭ ‬النفسي،‭ ‬وهي‭ ‬المرحلة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬من‭ ‬المواجهة،‭ ‬والتي‭ ‬سننتظر‭ ‬–‭ ‬بتفاؤل‭ - ‬أن‭ ‬تنقضي‭ ‬بسلام؛‭ ‬لتحل‭ ‬إثرها‭ ‬مرحلة‭ ‬الإعلان‭ ‬الأخير‭: ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ (‬الحالة‭ ‬صفر‭)! ‬وستحلّ،‭ ‬وإنّا‭ ‬لمترقبون،‭ ‬وإن‭ ‬غدًا‭ ‬لناظره‭ ‬لقريب،‭ ‬وقريب‭ ‬جدًا‭. ‬اللهم‭ ‬يا‭ ‬رب‭ ‬آمين‭.‬