سنبقى أقوياء

| د.حورية الديري

لا‭ ‬يمكن‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نلتفت‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬نطيل‭ ‬النظر‭ ‬فيما‭ ‬نحن‭ ‬فيه‭ ‬الآن،‭ ‬وما‭ ‬يحصل‭ ‬ويجري‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬استحوذت‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬بأسره،‭ ‬حتى‭ ‬تأتينا‭ ‬رسائل‭ ‬وصل‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬العبق‭ ‬ما‭ ‬تشتد‭ ‬به‭ ‬الأنفس‭ ‬وتتسع‭ ‬الأعين‭ ‬بريقًا،‭ ‬وتشدو‭ ‬لها‭ ‬الآذان‭ ‬بلحن‭ ‬سعيد،‭ ‬هكذا‭ ‬يصنع‭ ‬القائد‭ ‬الفذ‭ ‬خط‭ ‬الزمن،‭ ‬عندما‭ ‬يؤمن‭ ‬بما‭ ‬تسطره‭ ‬السواعد‭ ‬وتنسجه‭ ‬العقول‭ ‬التي‭ ‬اعتادت‭ ‬المضي‭ ‬معه‭ ‬قدمًا‭ ‬نحو‭ ‬التميز‭ ‬والنماء،‭ ‬إنها‭ ‬مثل‭ ‬عليا‭ ‬لدفع‭ ‬الهمم‭ ‬وحثها‭ ‬نحو‭ ‬رصد‭ ‬بطولات‭ ‬ومآثر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مشهد‭ ‬ومحفل‭.‬

ومشهد‭ ‬اليوم،‭ ‬درس‭ ‬نموذجي‭ ‬مسطر‭ ‬بأروع‭ ‬صور‭ ‬الإيمان‭ ‬وأسمى‭ ‬القيم‭ ‬التي‭ ‬تصنع‭ ‬الصفوف‭ ‬بأعلى‭ ‬مستويات‭ ‬الحكمة‭ ‬والنزاهة،‭ ‬أكبر‭ ‬دعائمها‭ ‬ما‭ ‬تتضمنه‭ ‬الكلمات‭ ‬السامية‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المفدى‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬بمناسبة‭ ‬العشر‭ ‬الأواخر‭ ‬من‭ ‬رمضان‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬الهمم‭ ‬ورعاية‭ ‬أفكارها،‭ ‬فلا‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬عبارة‭ ‬“وصل‭ ‬القلوب‭ ‬وتقارب‭ ‬النفوس‭ ‬مستمر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحوال”‭. ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العبارة‭ ‬مدلولات‭ ‬عدة‭ ‬نستقيها‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬كلمة‭.. ‬تؤكد‭ ‬عمق‭ ‬العلاقة‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬القائد‭ ‬بالشعب،‭ ‬وقوة‭ ‬إحساسه‭ ‬باحتواء‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يثني‭ ‬عزائمهم،‭ ‬ليقوي‭ ‬رباطة‭ ‬جأشهم،‭ ‬ويمضوا‭ ‬معه‭ ‬بكل‭ ‬عزم‭ ‬وهمة‭.‬

وهكذا‭ ‬اعتاد‭ ‬شعب‭ ‬البحرين‭ ‬الأبي‭ ‬أن‭ ‬يسطر‭ ‬أروع‭ ‬قصص‭ ‬التاريخ‭ ‬في‭ ‬خط‭ ‬الزمن،‭ ‬مصدرها‭ ‬ما‭ ‬يلقاه‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬سخي‭ ‬وتواصل‭ ‬أصيل‭. ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬الريادي‭ ‬السامي‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المفدى‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يصنع‭ ‬الأبطال،‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يلهمهم‭ ‬نحو‭ ‬دوام‭ ‬العطاء‭. ‬

بالرغم‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬الفادحة‭ ‬التي‭ ‬تكبدتها‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬جراء‭ ‬انتشار‭ ‬جائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬حينما‭ ‬نتدارس‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تحديدًا‭ ‬وقياسًا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬نعيش‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬ونواجه‭ ‬من‭ ‬تحد،‭ ‬يتملكنا‭ ‬شعور‭ ‬بالرضا‭ ‬والفخر‭ ‬التام،‭ ‬والسبب‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬عصرًا‭ ‬أبطاله‭ ‬قادة‭ ‬أقوياء،‭ ‬كلما‭ ‬جالت‭ ‬بخواطرهم‭ ‬تلك‭ ‬الكلمات‭ ‬السامية‭ ‬استلهموا‭ ‬منها‭ ‬مجددا‭ ‬قيم‭ ‬الحب‭ ‬والعطاء‭.  ‬إننا‭ ‬اليوم‭ ‬نصنع‭ ‬قصة‭ ‬مقابل‭ ‬هذه‭ ‬الجائحة،‭ ‬نختبر‭ ‬كفاءة‭ ‬قوتنا‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬حصيلة‭ ‬جهود‭ ‬مستمرة‭ ‬لمشاريع‭ ‬رائدة‭ ‬ركزت‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬وبناء‭ ‬المستقبل،‭ ‬يصنعها‭ ‬وطن‭ ‬وشعب‭ ‬وفي،‭ ‬فقد‭ ‬نهضوا‭ ‬فريقًا‭ ‬واحدًا‭ ‬تلبية‭ ‬لنداء‭ ‬الوطن‭ ‬نبلاً‭ ‬وأصالة‭ ‬وترابطًا‭ ‬وتلاحمًا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الخير‭ ‬والرفعة‭ ‬والأمن‭ ‬والأمان‭... ‬إن‭ ‬السبب‭ ‬الحقيقي‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬جاء‭ ‬حصيلة‭ ‬قيادة‭ ‬اجتهدت‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬أبنائها‭ ‬ليكونوا‭ ‬أقوياء‭ ‬في‭ ‬مجابهة‭ ‬المحن‭ ‬والصعاب‭ ‬وعززت‭ ‬بذواتهم‭ ‬روح‭ ‬البذل‭ ‬والسخاء‭. ‬فلو‭ ‬سألنا‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬نهج‭ ‬متبع‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬فلن‭ ‬تراه‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬أحدث‭ ‬مدارس‭ ‬صناعة‭ ‬القادة،‭ ‬وهي‭ ‬السياسة‭ ‬التي‭ ‬تنتهجها‭ ‬قيادتنا‭ ‬الموقرة،‭ ‬وهكذا‭ ‬يمر‭ ‬بنا‭ ‬الخط‭ ‬الزمني‭ ‬ويخلد‭ ‬معه‭ ‬نماذج‭ ‬عدة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يحتذي‭ ‬بهم‭ ‬اليوم،‭ ‬وقد‭ ‬سطروا‭ ‬أروع‭ ‬صور‭ ‬القيادة،‭ ‬وتبقى‭ ‬نتيجة‭ ‬الهمة‭ ‬العالية‭ ‬من‭ ‬أعظم‭ ‬رسالة‭ ‬تلقيناها‭ ‬لنقول‭ ‬للجميع‭: ‬سنبقى‭ ‬أقوياء‭.‬