ومضة قلم

تحركوا قبل فوات الأوان

| محمد المحفوظ

منذ‭ ‬سنوات‭ ‬بعيدة‭ ‬ونحن‭ ‬ندق‭ ‬جرس‭ ‬الإنذار‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬المتغلغلة‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬والقرية،‭ ‬ومكمن‭ ‬الخطورة‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬لنا‭ ‬يتمثل‭ ‬بما‭ ‬تحمله‭ ‬من‭ ‬موروثات‭ ‬وعادات‭ ‬غريبة،‭ ‬غير‭ ‬أنّ‭ ‬الظاهرة‭ ‬أخذت‭ ‬تستفحل‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬عندما‭ ‬تحولت‭ ‬بعض‭ ‬المنازل‭ ‬إلى‭ ‬سكن‭ ‬للعمال‭ ‬الأجانب،‭ ‬ومن‭ ‬قام‭ ‬بزيارة‭ ‬عابرة‭ ‬لسكنهم‭ ‬فإن‭ ‬المفاجأة‭ ‬تعقد‭ ‬لسانه‭ ‬نظرا‭ ‬للقذارة‭ ‬والإهمال،‭ ‬وحينها‭ ‬يتساءل‭ ‬بمرارة‭ ‬كيف‭ ‬تغيب‭ ‬الرقابة‭ ‬الصحية‭ ‬عنها‭.‬

المؤسف‭ ‬أن‭ ‬استغاثات‭ ‬أهالي‭ ‬القرية‭ ‬البحرينية‭ ‬بطبيعتها‭ ‬الوادعة‭ ‬الآمنة‭ ‬من‭ ‬غزو‭ ‬العمالة‭ ‬الآسيوية‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬الآذان‭ ‬الصاغية،‭ ‬ما‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬استفحال‭ ‬الأوضاع،‭ ‬ولا‭ ‬يغيب‭ ‬عن‭ ‬أذهان‭ ‬الأهالي‭ ‬ما‭ ‬يصدر‭ ‬عن‭ ‬بعضهم‭ ‬من‭ ‬تحول‭ ‬مقار‭ ‬سكنهم‭ ‬إلى‭ ‬بؤر‭ ‬للدعارة‭ ‬والسكر،‭ ‬أما‭ ‬الأشد‭ ‬وطأة‭ ‬وفداحة‭ ‬فيتمثل‭ ‬في‭ ‬التحرش‭ ‬بالأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬المناطق‭.‬

ونتذكر‭ ‬أنّ‭ ‬المجلس‭ ‬النيابيّ‭ ‬قبيل‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬تقريبا‭ ‬ناقش‭ ‬أزمة‭ ‬العمالة،‭ ‬ما‭ ‬بعث‭ ‬الأمل‭ ‬بأن‭ ‬يصدر‭ ‬قانون‭ ‬ينظم‭ ‬سكن‭ ‬العزاب،‭ ‬وأظن‭ ‬أنه‭ ‬تمت‭ ‬إحالته‭ ‬إلى‭ ‬الجهة‭ ‬المختصة،‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬بقي‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬دون‭ ‬إقرار،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يدعو‭ ‬الأعضاء‭ ‬البلديين‭ ‬لسرعة‭ ‬التحرك‭ ‬مجددا‭ ‬باتجاه‭ ‬إصدار‭ ‬القانون‭.‬‭ ‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬تداعيات‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬ونتيجة‭ ‬لأعداد‭ ‬المصابين‭ ‬منهم،‭ ‬حيث‭ ‬يشكلون‭ ‬النسبة‭ ‬الأكبر‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬موضع‭ ‬قلق‭ ‬للمواطن،‭ ‬ورغم‭ ‬الإجراءات‭ ‬والتدابير‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬الدولة‭ ‬بنقل‭ ‬أعداد‭ ‬منهم‭ ‬للمدارس،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الأزمة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬مصدر‭ ‬قلق‭ ‬بالغ‭ ‬لدى‭ ‬الأهالي،‭ ‬ومن‭ ‬المهم‭ ‬هنا‭ ‬إعادة‭ ‬التذكير‭ ‬بما‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬نبهنا‭ ‬إليه‭ ‬مرارا‭ ‬بدور‭ ‬الشركات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬التي‭ ‬ينتسب‭ ‬إليها‭ ‬العمال‭ ‬بتوفير‭ ‬سكن‭ ‬لائق‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬نائية‭ ‬عن‭ ‬القرى‭ ‬لتجنيب‭ ‬المواطنين‭ ‬ما‭ ‬يهدد‭ ‬أمنهم‭ ‬واستقرارهم‭.‬

نعتقد‭ ‬أنّ‭ ‬التنبيه‭ ‬والتحذير‭ ‬الذي‭ ‬أعلنه‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬أحد‭ ‬المسؤولين‭ ‬لدينا‭ ‬من‭ ‬أنّ‭ ‬“العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬قد‭ ‬تُغيّر‭ ‬وجه‭ ‬المنطقة‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬المقبل‭ ‬بأكمله‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تتخذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬أعدادها‭ ‬وأنها‭ - ‬حسب‭ ‬وصفه‭ - ‬أشد‭ ‬من‭ ‬القنبلة‭ ‬النووية‭ ‬وإسرائيل‭... ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مبالغاً،‭ ‬فها‭ ‬نحن‭ ‬نشهد‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬تداعياتها‭ ‬الخطيرة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬نحسب‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬حساب،‭ ‬ولا‭ ‬مفر‭ ‬من‭ ‬الإقدام‭ ‬على‭ ‬إجراءات‭ ‬أشد‭ ‬صرامة‭ ‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬المواطن‭ ‬وأمنه‭ ‬واستقراره‭.‬