مُلتقطات

رياض أطفال... أجور بـ 50 دينارا!

| د. جاسم المحاري

يأتي‭ ‬انضمام‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2008‭ ‬للإعلان‭ ‬العالمي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والعهد‭ ‬الدولي‭ ‬الخاص‭ ‬بالحقوق‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية،‭ ‬ومصادقتها‭ ‬على‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بعمل‭ ‬المرأة،‭ ‬كاتفاقية‭ ‬“التمييز‭ ‬في‭ ‬الاستخدام‭ ‬والمهنة”‭ ‬واتفاقية‭ ‬“الراحة‭ ‬الأسبوعية‭ ‬في‭ ‬المنشآت‭ ‬الصناعية”‭ ‬واتفاقية‭ ‬“العمل‭ ‬ليلا‭ ‬للنساء”‭ ‬وغيرها؛‭ ‬ترجمة‭ ‬شاهدة‭ ‬وإقرارا‭ ‬بيّنا‭ ‬بحق‭ ‬العمل‭ ‬للمرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬ودعمها‭ ‬بالتدريب‭ ‬المستمر‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬بخبراتها‭ ‬المتجددة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬الرحب،‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬أثبتت‭ ‬تميّزها‭ ‬الباهر‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التحصيل‭ ‬العلمي‭ ‬والثقافي‭ - ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أكدته‭ ‬نصوص‭ ‬الدستور‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬بها‭ ‬المادة‭ (‬13‭) ‬حول‭ ‬أنّ‭ ‬“العمل‭ ‬واجب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مواطن،‭ ‬تقتضيه‭ ‬الكرامة‭ ‬ويستوجبه‭ ‬الخير‭ ‬العام،‭ ‬ولكل‭ ‬مواطن‭ ‬الحقّ‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬واختيار‭ ‬نوعه،‭ ‬وفقاً‭ ‬للنظام‭ ‬العام‭ ‬والآداب”‭ ‬–‭ ‬وبينت‭ ‬حقّها‭ ‬الأصيل‭ ‬في‭ ‬“اعتراف”‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬بدورها‭ ‬المؤثر‭ ‬الذي‭ ‬باتت‭ ‬تلعبه‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬نمو‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الوطنية‭ ‬بعد‭ ‬انخراطها‭ ‬اللافت‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬العمل‭ ‬مدفوع‭ ‬الأجر،‭ ‬و”تأطير”‭ ‬هذا‭ ‬الحقّ‭ ‬قانونياً‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حمايتها‭ ‬والتوفيق‭ ‬بين‭ ‬مسؤولياتها‭ ‬الأسرية‭ ‬ومتطلباتها‭ ‬المهنية‭.‬

بطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬إنّ‭ ‬مسيرة‭ ‬دخول‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬هذا‭ ‬المعترك‭ ‬الواسع‭ ‬بعدما‭ ‬كانت‭ ‬حبيسة‭ ‬البيت؛‭ ‬أَبْقَتهَا‭ ‬أمام‭ ‬تحدٍ‭ ‬ماثل‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الشخصي‭ ‬والمحيط‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وبيئة‭ ‬العمل‭ ‬وطبيعة‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تفرض‭ ‬عليهن‭ ‬الواجبات‭ ‬وتحفظ‭ ‬لهنَ‭ ‬الحقوق‭ ‬بما‭ ‬يُحقّق‭ ‬فضاء‭ ‬التوازن‭ ‬الفسيح‭ ‬بين‭ ‬العمل‭ ‬والمنزل‭ ‬بوجه‭ ‬أعمّ،‭ ‬وتشعب‭ ‬منعطفاته‭ ‬ولاسيّما‭ ‬في‭ ‬حقل‭ ‬التعليم،‭ ‬وفي‭ ‬تعليم‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬المدرسة‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬أخصّ،‭ ‬فهن‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬هذا‭ ‬التحدي‭ ‬الماثل؛‭ ‬أمام‭ ‬ضغطٍ‭ ‬واقعٍ‭ (‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحقل‭) ‬تمثّل‭ ‬في‭ ‬حرمان‭ ‬غالبيتهن‭ ‬من‭ ‬البدلات‭ ‬والأجور‭ ‬والضمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بسبب‭ ‬العقود‭ (‬الموسمية‭!) ‬من‭ ‬أرباب‭ ‬العمل،‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬أبقتْ‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬دورها‭ (‬استشاريا‭) ‬خالصاً‭ ‬في‭ ‬المتابعة‭ ‬والرقابة‭ ‬على‭ ‬رياض‭ ‬الأطفال،‭ ‬على‭ ‬حدّ‭ ‬قول‭ ‬النقابية‭ ‬المختصّة‭ ‬التي‭ ‬تواصلت‭ ‬مع‭ ‬جريدة‭ ‬“البلاد”‭.‬

 

نافلة‭:‬

إنّ‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬2500‭ ‬عاملة‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬روضة‭ ‬وحضانة‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أفادت‭ ‬به‭ ‬النقابية‭ ‬المختصّة‭ ‬للجريدة؛‭ ‬يُلاقي‭ ‬بعضهنَ‭ ‬التعسّف‭ ‬بالفصل‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ (‬حَمِلُوا‭!)‬،‭ ‬ويُرمَون‭ ‬بالإهانات‭ ‬والتهديد‭ ‬في‭ ‬أيّة‭ ‬لحظة‭ ‬بإنهاء‭ ‬خدماتهنَ‭ ‬دون‭ ‬مبرر،‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬يُحرمنَ‭ ‬من‭ ‬صرف‭ ‬بدل‭ ‬الإجازات‭ ‬السنوية‭ ‬والرسمية‭ ‬والخاصة‭ ‬كالولادة‭ ‬وساعات‭ ‬الرضاعة،‭ ‬فيما‭ ‬تجبر‭ ‬أخريات‭ ‬على‭ ‬إحضار‭ ‬البديل‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬غيابهن‭ ‬وبدون‭ ‬مقابل،‭ ‬بل‭ ‬وتسند‭ ‬لهُنَ‭ ‬مهام‭ ‬التدريس‭ ‬ونظافة‭ ‬الصفوف‭ ‬والعناية‭ ‬الشخصية‭ ‬بالأطفال‭ ‬وتبديل‭ ‬ملابسهم‭ ‬وتقديم‭ ‬الوجبات‭ ‬لهم‭ ‬ومرافقتهم‭ ‬في‭ ‬الحافلات‭ ‬براتب‭ ‬لا‭ ‬يتعدى‭ ‬50‭ ‬ديناراً‭! ‬

هذا‭ ‬الحال،‭ ‬يستوجب‭ ‬الهمس‭ ‬في‭ ‬أذن‭ ‬المعنيين‭ ‬المحترمين‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬رياض‭ ‬الأطفال‭ ‬بوزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم؛‭ ‬لأهمية‭ ‬معالجة‭ ‬أوضاع‭ ‬مربيات‭ ‬الأجيال‭ ‬ورفع‭ ‬المعانات‭ ‬عن‭ ‬اللائي‭ ‬بيدهن‭ ‬أمانة‭ ‬المستقبل،‭ ‬وإيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬الجذرية‭ ‬التي‭ ‬تنصفهن‭ ‬في‭ ‬تأمين‭ ‬لقمة‭ ‬العيش‭ ‬وتحسين‭ ‬شروط‭ ‬العمل‭ ‬اللائقة‭.‬