“ثومة” في ليلة العيد

| رضي السماك

لا‭ ‬نقصد‭ ‬“ثومة”‭ ‬هنا‭ ‬فص‭ ‬الثوم‭ ‬المنعوت‭ ‬غذائياً؛‭ ‬بل‭ ‬اسم‭ ‬الدلال‭ ‬الذي‭ ‬أطلقه‭ ‬محبو‭ ‬فن‭ ‬المطربة‭ ‬الراحلة‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬عليها،‭ ‬ومثله‭ ‬لُقبت‭ ‬بـ‭ ‬“الست”‭ ‬أو‭ ‬“كوكب‭ ‬الشرق”‭. ‬والحال‭ ‬طوال‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬تقريباً‭ (‬1925‭ - ‬1975‭) ‬لم‭ ‬يحظَ‭ ‬فنان‭ ‬مصري‭ ‬وعربي‭ ‬بمنزلة‭ ‬متميزة‭ ‬لدى‭ ‬عشاق‭ ‬الغناء‭ ‬العربي‭ ‬كما‭ ‬حظيت‭ ‬“ثومة”،‭ ‬ويكفي‭ ‬للدلالة‭ ‬على‭ ‬شعبيتها‭ ‬الجارفة‭ ‬أنها‭ ‬غادرت‭ ‬دنيانا‭ ‬عام‭ ‬1975‭ ‬وقد‭ ‬شيعها‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬ملايين‭ ‬مصري‭.‬

وكنت‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬ترتيب‭ ‬موعد‭ ‬مع‭ ‬إدارة‭ ‬“مركز‭ ‬كانو‭ ‬الثقافي”‭ ‬لإلقاء‭ ‬محاضرة‭ ‬فيه‭ ‬خلال‭ ‬فبراير‭ ‬الماضي‭ ‬بمناسبة‭ ‬الذكرى‭ ‬الـ‭ ‬45‭ ‬على‭ ‬رحيلها،‭ ‬لولا‭ ‬تفشي‭ ‬الوباء‭ ‬المشؤوم‭. ‬وكان‭ ‬عبدالناصر‭ ‬يكن‭ ‬لها‭ ‬محبة‭ ‬خاصة،‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬خصته‭ ‬بأجمل‭ ‬أغانيها‭ ‬المرتبطة‭ ‬بقيادته‭ ‬الثورة،‭ ‬وحينما‭ ‬حاول‭ ‬الواشون‭ ‬عزلها‭ ‬عن‭ ‬الساحة‭ ‬الفنية‭ ‬بدعوى‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬أنصار‭ ‬العهد‭ ‬البائد،‭ ‬وأنها‭ ‬غنت‭ ‬للملك‭ ‬فاروق،‭ ‬رد‭ ‬عليهم‭ ‬بمقولته‭ ‬الشهيرة‭: ‬“فلنهدم‭ ‬الأهرام‭ ‬إذا‭ ‬باعتبارها‭ ‬من‭ ‬العهد‭ ‬الفرعوني‭ ‬البائد”‭. ‬

وكانت‭ ‬“ثومة”‭ ‬قد‭ ‬خصت‭ ‬الملك‭ ‬فاروق‭ ‬أيضاً‭ ‬بواحدة‭ ‬من‭ ‬أرق‭ ‬وأجمل‭ ‬أغانيها‭ ‬في‭ ‬ليلة‭ ‬العيد‭ ‬1945‭ ‬“ياليلة‭ ‬العيد‭ ‬آنستينا”‭ ‬من‭ ‬كلمات‭ ‬أحمد‭ ‬رامي‭ ‬وألحان‭ ‬رياض‭ ‬السنباطي،‭ ‬وقد‭ ‬استمدت‭ ‬الست‭ ‬مطلعها‭ ‬من‭ ‬نداء‭ ‬بائع‭ ‬جوال‭ ‬على‭ ‬بضاعته‭ ‬في‭ ‬ليالي‭ ‬العيد،‭ ‬وقد‭ ‬حضر‭ ‬فاروق‭ ‬حفل‭ ‬الأغنية‭ ‬الذي‭ ‬أقيم‭ ‬بالنادي‭ ‬الأهلي‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬1945،‭ ‬ومنحها‭ ‬بعدئذ‭ ‬وسام‭ ‬الكمال‭. ‬مع‭ ‬تمنياتنا‭ ‬لكم‭ ‬بالقدرة‭ ‬الإبداعية‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬الأنس‭ ‬والفرح‭ ‬في‭ ‬العزل‭ ‬المنزلي‭ ‬خلال‭ ‬عطلة‭ ‬العيد‭ ‬السعيد‭.‬