سوالف

العرب واجتياز حلبة الرهان هذه المرة

| أسامة الماجد

لكي‭ ‬ندرك‭ ‬قيمة‭ ‬الحاضر،‭ ‬ومسيرة‭ ‬المستقبل،‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نقلب‭ ‬بإمعان‭ ‬صفحات‭ ‬الماضي‭ ‬ونستلهم‭ ‬منه‭ ‬العبر‭ ‬والدروس‭ ‬ونستوعب‭ ‬استيعابا‭ ‬كاملا‭ ‬أحداث‭ ‬التاريخ‭ ‬وقوانينه،‭ ‬ويفترض‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬اليوم‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬هذه‭ ‬الحركة‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬المجتمعات‭ ‬وجسامة‭ ‬التحولات‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬بنية‭ ‬المجتمع‭ ‬والآفاق‭ ‬بسبب‭ ‬وباء‭ ‬فايروس‭ ‬كورونا،‭ ‬أن‭ ‬تفهم‭ ‬الدرس‭ ‬جيدا‭ ‬وتعرف‭ ‬حق‭ ‬المعرفة‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬حولها،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تفوقت‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬والآسيوية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬والوقائية،‭ ‬وفي‭ ‬عدد‭ ‬المصابين‭ ‬والوفيات،‭ ‬لكن‭ ‬أحداث‭ ‬التاريخ‭ ‬أكدت‭ ‬تراجع‭ ‬العرب‭ ‬وتخاذلهم‭ ‬وكأنهم‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬تسير‭ ‬بدأب‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬وأن‭ ‬التاريخ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭.‬

إن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نراه‭ ‬أمام‭ ‬أعيننا‭ ‬نتاج‭ ‬مخاض‭ ‬عسير‭ ‬ومعاناة،‭ ‬والدولة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬محنة‭ ‬كورونا‭ ‬عقليا‭ ‬وفكريا‭ ‬ونفسيا‭ ‬وخلقيا،‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬أبدا‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬والصعاب‭ ‬التي‭ ‬ستظهر‭ ‬بألف‭ ‬شكل‭ ‬وشكل‭ ‬لتشوه‭ ‬إنجازاتها‭ ‬وتعرقل‭ ‬مسيرتها‭ ‬وتعيقها‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها،‭ ‬وستكون‭ ‬بالتالي‭ ‬مهمتها‭ ‬شاقة‭ ‬وسيكون‭ ‬المطلب‭ ‬عسيرا‭. ‬نسمع‭ ‬ونقرأ‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬العربية‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬الخطوات‭ ‬الواسعة‭ ‬نحو‭ ‬تجاوز‭ ‬أزمة‭ ‬وباء‭ ‬كورونا،‭ ‬وهذا‭ ‬شيء‭ ‬مفرح‭ ‬لنا‭ ‬كشعوب،‭ ‬لكن‭ ‬السؤال‭ ‬الأهم‭ ‬هو‭... ‬هل‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬شامل‭ ‬وعميق‭ ‬وبتوحيد‭ ‬الجبهات،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬سيكون‭ ‬فرديا‭ ‬متذبذبا‭ ‬ووقتيا،‭ ‬وهذا‭ ‬أصبح‭ ‬واقعا‭ ‬تاريخيا‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬بالإمكان‭ ‬نكرانه‭ ‬أو‭ ‬الاختفاء‭ ‬من‭ ‬دروبه،‭ ‬فنحن‭ ‬العرب‭ ‬معروفون‭ ‬بالنظر‭ ‬عكس‭ ‬الصورة‭ ‬المطلوبة‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الجدية‭ ‬والجهد‭ ‬التاريخي‭ ‬المسؤول‭ ‬ونظرية‭ ‬المستقبل‭ ‬الذي‭ ‬نريده‭ ‬حقا‭ ‬لأمتنا‭ ‬ونأمله‭ ‬لأجيالنا‭ ‬القادمة‭.‬

أتمنى‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬مخطئا‭ ‬في‭ ‬تشاؤمي‭ ‬وأننا‭ ‬سنسير‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬الرفاه‭ ‬الأصيل‭ ‬وسنستفيد‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬مدى‭ ‬من‭ ‬محنة‭ ‬كورونا‭ ‬ضمن‭ ‬إطار‭ ‬أوسع‭ ‬أفقا‭ ‬إنسانيا‭ ‬واقتصاديا،‭ ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تهاون‭ ‬أمام‭ ‬الحتميات،‭ ‬فما‭ ‬حصل‭ ‬لنا‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬يقودنا‭ ‬إلى‭ ‬ثورة‭ ‬إنسانية‭ ‬عربية‭ ‬شاملة‭ ‬واجتياز‭ ‬حلبة‭ ‬الرهان‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬الدرس‭ ‬بدل‭ ‬القفز‭ ‬من‭ ‬فوقه‭.‬