أرقام تَصنعُ البَحرين: التعداد السكاني الثاني في 1950م

| د. حسين المهدي

بعد‭ ‬تسع‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬إحصاء‭ ‬النفوس‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬1941،‭ ‬انطلق،‭ ‬مساء‭ ‬الجمعة،‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬1950م،‭ ‬التعداد‭ ‬السكاني‭ ‬الثاني،‭ ‬وكان‭ ‬حينها،‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬أيضاً،‭ ‬في‭ ‬ليلة‭ ‬كان‭ ‬فيها‭ ‬القمر‭ ‬“ساطعاً‭ ‬بنوره‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬السماء”،‭ ‬حيث‭ ‬اختيرت‭ ‬“ليلة‭ ‬النصف‭ ‬من‭ ‬الشهر،‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬ضوء‭ ‬القمر”‭ ‬والذي‭ ‬ساعد‭ ‬موظفي‭ ‬التعداد‭ ‬الذي‭ ‬“اشترك‭ ‬فيه‭ ‬150‭ ‬موظفاً‭ ‬حكومياً‭ ‬تقريباً‭...‬”‭ - ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بجمع‭ ‬البيانات‭ ‬بسهولة،‭ ‬مستعملين‭ ‬نفس‭ ‬الاستمارات‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬المخازن‭ ‬بكميات‭ ‬كبيرة‭ ‬منذ‭ ‬الإحصاء‭ ‬الأول‭. ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬ترقيم‭ ‬“جميع‭ ‬البيوت‭ ‬السكنية‭ ‬أو‭ ‬الممتلكات‭ ‬بكل‭ ‬أنواعها”‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬جميع‭ ‬الأسواق‭ ‬والدكاكين‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬وقرى‭ ‬البحرين،‭ ‬تكللت‭ ‬جهود‭ ‬فريق‭ ‬العد‭ ‬بالنجاح،‭ ‬باستثناء‭ ‬“معرفة‭ ‬عمر‭ ‬الفرد”‭ ‬نظراً‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬وثائق‭ ‬ميلاد‭ ‬رسمية‭ ‬لدى‭ ‬الناس،‭ ‬ما‭ ‬ترك‭ ‬مساحة‭ ‬كبيرة‭ ‬لتقدير‭ ‬العمر،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬الإحصاء‭.‬

ويعد‭ ‬انطلاق‭ ‬التعداد‭ ‬الثاني‭ ‬بداية‭ ‬مرحلة‭ ‬الخمسينات‭ ‬حيث‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المحلي‭ ‬أكثر‭ ‬استقراراً‭ ‬عاكساً‭ ‬ارتفاع‭ ‬الإيرادات‭ ‬النفطية‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬واعتماد‭ ‬موارد‭ ‬مالية‭ ‬أكبر‭ ‬للتنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬مثل‭ ‬التعليم‭ ‬والصحة‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬من‭ ‬كهرباء‭ ‬وماء‭ ‬وطرق‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المجالات،‭ ‬حيث‭ ‬“بلغت‭ ‬إيرادات‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1951م،‭ ‬مليونين‭ ‬ونصف‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني،‭ ‬وهذا‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬مئة‭ ‬ألف‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني‭ ‬فقط”‭.‬

تعداد‭ ‬عام‭ ‬1950م،‭ ‬استخدم‭ ‬نفس‭ ‬طريقة‭ ‬تعداد‭ ‬1941م،‭ ‬بحيث‭ ‬يتم‭ ‬الحصر‭ ‬الفعلي‭ ‬لكل‭ ‬السكان‭ ‬المتواجدين‭ ‬في‭ ‬ليلة‭ ‬التعداد،‭ ‬علماً‭ ‬أنه‭ ‬اشتمل‭ ‬على‭ ‬بيانات‭ ‬أكثر‭ ‬تفصيلاً‭ ‬مقارنة‭ ‬بسابقه،‭ ‬مثل‭ ‬الحالة‭ ‬الزوجية،‭ ‬والعلمية،‭ ‬والمهنية،‭ ‬وعدد‭ ‬الأسر‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الواحد‭.‬

وبلغ‭ ‬مجموع‭ ‬عدد‭ ‬السكان،‭ ‬في‭ ‬التعداد‭ ‬الثاني،‭ ‬قرابة‭ ‬110‭ ‬آلاف‭ ‬نسمة،‭ ‬شكل‭ ‬البحرينيون‭ ‬منهم،‭ ‬83‭.‬2‭ %‬،‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬91‭ ‬ألفا،‭ ‬بزيادة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬23‭ ‬‭% ‬مقارنة‭ ‬بالتعداد‭ ‬السابق،‭ ‬والمقيمون‭ ‬زهاء‭ ‬19‭ ‬ألفا،‭ ‬أو‭ ‬16‭.‬8‭ %‬،‭ ‬بارتفاع‭ ‬بلغ‭ ‬نحو‭ ‬16‭ %‬،‭ ‬لذات‭ ‬الفترة‭. ‬وتركزت‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬المقيمين‭ ‬من‭ ‬الهنود‭ ‬والأشقاء‭ ‬العمانيين،‭ ‬وتراجع‭ ‬الإيرانيون‭ ‬وباقي‭ ‬الجنسيات‭.‬

ولعبت‭ ‬أرقام‭ ‬التعداد‭ ‬الأول‭ ‬والثاني‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬دوراً‭ ‬حيوياً‭ ‬كأداة‭ ‬لقياس‭ ‬المتغيرات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬بشكل‭ ‬مبكر،‭ ‬ما‭ ‬وفر‭ ‬لها‭ ‬أسسا‭ ‬–‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬مؤشرات‭ ‬عامة‭ - ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬احتياجات‭ ‬البلد‭ ‬ولمساعدة‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬تلبيتها،‭ ‬مثل‭ ‬توفير‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬للسكان‭ ‬أثناء‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬وفقاً‭ ‬للتعداد‭ ‬الأول،‭ ‬وانطلاق‭ ‬الخدمات‭ ‬الأساسية‭ ‬للسكان،‭ ‬في‭ ‬الخمسينات،‭ ‬وفقاً‭ ‬للتعداد‭ ‬الثاني‭.‬