ضجت بهم الشوارع والمؤسسات!!

| هدى حرم

لأنَّ‭ ‬أرضَ‭ ‬البحرين‭ ‬كريمةٌ‭ ‬بترابها‭ ‬وأهلها،‭ ‬تدفقَ‭ ‬إليها‭ ‬المريدون‭ ‬للخير،‭ ‬وباتوا‭ ‬يزدادون‭ ‬يوماً‭ ‬بعد‭ ‬يوم،‭ ‬والتهينا‭ ‬عن‭ ‬تكاثرهم‭ ‬حتى‭ ‬لمسنا‭ ‬الآثارَ‭ ‬الجانبية‭ ‬لهذا‭ ‬التفجر‭ ‬في‭ ‬العمالةِ‭ ‬الوافدة‭ ‬السائبة،‭ ‬زحفتْ‭ ‬شعوبٌ‭ ‬عبرَ‭ ‬مداها‭ ‬الجغرافي‭ ‬بالآلاف‭ ‬للعيش‭ ‬وطلبِ‭ ‬الرزقِ‭ ‬على‭ ‬أرضنا‭ ‬خارجَ‭ ‬القانون،‭ ‬حتى‭ ‬ضجتْ‭ ‬بهم‭ ‬الشوارعُ‭ ‬ومؤسساتُ‭ ‬القطاعِ‭ ‬الخاص‭ ‬والمؤسساتُ‭ ‬والشركاتُ‭ ‬الخاصة،‭ ‬وانتشرت‭ ‬ظواهرُ‭ ‬تنافي‭ ‬الأعرافَ‭ ‬والدين‭ ‬وبرزتْ‭ ‬سلوكاتٌ‭ ‬خارجةٌ‭ ‬عن‭ ‬نطاق‭ ‬الأدبِ‭ ‬والحشمةِ‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬تلك‭ ‬العمالة‭ ‬السائبة‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إقرار‭ ‬تصريح‭ ‬العمل‭ ‬المرن،‭ ‬إلا‭ ‬أنَّ‭ ‬تلك‭ ‬المشكلة‭ ‬لم‭ ‬تُحلْ‭ ‬بشكلٍ‭ ‬مُبرم،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬الجهودِ‭ ‬الضخمة‭ ‬التي‭ ‬تبذلها‭ ‬وزارةُ‭ ‬العمل‭ ‬والهيئاتُ‭ ‬واللجانُ‭ ‬المتعددة‭ ‬المُشكلة‭ ‬للتصدي‭ ‬لهذه‭ ‬الظاهرة،‭ ‬والتطبيق‭ ‬الصارم‭ ‬للعقوباتِ‭ ‬بحقِ‭ ‬العمال‭ ‬المخالفين،‭ ‬ومع‭ ‬أنَّ‭ ‬النظام‭ ‬قانوني‭ ‬ولا‭ ‬غبارَ‭ ‬عليه‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬ترك‭ ‬الحبلَ‭ ‬على‭ ‬الغارب‭ ‬لأربابِ‭ ‬الأعمال‭ ‬لاستيرادِ‭ ‬أعدادٍ‭ ‬مهولةٍ‭ ‬من‭ ‬العمال‭ ‬من‭ ‬دولها‭ ‬المورِّدة‭ ‬للعمالة‭ ‬ونشرهم‭ ‬في‭ ‬شرقِ‭ ‬البلادِ‭ ‬وغربها‭ ‬للاستفادةِ‭ ‬الشخصيةِ‭ ‬وجني‭ ‬الأموال‭. ‬

ثم‭ ‬يبدأ‭ ‬هؤلاء‭ ‬بالعملِ‭ ‬لمصالحهم‭ ‬الخاصة‭ ‬حتى‭ ‬صاروا‭ ‬يزاحمونَ‭ ‬العاملَ‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬فرصِ‭ ‬العملِ‭ ‬والتفاوض،‭ ‬كما‭ ‬تضرر‭ ‬المواطنون‭ ‬أصحابُ‭ ‬المشاريعِ‭ ‬الصغيرةِ‭ ‬والمتناهيةِ‭ ‬الصغر،‭ ‬وأصبحت‭ ‬نسبةٌ‭ ‬كبيرةٌ‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬مملوكةً‭ ‬للأجانب‭ ‬يديرونها‭ ‬هم‭ ‬أنفسهم،‭ ‬وليتَ‭ ‬الأمر‭ ‬توقف‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد،‭ ‬بل‭ ‬زادت‭ ‬الجائحةُ‭ ‬الطينَ‭ ‬بِلة‭ ‬عندما‭ ‬استشرتْ‭ ‬بين‭ ‬أوساطِ‭ ‬العمالةِ‭ ‬السائبة،‭ ‬ذلك‭ ‬أنهم‭ ‬يتكدسون‭ ‬بالعشرات‭ ‬في‭ ‬غرفةٍ‭ ‬واحدةٍ‭ ‬بسكنٍ‭ ‬لا‭ ‬يلتزمُ‭ ‬أصحابه‭ ‬بقوانين‭ ‬الإيجار؛‭ ‬فنقلوا‭ ‬العدوى‭ ‬لبعضهم‭ ‬البعض‭ ‬وللمواطنين‭ ‬كذلك،‭ ‬وغصَّتْ‭ ‬بهم‭ ‬مراكزُ‭ ‬الحجرِ‭ ‬والمستشفيات‭ ‬وكبَّدوا‭ ‬الدولة‭ ‬تكاليفَ‭ ‬علاجٍ‭ ‬طائلة،‭ ‬ناهيكَ‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬التزامهم‭ ‬بأنظمةِ‭ ‬السلامةِ‭ ‬والحجرِ‭ ‬المنزلي‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬التعليمات‭ ‬وتطبيقِ‭ ‬قانونِ‭ ‬المخالفات‭.‬

بلادُنا‭ ‬بحاجةٍ‭ ‬لتدفقِ‭ ‬العمالةِ‭ ‬بشكلٍ‭ ‬سلِس‭ ‬ينهضُ‭ ‬باقتصادها‭ ‬الوطني،‭ ‬لكن‭ ‬قوانينَ‭ ‬أكثرَ‭ ‬صرامة‭ ‬ينبغي‭ ‬أنْ‭ ‬تُسنَّ‭ ‬تجاه‭ ‬هذه‭ ‬الفئة؛‭ ‬كي‭ ‬تُجتثَّ‭ ‬المشكلةُ‭ ‬من‭ ‬جذورها،‭ ‬كما‭ ‬أنَّ‭ ‬استغناءَ‭ ‬المواطنين‭ ‬عن‭ ‬الاستفادةِ‭ ‬من‭ ‬خدماتِ‭ ‬هذه‭ ‬العمالةِ،‭ ‬من‭ ‬الآنَ‭ ‬فصاعداً،‭ ‬سيُوقفُ‭ ‬زحفَ‭ ‬دولٍ‭ ‬لأرضِنا‭.‬