ما وراء الحقيقة

سياسة 96 القطرية والخطأ الأول

| د. طارق آل شيخان الشمري

في‭ ‬عالم‭ ‬السياسة‭ ‬هناك‭ ‬نقاط‭ ‬جوهرية‭ ‬لابد‭ ‬للدولة‭ ‬أو‭ ‬النظام‭ ‬ألا‭ ‬تغيب‭ ‬عنه،‭ ‬بمعنى‭ ‬أدق،‭ ‬إن‭ ‬راسمي‭ ‬أية‭ ‬سياسة‭ ‬للدولة‭ ‬أو‭ ‬النظام،‭ ‬يحرصون‭ ‬على‭ ‬شيئين،‭ ‬هما‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬السياسة‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬وضعها‭ ‬قد‭ ‬اجتازت‭ ‬بنجاح‭ ‬كل‭ ‬السيناريوهات‭ ‬السيئة‭ ‬المتوقعة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬المتوقعة‭ ‬والتي‭ ‬يضعها‭ ‬هؤلاء‭ ‬السياسيون،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬بمهندسي‭ ‬شركات‭ ‬السيارات‭ ‬الذين‭ ‬يجرون‭ ‬تجارب‭ ‬كثيرة‭ ‬لاختبار‭ ‬مدى‭ ‬قوة‭ ‬وصلاحية‭ ‬نموذج‭ ‬السيارة‭ ‬التي‭ ‬ينوون‭ ‬تصنيعها،‭ ‬والشيء‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬وجود‭ ‬خطة‭ (‬ب‭) ‬في‭ ‬حال‭ ‬وقوع‭ ‬كارثة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬بالحسبان‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬الاستعدادات‭ ‬المسبقة‭ ‬للسيناريوهات‭ ‬السيئة‭.‬

وكما‭ ‬قلنا‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬نظام‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬هذين‭ ‬الأساسين‭ ‬حتى‭ ‬يحمي‭ ‬مصالحه‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تتعرض‭ ‬لأزمة،‭ ‬وسياسة‭ ‬96‭ ‬القطرية،‭ ‬وأثناء‭ ‬تطبيقها‭ ‬سياسة‭ ‬إسقاط‭ ‬الأنظمة‭ ‬العربية،‭ ‬حتى‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬حكم‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬ارتكبت‭ ‬خطأين‭ ‬فادحين،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬ملم‭ ‬بالسياسة‭ ‬أن‭ ‬يفعلهما،‭ ‬أولهما‭ ‬التحالف‭ ‬مع‭ ‬الشعوبيين‭ ‬الجدد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬وتركيا،‭ ‬فمن‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬سياستها،‭ ‬عمدت‭ ‬إلى‭ ‬التحالف‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والأمني‭ ‬والعسكري‭ ‬والإعلامي‭ ‬مع‭ ‬شعوبيي‭ ‬إيران‭ ‬وتركيا،‭ ‬واستعانت‭ ‬بهم‭ ‬وسهلت‭ ‬لهم‭ ‬كل‭ ‬الموارد‭ ‬السياسية‭ ‬والمالية‭ ‬والإعلامية‭ ‬والاسخباراتية‭ ‬والأمنية،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬عبر‭ ‬مؤامرة‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬واستغفال‭ ‬المغيبين‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬بشعارات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والحرية‭ ‬والعدالة،‭ ‬ولم‭ ‬تسع‭ ‬سياسة‭ ‬96‭ ‬القطرية‭ ‬لأن‭ ‬تتحالف‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬نظام‭ ‬عربي‭ ‬لتحقيق‭ ‬مبتغاها،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬الدوحة‭ ‬الآن‭ ‬وحيدة‭ ‬بعد‭ ‬الانتفاضة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬ملامحها‭ ‬بعاصفة‭ ‬الحزم‭ ‬وقطع‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬قطر‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دول‭ ‬الانتفاضة‭ ‬العربية،‭ ‬ضد‭ ‬الشعوبيين‭ ‬الجدد‭ ‬وتحالفهم‭ ‬مع‭ ‬سياسة‭ ‬96‭ ‬القطرية‭.‬

لهذا،‭ ‬فإن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والمجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الآن،‭ ‬باستثناء‭ ‬عبيد‭ ‬خامنئي‭ ‬والإخوان‭ ‬والمستتركين،‭ ‬يتحاشون‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬تعاطف‭ ‬أو‭ ‬دعم‭ ‬للدوحة‭ ‬بسبب‭ ‬تحالفها‭ ‬مع‭ ‬الشعوبيين‭ ‬الجدد‭.‬