أنسنة

صندوق التعطل وطلبات الاستنزاف

| رجاء مرهون

في‭ ‬خطوة‭ ‬غير‭ ‬متوقعة،‭ ‬قدم‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬مقترحا‭ ‬لتعديل‭ ‬قانون‭ ‬صندوق‭ ‬التأمين‭ ‬ضد‭ ‬التعطل‭ ‬بهدف‭ ‬تحميله‭ ‬تكاليف‭ ‬ساعات‭ ‬الرعاية‭ ‬للأمهات‭ ‬العاملات‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وبقراءة‭ ‬أولية‭ ‬للمقترح‭ ‬ومبرراته‭ ‬ودوافعه،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬تقديمه‭ ‬جاء‭ ‬استكمالا‭ ‬لمقترح‭ ‬آخر‭ ‬مرره‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬ويقضي‭ ‬بمساواة‭ ‬ساعات‭ ‬الرعاية‭ ‬للمرأة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬مع‭ ‬موظفات‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬بما‭ ‬يؤدي‭ ‬لزيادة‭ ‬الساعات‭ ‬الممنوحة‭ ‬لهن‭.‬

وكأن‭ ‬النائب‭ ‬مقدم‭ ‬المقترح‭ ‬بقانون‭ - ‬وهو‭ ‬أيضا‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬غرفة‭ ‬تجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬البحرين‭- ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬ساعات‭ ‬الرعاية‭ ‬ليست‭ ‬حقا‭ ‬عماليا‭ ‬أصيلا‭ ‬للأم‭ ‬الموظفة‭ ‬وجب‭ ‬تحمله‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الشركات‭ ‬وأرباب‭ ‬العمل،‭ ‬لذا‭ ‬فهو‭ ‬يقترح‭ ‬أن‭ ‬تتشارك‭ ‬في‭ ‬تحمله‭ ‬الحكومة‭ ‬وكذلك‭ ‬الموظفة‭ ‬عبر‭ ‬الاشتراكات‭ ‬المدفوعة‭ ‬بنسبة‭ ‬1‭ % ‬لكل‭ ‬طرف‭.‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬تحرك‭ ‬الحكومة‭ ‬للسحب‭ ‬من‭ ‬احتياطيات‭ ‬الصندوق‭ ‬مرتين،‭ ‬فتح‭ ‬شهية‭ ‬النواب‭ ‬لتقديم‭ ‬مقترحات‭ ‬“مبتكرة”‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الاتجاه،‭ ‬غاضين‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬أهداف‭ ‬صندوق‭ ‬التأمين‭ ‬ضد‭ ‬التعطل‭ ‬الواضحة‭ ‬والمحددة،‭ ‬وأن‭ ‬قواعدهم‭ ‬الانتخابية‭ ‬تقبلت‭ ‬سداد‭ ‬رواتب‭ ‬البحرينيين‭ ‬منه‭ ‬لمدة‭ ‬‮٣‬‭ ‬أشهر‭ ‬كاستثناء‭ ‬تفرضه‭ ‬الأزمة‭ ‬الصحية،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬يتحول‭ ‬الأمر‭ ‬لقاعدة‭ ‬أو‭ ‬مبدأ‭.‬

مسألة‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬إغفالها‭ ‬بتاتا،‭ ‬وهي‭ ‬حقوق‭ ‬وواجبات‭ ‬العامل‭ ‬المثبتة‭ ‬وفق‭ ‬القواعد‭ ‬والأعراف‭ ‬الدولية،‭ ‬فلا‭ ‬يجوز‭ ‬تجاوزها‭ ‬أو‭ ‬القفز‭ ‬عليها‭ ‬تحت‭ ‬أي‭ ‬مبرر،‭ ‬فالقبول‭ ‬اليوم‭ ‬بسحب‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬ساعات‭ ‬الرعاية‭ ‬من‭ ‬صندوق‭ ‬التعطل،‭ ‬سيقودنا‭ ‬غدا‭ ‬للسحب‭ ‬من‭ ‬ذات‭ ‬الصندوق‭ ‬لسداد‭ ‬الإجازات‭ ‬المرضية‭ ‬والسنوية‭... ‬إلخ،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يمنعنا‭ ‬إن‭ ‬رسخنا‭ ‬المبدأ‭ ‬الخاطئ‭! ‬

أمر‭ ‬آخر‭ ‬أود‭ ‬التنويه‭ ‬له،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬صندوق‭ ‬التعطل‭ ‬ليس‭ ‬“مصباح‭ ‬علاء‭ ‬الدين”‭ ‬بموارد‭ ‬مفتوحة،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬نصف‭ ‬ما‭ ‬جمعه‭ ‬الصندوق‭ ‬من‭ ‬مدخرات‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬‮١٤‬‭ ‬عاما‭ (‬منذ‭ ‬تأسيسه‭) ‬والمقدرة‭ ‬بـ‭ ‬‮٨٣٠‬‭ ‬مليونا،‭ ‬استهلكت‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬عام‭ (‬‮٢٣٠‬‭ ‬مليونا‭ ‬للتقاعد‭ ‬الاختياري‭ + ‬‮٢١٥‬‭ ‬مليونا‭ ‬لأجور‭ ‬البحرينيين‭ ‬لـ‭ ‬‮٣‬‭ ‬أشهر‭ ‬في‭ ‬الأزمة‭ ‬بما‭ ‬يساوي‭ ‬‮٤٤٥‬‭ ‬مليونا‭). ‬ونحن‭ ‬أمام‭ ‬استمرارية‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬العاصفة‭ ‬التي‭ ‬يصعب‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬قياس‭ ‬تبعاتها‭ ‬وآثارها‭ ‬السلبية‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬وعوضا‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬مقترحات‭ ‬نيابية‭ ‬تستنزف‭ ‬الصندوق،‭ ‬كنا‭ ‬نأمل‭ ‬تحركا‭ ‬حكوميا‭ ‬نيابيا‭ ‬لتعديل‭ ‬قانوني‭ ‬سريع‭ ‬يضمن‭ ‬استمرار‭ ‬إعانات‭ ‬البطالة‭ ‬لجميع‭ ‬مستحقيها‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬الأزمة‭ ‬الحالية‭ ‬ودون‭ ‬أية‭ ‬انقطاعات‭.‬