لقطة

أميركا والصين.. ومباراة كورونا المثيرة للاشمئزاز!

| أحمد كريم

في‭ ‬كرة‭ ‬القدم،‭ ‬تستطيع‭ ‬متابعة‭ ‬مباراة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تنحاز‭ ‬إلى‭ ‬طرف،‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬تشاهد‭ ‬جمالية‭ ‬اللعب‭ ‬ومهارة‭ ‬اللاعبين‭ ‬والأهداف‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬السياسة،‭ ‬فأنت‭ ‬عاجز‭ ‬عن‭ ‬الحياد‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭!‬

وتعد‭ ‬المتعة‭ ‬في‭ ‬الرياضة‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬عامل‭ ‬الجذب‭ ‬الأول‭ ‬للمتابعين‭ ‬والأنصار،‭ ‬فأنت‭ ‬مستعد‭ ‬للتسمر‭ ‬أمام‭ ‬التلفاز‭ ‬لمتابعة‭ ‬المباراة‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬جزر‭ ‬القمر‭ ‬والمالديف،‭ ‬رغم‭ ‬علمك‭ ‬المسبق‭ ‬أن‭ ‬النتيجة‭ ‬النهائية‭ ‬لن‭ ‬تؤثر‭ ‬عليك‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬بعيد‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬قريب‭.‬

ولكن‭ ‬الوضع‭ ‬مختلف‭ ‬في‭ ‬المباريات‭ ‬السياسية،‭ ‬حيث‭ ‬ستكون‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬مسكونا‭ ‬بالهواجس‭ ‬والأحاسيس‭ ‬التي‭ ‬ستقودك‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬الاصطفاف‭ ‬في‭ ‬خندق‭ ‬دولة‭ ‬أو‭ ‬تحالف؛‭ ‬لأنك‭ ‬مدرك‭ ‬أن‭ ‬التداعيات‭ ‬والنتائج‭ ‬ستنعكس‭ ‬على‭ ‬حياتك‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر،‭ ‬فالمصالح‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تحكم‭ ‬السياسة‭. ‬

ولعل‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬تصعيد‭ ‬كبير‭ ‬بين‭ ‬أميركا‭ ‬والصين‭ ‬وتقاذفهما‭ ‬الاتهامات‭ ‬بسبب‭ ‬جائحة‭ ‬الكورونا‭ ‬يدعونا‭ ‬إلى‭ ‬الشعور‭ ‬بأن‭ ‬المباراة‭ ‬بين‭ ‬هاتين‭ ‬الدولتين‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تغير‭ ‬ملامح‭ ‬العالم‭ ‬برمته،‭ ‬وما‭ ‬استمرار‭ ‬التراشق‭ ‬بينهما‭ ‬حول‭ ‬المسؤولية‭ ‬عن‭ ‬انتشار‭ ‬الوباء‭ ‬إلا‭ ‬مقدمة‭ ‬لتصادم‭ ‬يبدو‭ ‬وشيك‭ ‬كما‭ ‬يتنبأ‭ ‬المراقبون‭.‬

والمؤسف‭ ‬أن‭ ‬الرياضة،‭ ‬توقفت‭ ‬كليا‭ ‬بسبب‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬لمكافحة‭ ‬الكورونا،‭ ‬وبقيت‭ ‬السياسة‭ ‬هي‭ ‬الملعب‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يتصدر‭ ‬المشهد،‭ ‬فيما‭ ‬بقينا‭ ‬عالقين‭ ‬بين‭ ‬فكي‭ ‬كماشة‭ ‬دول‭ ‬عملاقة‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬مصالحها‭ ‬وتركلنا‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬تركل‭ ‬الكرة‭ ‬في‭ ‬المستطيل‭ ‬الأخضر‭. ‬

وهنا،‭ ‬يتوجب‭ ‬أن‭ ‬يتشكل‭ ‬لدينا‭ ‬إدراك‭ ‬كامل‭ ‬بأهمية‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الوعي،‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬هموم‭ ‬ومشاكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬نتيجة‭ ‬للهجمات‭ ‬المرتدة‭ ‬والمنسقة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬هاتان‭ ‬الدولتان،‭ ‬فترتد‭ ‬علينا‭ ‬النتائج‭ ‬السلبية‭ ‬فيما‭ ‬يجنون‭ ‬هم‭ ‬المكاسب‭ ‬والنتائج‭ ‬الإيجابية‭. ‬

وإزاء‭ ‬هذه‭ ‬العبثية‭ ‬والفوضى‭ ‬المثيرة‭ ‬للاشمئزاز،‭ ‬لا‭ ‬نملك‭ ‬إلا‭ ‬الدعاء‭ ‬إلى‭ ‬قادتنا‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬بأن‭ ‬يسدد‭ ‬الله‭ ‬خطاهم،‭ ‬ويلهمهم‭ ‬القوة‭ ‬والإرادة‭ ‬والتوفيق‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬بلداننا‭ ‬إلى‭ ‬بر‭ ‬الأمان‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬تبدو‭ ‬أمواجه‭ ‬متلاطمة‭ ‬وهائجة‭.‬

وحتى‭ ‬يكشف‭ ‬الله‭ ‬هذه‭ ‬الغمة،‭ ‬نتمنى‭ ‬أن‭ ‬ينعم‭ ‬العالم‭ ‬بالسلام‭ ‬والأمان،‭ ‬فالقلق‭ ‬يسيطر‭ ‬على‭ ‬الناس،‭ ‬ورغم‭ ‬هذه‭ ‬الضبابية‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نتمسك‭ ‬بالأمل‭ ‬والإيمان‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬التحديات‭ ‬الكبيرة‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬جعبتها‭ ‬أيضا‭ ‬فرصا‭ ‬كبيرة‭ ‬يتوجب‭ ‬استغلالها‭ ‬واقتناصها‭ ‬دون‭ ‬تردد‭.. ‬والله‭ ‬الحافظ‭ ‬والموفق‭.‬