العمالة الوافدة واحتمالات التوطين والتجنيس

| عبدالنبي الشعلة

ليكن‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬اطمئنان‭ ‬وثقة‭ ‬بأن‭ ‬القادة‭ ‬والمسؤولين‭ ‬المعنيين‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬وإدراك‭ ‬تامين‭ ‬بطبيعة‭ ‬وخطورة‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تفرضها‭ ‬الآن‭ ‬قضية‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬على‭ ‬مجمل‭ ‬الأوضاع‭ ‬الصحية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والأمنية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬في‭ ‬بلداننا‭ ‬الخليجية؛‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬صارت‭ ‬هذه‭ ‬الأخطار‭ ‬والتحديات‭ ‬الآن‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحًا‭ ‬وتجليا‭ ‬نتيجة‭ ‬لتداعيات‭ ‬وإرهاصات‭ ‬الهجمة‭ ‬الشرسة‭ ‬التي‭ ‬تعرض‭ ‬لها‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬يطمئنوا‭ ‬ويثقوا‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬قادتنا‭ ‬وكبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬المعنيين‭ ‬في‭ ‬دولنا‭ ‬الخليجية‭ ‬قادرون‭ ‬وعازمون‭ ‬وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬المسؤولية‭ ‬للتصدي‭ ‬لهذه‭ ‬التحديات‭ ‬والأخطار‭ ‬وتجاوزها‭ ‬بكل‭ ‬حكمة‭ ‬واقتدار‭.‬

وعندما‭ ‬أشرنا‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬ضمن‭ ‬الحلول‭ ‬المقترحة،‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬ووضع‭ ‬خطط‭ ‬قصيرة‭ ‬ومتوسطة‭ ‬وبعيدة‭ ‬الأمد،‭ ‬تنفذ‭ ‬تدريجيا‭ ‬وعلى‭ ‬مراحل‭ ‬زمنية؛‭ ‬لضمان‭ ‬عودة‭ ‬الفائض‭ ‬عن‭ ‬حاجتنا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العمالة‭ ‬إلى‭ ‬أوطانها،‭ ‬آخذين‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬الجوانب‭ ‬والعوامل‭ ‬الإنسانية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬والاعتبارات‭ ‬العملية‭ ‬والقانونية،‭ ‬وقلنا‭ ‬إن‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬نستبعد‭ ‬إمكان‭ ‬توطين‭ ‬ومنح‭ ‬الجنسية‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬منهم‭ ‬طوعًا‭ ‬أو‭ ‬قسرًا،‭ ‬ومن‭ ‬الأفضل‭ ‬أن‭ ‬نختار‭ ‬الخيار‭ ‬الطوعي،‭ ‬بحيث‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬التقاط‭ ‬وإدماج‭ ‬أفضل‭ ‬القدرات‭ ‬والخبرات‭ ‬منهم‭ ‬ضمن‭ ‬كوادرنا‭ ‬الوطنية،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬شكك‭ ‬بل‭ ‬استبعد‭ ‬بعض‭ ‬القراء‭ ‬والمتابعين‭ ‬وجود‭ ‬أية‭ ‬أرضية‭ ‬قانونية‭ ‬تتيح‭ ‬لأي‭ ‬مقيم‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬المطالبة‭ ‬بحق‭ ‬التجنيس‭.‬

