كيف طار الأسبوع؟

| هدى حرم

هل‭ ‬حدثتْ‭ ‬ظاهرةٌ‭ ‬كونيةٌ‭ ‬لا‭ ‬نعلمها؟‭ ‬هل‭ ‬صدرَ‭ ‬قرارٌ‭ ‬بتقليصِ‭ ‬أيامِ‭ ‬الأسبوع‭ ‬لثلاثة‭ ‬أو‭ ‬أربعة؟‭ ‬أذكرُ‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬الخميس،‭ ‬فكيف‭ ‬صارَ‭ ‬الاثنينَ‭ ‬فجأة؟‭ ‬أين‭ ‬كنتُ‭ ‬أنا‭ ‬حين‭ ‬حدثَ‭ ‬ذلك؟‭ ‬كيف‭ ‬طارَ‭ ‬الأسبوعُ‭ ‬بلمحِ‭ ‬البصر،‭ ‬وكأننا‭ ‬قطعناهُ‭ ‬في‭ ‬آلةِ‭ ‬الزمن،‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يشغلنا؟‭ ‬أهو‭ ‬أمرٌ‭ ‬كان‭ ‬يستحقُ‭ ‬أنْ‭ ‬ننهمكَ‭ ‬فيه‭ ‬ونغرقَ‭ ‬حتى‭ ‬لمْ‭ ‬نَعُدْ‭ ‬نشعرُ‭ ‬بالوقت‭ ‬فقَطَعَنا‭ ‬ولمْ‭ ‬نَقْطَعَهُ؟

كالرهينةِ‭ ‬بين‭ ‬أيدينا،‭ ‬نظنُ‭ ‬أنّا‭ ‬أطبقنا‭ ‬عليها‭ ‬بيدٍ‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬وسكينٍ‭ ‬من‭ ‬جهةٍ‭ ‬أخرى،‭ ‬حتى‭ ‬تُغادِرَنا‭ ‬وننقلبَ‭ ‬نحن‭ ‬الرهينة‭ ‬بين‭ ‬يدي‭ ‬الوقت‭. ‬لا‭ ‬نملكُ‭ ‬القدرةَ‭ ‬على‭ ‬إدارةِ‭ ‬الوقت،‭ ‬بل‭ ‬نفقدُ‭ ‬الشعورَ‭ ‬به‭ ‬كذلك؛‭ ‬ففي‭ ‬اللحظةِ‭ ‬التي‭ ‬يظنُ‭ ‬بعضُنا‭ ‬أنه‭ ‬وضعَ‭ ‬لنفسه‭ ‬خطةً‭ ‬لا‭ ‬يعتريها‭ ‬الخلل،‭ ‬يجدُ‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬آخرِ‭ ‬المطاف‭ ‬محشوراً‭ ‬بين‭ ‬المطرقةِ‭ ‬والسندان‭ ‬لا‭ ‬يملكُ‭ ‬دقيقةً‭ ‬ليُنهي‭ ‬عملهُ‭ ‬المؤجل‭ ‬أو‭ ‬ليُضفي‭ ‬عليه‭ ‬رتوشاً‭ ‬أخيرة‭.‬

يُداهمُنا‭ ‬الوقتُ‭ ‬دوماً،‭ ‬تُداهمنا‭ ‬السنواتُ‭ ‬وتمرُ‭ ‬بنا‭ ‬الشهورُ‭ ‬مرَّ‭ ‬الكرام،‭ ‬كشهرِ‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬إنْ‭ ‬بدأَ‭ ‬حتى‭ ‬انتهى،‭ ‬كأيامِ‭ ‬الأعياد،‭ ‬كأيامِ‭ ‬الدراسةِ‭ ‬والصِبا،‭ ‬حتى‭ ‬نفيقَ‭ ‬فجأةً‭ ‬من‭ ‬غيبوبةِ‭ ‬الأحداث،‭ ‬لنرى‭ ‬أنفسَنا‭ ‬وقد‭ ‬فاتنا‭ ‬الكثير،‭ ‬فاتنا‭ ‬أنْ‭ ‬نشعرَ‭ ‬بجمالِ‭ ‬الحياةِ‭ ‬وبساطتها‭ ‬أيامَ‭ ‬طفولتِنا،‭ ‬فاتنا‭ ‬أنْ‭ ‬نستشعرَ‭ ‬جمالَ‭ ‬العلاقات‭ ‬في‭ ‬السنةِ‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬زواجنا،‭ ‬فاتنا‭ ‬أنْ‭ ‬نشعرَ‭ ‬بالفرح‭ ‬العارمِ‭ ‬عند‭ ‬رؤيةِ‭ ‬أولِ‭ ‬مولودٍ‭ ‬لنا‭. ‬فاتتنا‭ ‬أمورٌ‭ ‬بِودِّنا‭ ‬لو‭ ‬أنَّ‭ ‬الزمنَ‭ ‬يعودُ‭ ‬كي‭ ‬نقومَ‭ ‬بها،‭ ‬وكلماتٍ‭ ‬تمنينا‭ ‬لو‭ ‬أننا‭ ‬قُلناها‭ ‬لبعضنا‭ ‬ولم‭ ‬نقلها،‭ ‬فاتنا‭ ‬الكثيرُ‭ ‬جداً‭.‬

مَضتْ‭ ‬بنا‭ ‬الأيامُ‭ ‬كأنها‭ ‬ساعة،‭ ‬والسنواتُ‭ ‬كأنها‭ ‬أيام،‭ ‬وكبُرنا‭ ‬دونَ‭ ‬أنْ‭ ‬ندري،‭ ‬واختفى‭ ‬من‭ ‬بيننا‭ ‬أحباءُ‭ ‬وتغيرتْ‭ ‬مشاهدُ‭ ‬الحياةِ‭ ‬حولنا‭ ‬أكثرَ‭ ‬من‭ ‬مرةٍ‭ ‬على‭ ‬خشبةِ‭ ‬مسرحِها‭ ‬ونحن‭ ‬غارقونَ‭ ‬في‭ ‬هوامشِ‭ ‬أحداثها‭. ‬

نحن‭ ‬بحاجةٍ‭ ‬للشعورِ‭ ‬بالوقت،‭ ‬بحاجةٍ‭ ‬لإدارته‭ ‬بأنفسنا‭ ‬نُوقفهُ‭ ‬ساعةَ‭ ‬نشاءُ‭ ‬ونتمعنُ‭ ‬بالأحداثِ‭ ‬والأشخاصِ‭ ‬والأمكنة،‭ ‬لنُفرِزَ‭ ‬ردودَ‭ ‬الأفعالِ‭ ‬والمشاعرِ‭ ‬الصحيحةِ‭ ‬في‭ ‬الأوقاتِ‭ ‬المناسبة‭.‬