مُلتقطات

“أجنبية” في العلوم الصحية: انسحبوا أو سترسُبون!

| د. جاسم المحاري

يكفي‭ ‬منهم‭ ‬السّعي‭ ‬الدؤوب‭ ‬لخدمة‭ ‬“البحرين”‭ ‬حين‭ ‬تربعوا‭ ‬قوائم‭ ‬التفوق‭ ‬المشرّف‭ ‬وقدّموا‭ ‬الأداء‭ ‬المتميز‭ ‬والحرص‭ ‬المُحّقق‭ ‬للنتائج‭ ‬المُبهرة‭ ‬في‭ ‬تشييد‭ ‬الإنجازات‭ ‬الكبيرة،‭ ‬حتى‭ ‬أضحوا‭ ‬مبعث‭ ‬الفخر‭ ‬ومورد‭ ‬الاعتزاز‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬النجاحات‭ ‬الشاملة‭ ‬والإنجازات‭ ‬المتعاقبة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭. ‬كيف‭ ‬لا،‭ ‬وهُم‭ ‬مَنْ‭ ‬عزّز‭ ‬المكانة‭ ‬المرموقة‭ ‬التي‭ ‬تبوأتها‭ ‬مملكتنا‭ ‬الغالية‭ ‬على‭ ‬الخارطة‭ ‬الصحية‭ ‬بعدما‭ ‬برهنته‭ ‬بجلاء‭ ‬الجهود‭ ‬الجبّارة‭ ‬لجنود‭ ‬طواقمنا‭ ‬الطبية‭ ‬–‭ ‬في‭ ‬قطاعيها‭ ‬المدني‭ ‬والعسكري‭ - ‬في‭ ‬“فورة”‭ ‬الجائحة‭ ‬العالمية،‭ ‬وذلك‭ ‬بعدَ‭ ‬أنْ‭ ‬حَصْدوا‭ ‬كامل‭ ‬الرعاية‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬والتمهين‭ ‬حتى‭ ‬أضحوا‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬المحورية‭ ‬في‭ ‬الحراك‭ ‬التنموي‭ ‬الشامل‭ ‬المستدام‭.‬

غير‭ ‬أنّ‭ ‬ما‭ ‬تُواجهه‭ ‬الفئة‭ ‬الطموحة‭ ‬منهم؛‭ ‬يبعث‭ ‬على‭ ‬القلق،‭ ‬بعد‭ ‬افتقادهم‭ ‬الأمان‭ ‬على‭ ‬مستقبلهم‭ ‬الدراسي‭! ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬–‭ ‬مثالاً‭ - ‬في‭ ‬قسم‭ ‬“صحة‭ ‬الفم‭ ‬والأسنان”‭ ‬بكلية‭ ‬العلوم‭ ‬الصحية‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬البحرين،‭ ‬والذي‭ ‬يسير‭ ‬بهم‭ ‬على‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬توجّهات‭ ‬الحكومة‭ ‬الموقرة‭ ‬للنهوض‭ ‬بالأجيال‭ ‬البحرينية‭ ‬وتكوين‭ ‬اتّجاهاتها‭ ‬الإيجابية‭ ‬نحو‭ ‬العمل‭ ‬والإنتاج،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أفاد‭ ‬به‭ ‬مَنْ‭ ‬تواصلوا‭ ‬مع‭ ‬جريدة‭ ‬“البلاد”‭ ‬من‭ ‬دفعات‭ ‬هذا‭ ‬القسم‭ ‬لأعوام‭ ‬السنوات‭ ‬الدراسية‭ ‬2016م‭ ‬و2017م‭ ‬و2018م،‭ ‬الذين‭ ‬استهلّوا‭ ‬حديثهم‭ ‬بالإِخطار‭ (‬الخطير‭!) ‬الذي‭ ‬يحرمهم‭ ‬من‭ ‬الدراسة‭ ‬للعام‭ ‬الدراسي‭ ‬2020‭/‬2021م‭ ‬في‭ ‬مخالفة‭ ‬صريحة‭ ‬للخطة‭ ‬الدراسية‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ (‬5‭) ‬فصول‭ ‬فقط،‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬أمضى‭ ‬غالبيتهم‭ ‬عامين‭ ‬ونصف‭ ‬العام‭ ‬إلى‭ ‬أربعة‭ ‬أعوام‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭! ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬حصر‭ ‬الكوادر‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬دكتورين‭! ‬وحشر‭ ‬طلبة‭ ‬تلك‭ ‬الدفعات‭ ‬في‭ ‬عيادة‭ ‬واحدة‭ ‬فقط‭! ‬علاوةً‭ ‬على‭ ‬تبنّي‭ ‬رئيس‭ ‬القسم‭ ‬والمعنيين‭ ‬أساليب‭ (‬التحبيط‭) ‬بعد‭ ‬طرحهم‭ ‬خيار‭ ‬الرسوب‭ ‬أو‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬المقرر،‭ ‬أو‭ ‬تعجيزهم‭ ‬في‭ ‬طرح‭ ‬المواد‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات،‭ ‬أو‭ ‬حرمانهم‭ ‬من‭ ‬توصيات‭ ‬التخرج،‭ ‬أو‭ ‬إلزامهم‭ ‬بإعادة‭ ‬المواد‭ ‬العلمية‭ ‬التي‭ ‬درسوها‭ ‬خلال‭ ‬الفصل‭ ‬الصيفي‭ ‬على‭ ‬حدّ‭ ‬قولهم‭!‬