وللإجابة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬نشير‭ ‬إلى‭ ‬مدونة‭ ‬كتبت‭ ‬في‭ ‬الصفحة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬لهيئة‭ ‬تنظيم‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬منذ‭ ‬تاريخ‭ ‬30‭ ‬أكتوبر‭ ‬2008‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬“استقرار‭ ‬العمالة‭ ‬فترات‭ ‬طويلة‭ ‬يهيئ‭ ‬الظروف‭ ‬للمطالبة‭ ‬بالجنسية”‭ ‬والتي‭ ‬جاء‭ ‬فيها‭ ‬ما‭ ‬يلي‭: ‬“اعتبرت‭ ‬دراسة‭ ‬صدرت‭ ‬حديثًا‭ ‬أن‭ ‬ميل‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬إلى‭ ‬الاستقرار‭ ‬لفترات‭ ‬طويلة‭ ‬سيخلق‭ ‬وضعًا‭ ‬مقلقًا‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬تهيئة‭ ‬الظروف‭ ‬لها‭ ‬للمطالبة‭ ‬باكتساب‭ ‬الجنسية،‭ ‬ولفتت‭ ‬الدراسة‭ ‬التي‭ ‬أصدرها‭ ‬المكتب‭ ‬التنفيذي‭ ‬لمجلس‭ ‬وزراء‭ ‬العمل‭ ‬والشؤون‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الخليجي،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬“الاتفاقية‭ ‬الدولية‭ ‬لحماية‭ ‬حقوق‭ ‬جميع‭ ‬العمال‭ ‬المهاجرين‭ ‬وأفراد‭ ‬أسرهم”،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬نصوص‭ ‬تقر‭ ‬للمهاجر‭ ‬بالحق‭ ‬في‭ ‬اكتساب‭ ‬جنسية‭ ‬دولة‭ ‬الاستقبال،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التصديق‭ ‬عليها‭ ‬سيعزز‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬تشجع‭ ‬على‭ ‬تجنيس‭ ‬المهاجرين”‭.‬

واعتبرت‭ ‬الدراسة‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬“سيكون‭ ‬نتيجة‭ ‬الإقامة‭ ‬فترات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬بهدف‭ ‬اكتساب‭ ‬الحقوق‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬الخدمة‭ ‬الطويلة‭ ‬وفقًا‭ ‬لأحكام‭ ‬قانون‭ ‬العمل‭ ‬والتأمينات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وقوانين‭ ‬الجنسية،‭ ‬وكذلك‭ ‬نتيجة‭ ‬لمّ‭ ‬شمل‭ ‬أسر‭ ‬المهاجرين‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬ولادة‭ (‬الأجيال‭ ‬الثانية‭) ‬من‭ ‬المهاجرين‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬دولة‭ ‬الاستقبال”‭.‬

وأشارت‭ ‬الدراسة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬“الاتفاقية‭ ‬راعت‭ ‬في‭ ‬نصوصها‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬مصلحة‭ ‬العمال‭ ‬المهاجرين‭ ‬وأفراد‭ ‬أسرهم،‭ ‬وغلبتها‭ ‬على‭ ‬مصالح‭ ‬دول‭ ‬الاستقبال”،‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬أبرزها‭.‬

وتعتبر‭ ‬“الاتفاقية‭ ‬الدولية‭ ‬لحماية‭ ‬جميع‭ ‬حقوق‭ ‬العمال‭ ‬المهاجرين‭ ‬وأفراد‭ ‬أسرهم”‭ ‬التي‭ ‬اعتمدت‭ ‬بقرار‭ ‬من‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أهم‭ ‬اتفاقية‭ ‬تعترف‭ ‬بحقوق‭ ‬المهاجرين‭ ‬وأسرهم‭ ‬وتضع‭ ‬آليات‭ ‬لحماية‭ ‬دولية‭ ‬مناسبة‭ ‬لحقوقهم‭.‬

وفي‭ ‬حالة‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬لم‭ ‬تصادق‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬أو‭ ‬عند‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬المصادقة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬والالتزام‭ ‬بها،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬تعتبر‭ ‬إحدى‭ ‬اتفاقيات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الأساسية،‭ ‬وقد‭ ‬أكدت‭ ‬في‭ ‬ديباجتها‭ ‬على‭ ‬الترابط‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬صكوك‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الأساسية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬أشارت‭ ‬كذلك‭ ‬إلى‭ ‬المبادئ‭ ‬والمعايير‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬الصكوك‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬التي‭ ‬أقرتها‭ ‬منظمة‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‭ ‬والتي‭ ‬تعد‭ ‬بنودًا‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬العرفي‭ ‬الذي‭ ‬يلزم‭ ‬الدول‭ ‬الأطراف‭ ‬وغير‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬الاتفاقية‭.‬

