العمالة الوافدة... اليوم ضرر اقتصادي وصحي وغداً سياسي

| نجاة المضحكي

بنظرة‭ ‬سريعة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬خلفه‭ ‬فيروس‭ ‬“كورونا”‭ ‬من‭ ‬مشكلات‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬من‭ ‬وباء‭ ‬تفشى‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬وطأة‭ ‬العدوى‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬قد‭ ‬تنتهي‭ ‬نهائياً،‭ ‬لكنها‭ ‬لن‭ ‬تنتهي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬عمالة‭ ‬وافدة‭ ‬قد‭ ‬يتخطى‭ ‬عددها‭ ‬المواطنين،‭ ‬عمالة‭ ‬آسيوية‭ ‬تعيث‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬فساداً،‭ ‬صار‭ ‬لها‭ ‬وباء‭ ‬الكورونا‭ ‬نعمة،‭ ‬تتحمل‭ ‬وزرها‭ ‬الدولة‭ ‬والمواطنون،‭ ‬هذا‭ ‬الموطن‭ ‬الذي‭ ‬سيتحمل‭ ‬تبعات‭ ‬كلفة‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة،‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬سيدفع‭ ‬الضريبة،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬سيتكلفل‭ ‬بفاتورة‭ ‬وجودهم‭ ‬وعلاجهم،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬دفع‭ ‬المزيد‭ ‬لعلاج‭ ‬هؤلاء‭ ‬وإطعامهم‭ ‬وإيوائهم‭.‬

كانت‭ ‬البحرين‭ ‬بخير،‭ ‬وكانت‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬تزداد‭ ‬حسب‭ ‬الحاجة،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬فيه‭ ‬المشاريع‭ ‬قائمة‭ ‬والتجارة‭ ‬والاقتصاد،‭ ‬لكن‭ ‬اليوم‭ ‬وبعد‭ ‬إجراءات‭ ‬التقشف‭ ‬التي‭ ‬فرضت‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬وساهم‭ ‬في‭ ‬تحملها‭ ‬المواطنون،‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬تتلقى‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬مفاجآت‭ ‬جميلة‭ ‬وهدايا‭ ‬لم‭ ‬تتوقعها،‭ ‬بأن‭ ‬يتحول‭ ‬وضع‭ ‬العامل‭ ‬الوافد‭ ‬إلى‭ ‬أقرب‭ ‬من‭ ‬المواطن،‭ ‬حين‭ ‬تكفله‭ ‬الدولة‭ ‬ويحصل‭ ‬على‭ ‬بطاقة‭ ‬الأمان،‭ ‬حيث‭ ‬لن‭ ‬يستطيع‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬يزحزحه،‭ ‬وستظهر‭ ‬تبعاته‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة‭ ‬حين‭ ‬يصبح‭ ‬هذا‭ ‬الوافد‭ ‬صاحب‭ ‬عمل،‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يجلب‭ ‬أضعافا‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬فلديه‭ ‬سجل،‭ ‬كما‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يجلب‭ ‬أقاربه‭ ‬بل‭ ‬جميع‭ ‬أبناء‭ ‬“فريجه”‭.‬

ونتحدث‭ ‬هنا‭ ‬عن‭ ‬مساحة‭ ‬الأماكن‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬فهل‭ ‬تتحمل‭ ‬هذا‭ ‬الكم؟‭ ‬وهل‭ ‬يتحمل‭ ‬المجتمع‭ ‬ثقافة‭ ‬هذه‭ ‬العمالة؟‭ ‬وهل‭ ‬تستطيع‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬تحمل‭ ‬هذا‭ ‬الضغط‭ ‬الرهيب‭ ‬من‭ ‬الأنفس؟‭ ‬اليوم‭ ‬عمالة‭ ‬وافدة‭ ‬بلعت‭ ‬السوق،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬عصابات‭ ‬تتوزع‭ ‬بين‭ ‬الأعمال‭ ‬وتتوازع‭ ‬بينها،‭ ‬حتى‭ ‬خرج‭ ‬البحريني‭ ‬صفر‭ ‬اليدين‭ ‬من‭ ‬معظم‭ ‬الأعمال‭ ‬التجارية،‭ ‬وبين‭ ‬عمالة‭ ‬وافدة،‭ ‬تجمع‭ ‬لها‭ ‬رأس‭ ‬مال‭ ‬بالتسول،‭ ‬فأصبح‭ ‬“الجاري”‭ ‬للوافد‭ ‬وسيلة‭ ‬كسب،‭ ‬نعم‭ ‬كان‭ ‬بالأمس‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وافد‭ ‬ينبش‭ ‬حاوية‭ ‬القمامة‭ ‬ليكسب‭ ‬تعاطف‭ ‬المواطنين‭ (‬على‭ ‬فكرة‭ ‬هذا‭ ‬الوافد‭ ‬صاحب‭ ‬البطاقة‭ ‬الزرقاء‭)‬،‭ ‬وآخر‭ ‬يقعد‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬الطريق‭ ‬بعربته‭ ‬المحملة‭ ‬بمخلفات‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬جراثيم‭ ‬وفيروسات‭ ‬أخطر‭ ‬من‭ ‬فيروس‭ ‬“كورونا”‭ ‬يتسول‭ ‬بالسلام‭ ‬عليك‭ ‬ليلفت‭ ‬نظرك،‭ ‬نعم‭ ‬إنها‭ ‬كارثة‭ ‬يستشعر‭ ‬بمرها‭ ‬المواطن،‭ ‬حين‭ ‬ظن‭ ‬أن‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬سيكون‭ ‬بالتأكيد‭ ‬سببا‭ ‬لتعيد‭ ‬الدولة‭ ‬نظرها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬التي‭ ‬دمرت‭ ‬المجتمع‭ ‬اقتصاديا‭ ‬وصحيا‭ ‬واجتماعيا‭ ‬وغدا‭ ‬سياسيا‭.‬