العيش معًا بسلام

| عبدعلي الغسرة

العيش‭ ‬معًا‭ ‬بسلام‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬نتقبل‭ ‬اختلافاتنا‭ ‬الدينية‭ ‬والمذهبية‭ ‬والعِرقية‭ ‬والسياسية،‭ ‬ويعني‭ ‬الاستماع‭ ‬للآخرين‭ ‬واحترامهم،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬لنا‭ ‬قوة‭ ‬كبيرة‭ ‬للتعاطف‭ ‬معهم‭ ‬حتى‭ ‬نكون‭ ‬متحدين‭ ‬معًا‭ ‬بسلام‭. ‬إن‭ ‬التعايش‭ ‬معًا‭ ‬بسلام‭ ‬سبيل‭ ‬لتعبئة‭ ‬جهود‭ ‬البشر‭ ‬والمجتمع‭ ‬المحلي‭ ‬والدولي‭ ‬لتدشين‭ ‬ساحة‭ ‬من‭ ‬التسامح‭ ‬والتضامن‭ ‬الإنساني‭ ‬والتكافل‭ ‬والتفاهم‭ ‬المجتمعي‭ ‬للعمل‭ ‬معًا‭ ‬لبناء‭ ‬عالم‭ ‬ينعم‭ ‬بالحياة‭.‬

إن‭ ‬العيش‭ ‬معًا‭ ‬في‭ ‬سلام‭ ‬يتطلب‭ ‬إرساء‭ ‬ثقافة‭ ‬السلام‭ ‬وغرس‭ ‬مفهوم‭ ‬التسامح‭ ‬وتعليم‭ ‬مبادئ‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وتنمية‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المهارات‭ ‬السلوكية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إقامة‭ ‬علاقات‭ ‬ذات‭ ‬وشائج‭ ‬سلمية‭ ‬تكون‭ ‬مانعة‭ ‬للكراهية‭ ‬والتعصب‭ ‬وأساسًا‭ ‬لبناء‭ ‬السلام‭ ‬وأرضًا‭ ‬خصبة‭ ‬للمحبة‭ ‬والوئام‭. ‬وقد‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬العقد‭ ‬الدولي‭ ‬للعيش‭ ‬بسلام،‭ ‬حوار‭ ‬الثقافات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب،‭ ‬اتفاقيات‭ ‬وعهود‭ ‬مناهضة‭ ‬العنصرية‭ ‬والتمييز‭ ‬والكراهية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬والعهود‭ ‬الإنسانية‭ ‬من‭ ‬وطنية‭ ‬وإقليمية‭ ‬ودولية،‭ ‬والتي‭ ‬دعمت‭ ‬قوة‭ ‬التعاطف‭ ‬الإنساني‭ ‬نحو‭ ‬الآخر‭.‬

ومن‭ ‬مفهوم‭ ‬النص‭ ‬الوارد‭ ‬في‭ ‬الميثاق‭ ‬التأسيسي‭ ‬لمنظمة‭ ‬اليونسكو‭ ‬“لما‭ ‬كانت‭ ‬الحروب‭ ‬تتولد‭ ‬في‭ ‬عقول‭ ‬البشر،‭ ‬ففي‭ ‬عقولهم‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تبنى‭ ‬حصون‭ ‬السلام”،‭ ‬جاء‭ ‬تحديد‭ ‬يوم‭ ‬للعيش‭ ‬معًا‭ ‬بسلام،‭ ‬وهو‭ ‬مفهوم‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الصراعات‭ ‬والنزاعات‭ ‬والكراهية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬تُغيب‭ ‬السلام‭ ‬وكُل‭ ‬إيجابية‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وإذا‭ ‬حلَّ‭ ‬السلام‭ ‬والحوار‭ ‬والتسامح‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬رحل‭ ‬النزاع‭ ‬وتوقف‭ ‬الصراع‭ ‬وعاش‭ ‬الناس‭ ‬معًا‭ ‬في‭ ‬سلام‭. ‬

إن‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬بالاتفاقيات‭ ‬والوثائق‭ ‬والعهود‭ ‬الوطنية‭ ‬والقومية‭ ‬والدولية‭ ‬فقط،‭ ‬فالسلام‭ ‬غاية‭ ‬وهدف،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬ثوابت‭ ‬الأديان‭ ‬السماوية‭ ‬ومن‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬النبيلة‭.‬

إن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬لا‭ ‬تتحقق‭ ‬بالعنف‭ ‬والقسوة‭ ‬والإرهاب،‭ ‬بل‭ ‬بالحُب‭ ‬الذي‭ ‬يبني‭ ‬مجتمعًا‭ ‬متميزًا‭ ‬وقويًا،‭ ‬عاملًا‭ ‬ومُنتجًا،‭ ‬فاعلًا‭ ‬وقادرًا،‭ ‬متكافلًا‭ ‬ومتعاونًا،‭ ‬فالحُب‭ ‬يجمع‭ ‬الأضداد‭ ‬ويوحد‭ ‬القلوب‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬واحد‭ ‬ويجمع‭ ‬الأجساد‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬واحد،‭ ‬وكما‭ ‬قال‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬“صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم”‭ (‬مثلُ‭ ‬المؤمنين‭ ‬في‭ ‬توادهم‭ ‬وتراحُمهم‭ ‬كمثل‭ ‬الجسدِ‭ ‬إذا‭ ‬اشتكى‭ ‬منه‭ ‬عضو‭ ‬تداعى‭ ‬له‭ ‬سائر‭ ‬الجسد‭ ‬بالسهر‭ ‬والحمى‭). ‬فلنعمل‭ ‬معًا‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬ثقافة‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬البشر‭.‬