ريشة في الهواء

مصير العراق مع الكاظمي والساعدي؟

| أحمد جمعة

هل‭ ‬يكون‭ ‬الجنرال‭ ‬عبدالوهاب‭ ‬الساعدي‭ ‬رجل‭ ‬المرحلة‭ ‬بعد‭ ‬إقصائه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬حكومة‭ ‬حزب‭ ‬الدعوة‭ ‬الإيراني،‭ ‬وإعادة‭ ‬تعيينه‭ ‬بمرتبة‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مصطفى‭ ‬الكاظمي،‭ ‬ويصبح‭ ‬الكاظمي‭ ‬نفسه،‭ ‬أتاتورك‭ ‬العراق؟

حين‭ ‬زفت‭ ‬أخبار‭ ‬بغداد‭ ‬تعيين‭ ‬مصطفى‭ ‬الكاظمي‭ ‬رئيسًا‭ ‬لوزراء‭ ‬العراق،‭ ‬بعد‭ ‬طول‭ ‬مماحكات‭ ‬وانقلابات‭ ‬داخلية‭ ‬سرية‭ ‬وفي‭ ‬الخفاء‭ ‬لأجل‭ ‬تعقيد‭ ‬الوضع‭ ‬لتبقى‭ ‬السيطرة‭ ‬للقوى‭ ‬الدينية‭ ‬بشتى‭ ‬أطيافها‭ ‬الإيرانية،‭ ‬ولا‭ ‬يخفى‭ ‬تعاطف‭ ‬التيار‭ ‬الإخواني،‭ ‬بل‭ ‬هما‭ ‬وجهان‭ ‬لعملة‭ ‬واحدة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬كان‭ ‬التعقيد‭ ‬في‭ ‬الوضع‭ ‬السياسي‭ ‬وتأزيم‭ ‬الحالة‭ ‬رغم‭ ‬الانهيارات‭ ‬الحاصلة‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬الدولة‭ ‬ورغم‭ ‬الثورة‭ ‬العارمة‭ ‬في‭ ‬الشارع،‭ ‬كان‭ ‬القصد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التأزيم‭ ‬إبقاء‭ ‬الوضع‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬لحفظ‭ ‬المصالح‭ ‬المتشابكة‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬الدينية‭ ‬مع‭ ‬الميلشيات‭ ‬المسلحة‭.‬

دون‭ ‬إقحام‭ ‬تاريخ‭ ‬الرجل‭ ‬وتفاصيل‭ ‬علاقاته‭ ‬ووظائفه‭ ‬التي‭ ‬تولاها‭ ‬وما‭ ‬قيل‭ ‬وأشيع‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬أخبار‭ ‬وشائعات‭ ‬وأسرار‭ ‬وعلاقاته‭ ‬بالإخوة‭ ‬الأكراد‭ ‬وتحرر‭ ‬الرجل‭ ‬من‭ ‬الموروث‭ ‬الديني،‭ ‬تميز‭ ‬الرجل‭ ‬بانفصاله‭ ‬عن‭ ‬الموروث‭ ‬الديني،‭ ‬وعدم‭ ‬تورط‭ ‬اسمه‭ ‬بفضائح‭ ‬أو‭ ‬ارتباطه‭ ‬بقوائم‭ ‬الفضائح‭ ‬في‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬الحالية‭. ‬ترى‭ ‬ما‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الكاظمي‭ ‬والساعدي؟‭ ‬وهل‭ ‬يكون‭ ‬الكاظمي‭ ‬مجرد‭ ‬كاسحة‭ ‬يتقدم‭ ‬بها‭ ‬لفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬الجنرال‭ ‬الساعدي؟‭ ‬أم‭ ‬يصبح‭ ‬مصطفى‭ ‬الكاظمي‭ ‬نسخة‭ ‬معدلة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬لظل‭ ‬مصطفى‭ ‬كمال؟‭ ‬أعني‭ ‬هنا‭ ‬أتاتورك؟‭ ‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬ركب‭ ‬الكاظمي‭ ‬الدراجة‭ ‬الوطنية‭ ‬العلمانية؟‭ ‬وسار‭ ‬بها‭ ‬تدرجا‭ ‬نحو‭ ‬مرفأ‭ ‬السلام‭ ‬وحقق‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يحققه‭ ‬رؤساء‭ ‬الطبقة‭ ‬الدينية‭ ‬الفاسدة‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬منذ‭ ‬إسقاط‭ ‬نظام‭ ‬الراحل‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭ ‬رحمه‭ ‬الله؟

حقيقة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قراءة‭ ‬سريعة‭ ‬لتاريخ‭ ‬الرجل‭ ‬ولعدة‭ ‬عوامل‭ ‬منها‭ ‬علاقاته‭ ‬الخارجية‭ ‬وارتباطاته‭ ‬ووظائفه‭ ‬وشبكة‭ ‬سرية‭ ‬تعمل‭ ‬له‭ ‬الآن‭ ‬لتهيئة‭ ‬القاعدة،‭ ‬والتوافق‭ ‬الدولي‭ ‬حول‭ ‬شخصيته،‭ ‬وأبرز‭ ‬عامل‭ ‬عدم‭ ‬تورطه‭ ‬بالملف‭ ‬الديني‭ ‬الولائي‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬أساس‭ ‬انهيار‭ ‬الوضع‭ ‬العراقي‭ ‬مؤخرًا‭... ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يمهد‭ ‬لفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬الرجل‭ ‬ليكون‭ ‬نسخة‭ ‬عصرية‭ ‬علمانية‭ ‬لمصطفى‭ ‬كمال،‭ ‬ولكن‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬يلتزم‭ ‬بشروط‭ ‬التحكم‭ ‬والسيطرة‭ ‬بالقوة‭ ‬على‭ ‬فصائل‭ ‬الميلشيات‭ ‬وسحب‭ ‬السلاح‭ ‬منها‭ ‬وإلا‭ ‬لا‭ ‬فائدة‭ ‬تذكر‭ ‬من‭ ‬كلّ‭ ‬المحاولات‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬القائم‭. ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬تظل‭ ‬الأسئلة‭ ‬قائمة‭: ‬من‭ ‬هو‭ ‬مصطفى‭ ‬الكاظمي؟‭ ‬لماذا‭ ‬نجح‭ ‬بالوصول‭ ‬لسدة‭ ‬الوزارة‭ ‬رغم‭ ‬ضغط‭ ‬القوى‭ ‬المعارضة‭ ‬ومنها‭ ‬إيران‭ ‬والميلشيات؟‭ ‬ولماذا‭ ‬تم‭ ‬التوافق‭ ‬عليه؟‭ ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسرائيل‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬له؟‭ ‬هل‭ ‬هو‭ ‬مجرد‭ ‬بالون‭ ‬اختبار؟‭ ‬هل‭ ‬هو‭ ‬مقدمة‭ ‬لتولي‭ ‬الجنرال‭ ‬الساعدي‭ ‬فيما‭ ‬بعد؟‭ ‬هل‭ ‬هو‭ ‬الباب‭ ‬الذي‭ ‬سيدخل‭ ‬منه‭ ‬الساعدي‭ ‬بعد‭ ‬مدة‭ ‬وسيكون‭ ‬مفتوحا؟‭ ‬هل‭ ‬هو‭ ‬كاسحة‭ ‬ألغام‭ ‬وتمهيد‭ ‬للقادم‭ ‬ليكون‭ ‬الحل‭ ‬للدولة‭ ‬العراقية‭ ‬العلمانية؟‭ ‬إذا‭ ‬نجح‭ ‬الكاظمي‭ ‬في‭ ‬تفكيك‭ ‬شبكة‭ ‬ميلشيات‭ ‬الحشد‭ ‬الشعبي‭ ‬وإعادة‭ ‬الهيبة‭ ‬للدولة‭ ‬وفرض‭ ‬سيادتها‭ ‬هنا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬مقدمة‭ ‬لِظلْ‭ ‬مصطفى‭ ‬كمال‭ ‬أتاتورك‭ ‬ويفرض‭ ‬التغيير،‭ ‬وإلا‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬سوى‭ ‬واحد‭ ‬ممن‭ ‬مروا‭ ‬كغيرهِ‭ ‬وتبقى‭ ‬كرة‭ ‬الرماد‭ ‬مشتعلة‭ ‬بالداخل‭ ‬حتى‭ ‬تنفجر‭ ‬بالنار‭... ‬أم‭ ‬يلقى‭ ‬مصيرا‭ ‬غامضا‭ ‬ممن‭ ‬تضرروا‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬إيران؟

 

تنويرة‭: ‬

إذا‭ ‬طال‭ ‬انتظارك،‭ ‬فاعلم‭ ‬أن‭ ‬قانون‭ ‬الجذب‭ ‬الكوني‭ ‬يصنع‭ ‬النتيجة‭ ‬بتمهل‭.‬