ولا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نتغافل‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬التركيبة‭ ‬السكانية‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬صارت‭ ‬تضم‭ ‬بحجم‭ ‬محسوس‭ ‬شرائح‭ ‬واسعة‭ ‬تجذرت‭ ‬واستقرت‭ ‬وتوالدت‭ ‬وتكاثرت،‭ ‬وأصبح‭ ‬لها‭ ‬كيان‭ ‬اجتماعي‭ ‬يعززه‭ ‬حجمها‭ ‬ونفوذها‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والدعم‭ ‬السياسي‭ ‬لها‭ ‬الخارجي‭ ‬من‭ ‬دولها‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الالتزامات‭ ‬الدولية‭ ‬لدول‭ ‬المجلس‭ ‬تجاه‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭.‬

وقد‭ ‬أسهبت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬المتخصصة‭ ‬المعتبرة‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬القواعد‭ ‬القانونية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬للعمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬أو‭ ‬المهاجرة‭ ‬المطالبة‭ ‬على‭ ‬أساسها‭ ‬بجنسية‭ ‬الدولة‭ ‬المضيفة؛‭ ‬منها‭ ‬الدراسة‭ ‬التي‭ ‬أعدها‭ ‬لجامعة‭ ‬نايف‭ ‬العربية‭ ‬للعلوم‭ ‬الأمنية‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬حسن‭ ‬البرعي؛‭ ‬المحامي‭ ‬لدى‭ ‬المحاكم‭ ‬العليا‭ ‬أستاذ‭ ‬ورئيس‭ ‬قسم‭ ‬التشريعات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بجامعة‭ ‬القاهرة‭ ‬حول‭ ‬“الاتفاقية‭ ‬الدولية‭ ‬لحماية‭ ‬جميع‭ ‬حقوق‭ ‬العمال‭ ‬المهاجرين‭ ‬وأفراد‭ ‬أسرهم”،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الدكتورة‭ ‬ميثاء‭ ‬سالم‭ ‬الشامسي‭ ‬التي‭ ‬عينت‭ ‬وزيرة‭ ‬دولة‭ ‬بالإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬قدمت‭ ‬دراسة‭ ‬قيمة‭ ‬إلى‭ ‬اجتماع‭ ‬خبراء‭ ‬الإسكوا‭ ‬بشأن‭ ‬الهجرة‭ ‬الدولية‭ ‬والتنمية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬وكان‭ ‬عنوانها‭: ‬“تقييم‭ ‬سياسات‭ ‬الهجرة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭.. ‬دروس‭ ‬مستقبلية”‭.‬

ونعيد‭ ‬إلى‭ ‬الذاكرة‭ ‬بهذا‭ ‬الصدد‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬مندوب‭ ‬الهند‭ ‬ومطالبته‭ ‬بتجنيس‭ ‬العمالة‭ ‬الهندية‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬أراضي‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬ومنحها‭ ‬حقوقها‭ ‬السياسية،‭ ‬وعدم‭ ‬ربط‭ ‬بقائها‭ ‬بمدة‭ ‬معينة‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬مقترح‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬واعتبارها‭ ‬عمالة‭ ‬مهاجرة‭ ‬وليست‭ ‬وافدة؛‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬جلسات‭ ‬“منتدى‭ ‬حوار‭ ‬المنامة”‭ (‬أعتقد‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬الثالثة‭ ‬عشرة‭) ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2017‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬ملفاتها‭ ‬مكافحة‭ ‬التطرف‭ ‬والإرهاب،‭ ‬والشراكات‭ ‬الأمنية‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬والتحديث‭ ‬الدفاعي‭ ‬في‭ ‬الخليج،‭ ‬وإنشاء‭ ‬بنية‭ ‬أمنية‭ ‬مستقرة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬تلك‭ ‬المطالبة‭ ‬مفاجئة‭ ‬أو‭ ‬جديدة،‭ ‬ولكن‭ ‬الجديد‭ ‬فيها‭ ‬كان‭ ‬طرحها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬بشكل‭ ‬علني‭ ‬ورسمي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ممثل‭ ‬الحكومة‭ ‬الهندية‭.‬

