فِي أَيَّامِ العِيدِ.. إنَّ القُلوبَ بِرَغْمِ البُعدِ تَتَّصِلُ

| عبدالنبي الشعلة

كل‭ ‬عام‭ ‬وأنتم‭ ‬بخير،‭ ‬مع‭ ‬أطيب‭ ‬التهاني‭ ‬والتبريكات،‭ ‬مقرونة‭ ‬بالشكر‭ ‬والامتنان‭ ‬والتحية‭ ‬والتقدير‭ ‬لكل‭ ‬الفرسان‭ ‬البواسل‭  ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬تغمض‭ ‬لهم‭ ‬عين‭ ‬وهم‭ ‬ساهرون‭ ‬على‭ ‬راحتنا‭ ‬وضمان‭ ‬سلامتنا‭ ‬وصحتنا‭ ‬وحماية‭ ‬أرواحنا؛‭ ‬الجنود‭ ‬المرابطين‭ ‬على‭ ‬الخطوط‭ ‬الأمامية‭ ‬من‭ ‬الأطباء‭ ‬وكوادر‭ ‬الرعاية‭ ‬الطبية‭ ‬والتمريض‭ ‬وكل‭ ‬العاملين‭ ‬على‭ ‬منافذ‭ ‬البلاد‭ ‬الحدودية‭ ‬والمفتشين‭ ‬والمتطوعين‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬ويخوضون‭ ‬معارك‭ ‬يومية‭ ‬ويقاتلون‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬الفتاكة‭.‬

ونحتفي‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬بعيد‭ ‬الفطر‭ ‬المبارك‭ ‬ونحن‭ ‬نعيش‭ ‬ونمر‭ ‬بظروف‭ ‬استثنائية‭ ‬جعلت‭ ‬الاحتفال‭ ‬به‭ ‬يختلف‭ ‬في‭ ‬نكهته‭ ‬ومظاهره‭ ‬الابتهاجية‭ ‬عن‭ ‬المعتاد،‭ ‬ويتميز‭ ‬بغياب‭ ‬بعض‭ ‬الطقوس‭ ‬والعادات‭ ‬التقليدية‭ ‬والإيمانية‭ ‬كصلاة‭ ‬العيد‭ ‬وولائمه‭ ‬وتجمعات‭ ‬وزيارات‭ ‬الأهل‭ ‬والأصدقاء،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬تظل‭ ‬أشد‭ ‬تمسكًا‭ ‬بجوهرها‭ ‬ورونقها‭ ‬الروحي‭ ‬الحقيقي‭ ‬وبمعانيها‭ ‬وقيمها‭ ‬الإنسانية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬وستتمحور‭ ‬اللقاءات‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬ضمن‭ ‬الدوائر‭ ‬الأسرية‭ ‬المحدودة‭ ‬المفعمة‭ ‬بالود‭ ‬والحميمية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نفقد‭ ‬أو‭ ‬نفتقد‭ ‬حالة‭ ‬التواصل‭ ‬المتسعة‭ ‬بالأقارب‭ ‬والأصدقاء‭ ‬باستخدام‭ ‬ما‭ ‬وفره‭ ‬لنا‭ ‬العلم‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬المتطورة‭.‬

ولا‭ ‬نريد‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬أن‭ ‬نستمع‭ ‬لأغنية‭ ‬“عيد‭ ‬بأية‭ ‬حال‭ ‬عدت‭ ‬يا‭ ‬عيد”‭ ‬من‭ ‬شعر‭ ‬المتنبي،‭ ‬ولا‭ ‬داعي‭ ‬أو‭ ‬مبرر‭ ‬لدخول‭ ‬الحسرة‭ ‬والضجر‭ ‬إلى‭ ‬بيوتنا‭ ‬أو‭ ‬النفاذ‭ ‬إلى‭ ‬قلوبنا،‭ ‬فهذه‭ ‬أيام‭ ‬عيد‭ ‬حقيقية‭ ‬نحتفل‭ ‬فيها‭ ‬أيضًا‭ ‬بانتصار‭ ‬وتألق‭ ‬إرادتنا‭ ‬وتصميمنا‭ ‬وعزيمتنا‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭.‬

وفي‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬السعيدة‭ ‬سنلتزم‭ ‬بصرامة‭ ‬بالمتطلبات‭ ‬الوقائية‭ ‬والاحترازية،‭ ‬وسنتمسك‭ ‬بالتفاؤل‭ ‬والأمل‭ ‬وبالفرح‭ ‬والغبطة‭ ‬والسرور،‭ ‬وسنرقص‭ ‬على‭ ‬أنغام‭ ‬وأهازيج‭ ‬الفخر‭ ‬والاعتزاز،‭ ‬فقد‭ ‬صمدنا‭ ‬ونجحنا‭ ‬في‭ ‬المعارك‭ ‬التي‭ ‬خضناها‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬نزال‭ ‬نخوض‭ ‬مراحلها‭ ‬الأخيرة‭ ‬والتي‭ ‬ستتكلل‭ ‬بالنصر‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭.‬

إن‭ ‬ساعة‭ ‬النصر‭ ‬لآتية‭ ‬لا‭ ‬ريب‭ ‬فيها،‭ ‬فنحن‭ ‬نخوض‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬تحت‭ ‬راية‭ ‬وقيادة‭ ‬حكيمة‭ ‬واعية؛‭ ‬قيادة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المفدى‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬بدعم‭ ‬ومساندة‭ ‬من‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الموقر،‭ ‬وصاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬نائب‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظهما‭ ‬الله‭ ‬ورعاهما،‭ ‬ولهم‭ ‬جميعًا‭ ‬نرفع‭ ‬أصدق‭ ‬التهاني‭ ‬والتبريكات‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬المباركة‭.‬

لقد‭ ‬تعلمنا‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬هذه‭ ‬المحنة،‭ ‬كما‭ ‬علمتنا‭ ‬الأشهر‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬خصوصًا‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدروس‭ ‬والعبر‭ ‬التي‭ ‬ستمكننا‭ ‬من‭ ‬الاستعداد‭ ‬لاستقبال‭ ‬عصر‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا؛‭ ‬عصر‭ ‬جديد‭ ‬نأمل‭ ‬أن‭ ‬تتعزز‭ ‬فيه‭ ‬قيم‭ ‬الإخاء‭ ‬والولاء‭ ‬والتعاون‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬فيما‭ ‬بيننا،‭ ‬لقد‭ ‬تعلمنا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬العزيز‭ ‬الغالب‭ ‬أن‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نقف‭ ‬جميعًا‭ ‬خلف‭ ‬قيادتنا‭ ‬صفًا‭ ‬مرصوصًا‭ ‬بكل‭ ‬أطيافنا‭ ‬وانتماءاتنا‭ ‬وفي‭ ‬خندق‭ ‬واحد‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬أنفسنا‭ ‬وعن‭ ‬وطننا‭ ‬وعن‭ ‬مستقبلنا‭  ‬في‭ ‬وجه‭ ‬أعدئنا‭ ‬بمختلف‭ ‬أجنداتهم،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬أجندة‭ ‬كورونا‭ ‬زهق‭ ‬أرواحنا،‭ ‬وثمة‭ ‬أعداء‭ ‬لنا‭ ‬أجندتهم‭ ‬قتل‭ ‬أوطاننا،‭ ‬وأوطاننا‭ ‬أعز‭ ‬علينا‭ ‬من‭ ‬أرواحنا‭.‬