نافلة‭:‬

تبدو‭ ‬نصوص‭ ‬الدستور‭ ‬سلسة‭ ‬الفهم‭ ‬حين‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬ضرورة‭ ‬رعاية‭ ‬أجيالنا‭ ‬الطموحة‭ ‬التي‭ ‬تترجم‭ ‬مستقبل‭ ‬بلادنا‭ ‬العزيزة‭ ‬“البحرين”‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬صنوف‭ ‬العلوم‭. ‬فالمادة‭ (‬5‭/‬ج‭) ‬تؤكد‭ ‬أنّ‭ ‬الدولة‭ ‬“‭... ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬وقايتهم‭ ‬من‭ ‬براثن‭ ‬الجهل‭ ‬والخوف‭ ‬والفاقة”،‭ ‬وكذا‭ ‬المادة‭ (‬7‭/‬أ‭) ‬تُشير‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬الدولة‭ ‬“‭... ‬ترعى‭ ‬العلوم‭ ‬والآداب‭ ‬والفنون،‭ ‬وتشجع‭ ‬البحث‭ ‬العلمي،‭ ‬كما‭ ‬تكفل‭ ‬الخدمات‭ ‬التعليمية‭ ‬والثقافية‭ ‬للمواطنين”‭. ‬فيما‭ ‬قبالَ‭ ‬ذلك‭ ‬جُلّه،‭ ‬تأتي‭ ‬أُستاذة‭ (‬أجنبيةٌ‭) ‬في‭ ‬“قسم‭ ‬صحة‭ ‬الفم‭ ‬والأسنان”‭ ‬بكلية‭ ‬العلوم‭ ‬الصحية‭ - ‬وبدلَ‭ ‬أنْ‭ ‬تشُدّ‭ ‬من‭ ‬عَضُدِ‭ ‬طلبتها‭ ‬وإرشادهم‭ ‬بِحَسْبِ‭ ‬مَنْ‭ ‬تواصلوا‭ ‬مع‭ ‬الجريدة‭ - ‬تُخاطبهم‭ ‬بلغة‭ ‬“التثبيط”‭: ‬انسحبوا‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أو‭ ‬غيرّوا‭ ‬تخصصكم‭ ‬وإلا‭ ‬سترسبون‭! ‬فما‭ ‬أحرى‭ ‬بالمعنيين‭ ‬في‭ ‬الكلية‭ ‬الموقرة‭ ‬أنْ‭ ‬تكون‭ ‬لهم‭ ‬وقفة‭ (‬تنتشل‭) ‬أبناءنا‭ ‬الطموحين‭ ‬من‭ ‬براثن‭ ‬الضياع‭ ‬الذي‭ ‬يهدد‭ ‬مستقبلهم‭ ‬الدراسي‭ ‬باعتبار‭ ‬أنّ‭ ‬مَنْ‭ ‬تلقى‭ ‬تبعات‭ ‬مقومات‭ ‬وطننا‭ ‬الحبيب‭ ‬على‭ ‬أكتافهم‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المواقع‭.‬