زبدة القول

ملحمة البرث... أي جيش هذا وأية عقيدة عسكرية؟

| د. بثينة خليفة قاسم

لماذا‭ ‬لم‭ ‬تسقط‭ ‬مصر؟‭ ‬ولماذا‭ ‬لن‭ ‬تسقط‭ ‬مصر؟‭ ‬الإجابة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القصة‭: ‬جلسنا‭ ‬أمام‭ ‬الحلقة‭ ‬الثامنة‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬مسلسل‭ ‬الاختيار‭ ‬وعشنا‭ ‬اللحظة‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬وكأنها‭ ‬تجري‭ ‬الآن‭ ‬أمام‭ ‬أعيننا‭ ‬وليست‭ ‬تجسيدا‭ ‬دراميا‭ ‬لمعركة‭ ‬من‭ ‬معارك‭ ‬الجيش‭ ‬المصري‭ ‬العظيم‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الإرهاب‭ ‬المجرم‭. ‬إنها‭ ‬ملحمة‭ ‬البرث،‭ ‬ذلك‭ ‬الكمين‭ ‬الموجود‭ ‬قرب‭ ‬مدينة‭ ‬العريش‭ ‬المصرية،‭ ‬إنهم‭ ‬أبطال‭ ‬الكتيبة‭ ‬‮١٠٣‬‭ ‬بقيادة‭ ‬الشهيد‭ ‬البطل‭ ‬أحمد‭ ‬المنسي‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬على‭ ‬موعد‭ ‬مع‭ ‬لحظة‭ ‬نادرة‭ ‬من‭ ‬لحظات‭ ‬البطولة‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬بعد‭ ‬أذان‭ ‬الفجر‭ ‬من‭ ‬يوم‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬يوليو‭ ‬‮٢٠١٧‬‭.‬

ستة‭ ‬وعشرون‭ ‬شهيدا‭ ‬في‭ ‬ساعة‭ ‬واحدة‭ ‬صعدوا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فضلوا‭ ‬الموت‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬علم‭ ‬الإرهاب‭ ‬على‭ ‬أمتار‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬بلادهم،‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬لهؤلاء‭ ‬أن‭ ‬يموتوا‭ ‬في‭ ‬حادث‭ ‬سيارة‭ ‬أو‭ ‬يموتوا‭ ‬بالكورونا‭ ‬أو‭ ‬بأي‭ ‬سبب‭ ‬آخر،‭ ‬والكل‭ ‬حتما‭ ‬سيموت،‭ ‬لكن‭ ‬ثمة‭ ‬فرق‭ ‬بين‭ ‬موت‭ ‬الشهداء‭ ‬الذين‭ ‬يرسمون‭ ‬بدمائهم‭ ‬حدود‭ ‬الوطن،‭ ‬وبين‭ ‬موت‭ ‬غيرهم‭ ‬من‭ ‬الناس‭. ‬

الكتيبة‭ ‬‮١٠٣‬‭ ‬من‭ ‬كتائب‭ ‬جيش‭ ‬مصر‭ ‬ستبقى‭ ‬سببا‭ ‬للفخر‭ ‬والاعتزاز‭ ‬بكفاح‭ ‬أبناء‭ ‬مصر‭ ‬العروبة،‭ ‬وسببا‭ ‬لفخر‭ ‬كل‭ ‬عربي‭ ‬شريف‭. ‬أي‭ ‬جيش‭ ‬هذا؟‭ ‬وأية‭ ‬عقيدة‭ ‬عسكرية‭ ‬هذه‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬جنديا‭ ‬يقاتل‭ ‬بكل‭ ‬شراسة‭ ‬وحده‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استشهد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬معه،‭ ‬إنهم‭ ‬يستحقون‭ ‬فعلا‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬خير‭ ‬أجناد‭ ‬الأرض‭. ‬كان‭ ‬أحمد‭ ‬المنسي‭ ‬ذلك‭ ‬البطل‭ ‬الذي‭ ‬قاتل‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬سقط‭ ‬كل‭ ‬رجاله‭ ‬وسلاحهم‭ ‬بين‭ ‬أيديهم‭.‬

وصعد‭ ‬المنسي‭ ‬وترك‭ ‬لنا‭ ‬كلماته‭ ‬المؤثرة‭: ‬يا‭ ‬قبورا‭ ‬تنادي‭ ‬أسامينا‭.. ‬ويا‭ ‬موتا‭ ‬يعرف‭ ‬كيف‭ ‬يصطفينا،‭ ‬سطوة‭ ‬الموت‭ ‬لن‭ ‬تغير‭ ‬لقبنا‭.. ‬فنحن‭ ‬أحياء‭ ‬للشهادة‭ ‬سائلينا،‭ (‬ميت‭) ‬لقب‭ ‬لمن‭ ‬هو‭ ‬دوننا‭.. ‬والشهيد‭ ‬اسم‭ ‬من‭ ‬بالروح‭ ‬يفدينا،‭ ‬مهنتي‭ ‬الشرف‭ ‬والمجد‭ ‬أجنيه‭.. ‬وحب‭ ‬القلب‭ ‬للقلب‭ ‬يرضينا،‭ ‬فديناك‭ ‬يا‭ ‬مصر‭ ‬بالدم‭ ‬والروح‭.. ‬نعطي‭ ‬ولا‭ ‬نسأل‭ ‬من‭ ‬يعطينا،‭ ‬قد‭ ‬قضيت‭ ‬في‭ ‬الأمان‭ ‬عدد‭ ‬سنين‭.. ‬وكم‭ ‬قضينا‭ ‬عن‭ ‬الأرض‭ ‬مدافعينا،‭ ‬وكم‭ ‬قضيت‭ ‬هروبا‭ ‬من‭ ‬الموت‭.. ‬وكم‭ ‬قضينا‭ ‬عن‭ ‬الموت‭ ‬باحثينا‭.‬