كما‭ ‬نعيد‭ ‬إلى‭ ‬الأذهان‭ ‬التصريحات‭ ‬المتكررة‭ ‬لوزير‭ ‬العمل‭ ‬والشؤون‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الأسبق‭ ‬بالمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬الشقيقة‭ ‬المرحوم‭ ‬الدكتور‭ ‬غازي‭ ‬القصيبي‭ ‬الذي‭ ‬شدد‭ ‬على‭ ‬“أهمية‭ ‬تحديد‭ ‬إقامة‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬في‭ (‬السعودية‭) ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬بشكل‭ ‬عام”‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬تجاهل‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬“يفرض‭ ‬استحقاقات‭ ‬تفرضها‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬عليها”‭ ‬المملكة‭ ‬ودول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الأخرى،‭ ‬وكان‭ ‬وزير‭ ‬العمل‭ ‬السعودي‭ ‬بذلك‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬المخاوف‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬واقع‭ ‬تجنيس‭ ‬العمال‭ ‬الأجانب‭ ‬الذين‭ ‬أمضوا‭ ‬عددًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬السنوات‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تمنح‭ ‬جنسياتها‭ ‬للوافدين،‭ ‬وأضاف‭ ‬الوزير‭ ‬السعودي‭ ‬وقتها‭: ‬“لا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للعمال‭ ‬تمثيل‭ ‬في‭ ‬برلماناتنا‭ ‬ومجالسنا‭ ‬البلدية”‭.‬

وكان‭ ‬المحلل‭ ‬الكويتي‭ ‬المعروف‭ ‬الدكتور‭ ‬عايد‭ ‬المناع‭ ‬قد‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬“هنالك‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬شك‭ ‬خوف‭ ‬لدى‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تجبر‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬ما‭ ‬على‭ ‬القبول‭ ‬بشيء‭ ‬لا‭ ‬يرضيها‭ ‬كمنح‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬لليد‭ ‬العاملة‭ ‬الوافدة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الجنسية”‭.‬

وأود‭ ‬أن‭ ‬أختم‭ ‬هذه‭ ‬الوقفة‭ ‬بالرجوع‭ ‬إلى‭ ‬تجربة‭ ‬بريطانيا‭ ‬التي‭ ‬يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬سكانها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬67‭ ‬مليون‭ ‬نسمة،‭ ‬13‭ % ‬منهم‭ ‬فقط‭ ‬مقيمون‭ ‬ممن‭ ‬ولدوا‭ ‬خارج‭ ‬بريطانيا‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أصول‭ ‬بريطانية،‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬2‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬من‭ ‬الوافدين‭ ‬أو‭ ‬المهاجرين‭ ‬المسلمين‭ ‬وأبنائهم‭ ‬قد‭ ‬تمكنوا‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الجنسية‭ ‬البريطانية‭ ‬وبنسبة‭ ‬4‭.‬7‭ % ‬من‭ ‬السكان،‭ ‬وتمكن‭ ‬الكثير‭ ‬منهم،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القنوات‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬مختلف‭ ‬مواقع‭ ‬السلطة‭ ‬العليا‭ ‬من‭ ‬وزراء‭ ‬أمثال‭ ‬سعيدة‭ ‬وارسي‭ ‬وساجد‭ ‬جاويد‭ ‬وغيرهما،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬صادق‭ ‬خان‭ ‬يشغل‭ ‬منصب‭ ‬عمدة‭ ‬لندن‭ ‬العاصمة،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬15‭ ‬عضوًا‭ ‬مسلمًا‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬العموم‭ ‬و11‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬اللوردات،‭ ‬وأن‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬بريطانيا‭ ‬الحالي‭ ‬بوريس‭ ‬جونسون‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬تركية‭ ‬مسلمة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬جده‭ ‬الأكبر‭ ‬علي‭ ‬كمال‭ ‬بك‭ ‬كان‭ ‬آخر‭ ‬شخص‭ ‬شغل‭ ‬منصب‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬العثمانية‭.‬