في ذكرى استشهاد الإمام علي بن أبي طالب

| عبدعلي الغسرة

تمر‭ ‬السنين‭ ‬والأعوام‭ ‬وذكرى‭ ‬استشهاد‭ ‬الإمام‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬طالب‭ ‬“عليه‭ ‬السلام”‭ ‬تتجدد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬سيرته‭ ‬مليئة‭ ‬بالعبر‭ ‬والقيم‭ ‬والمبادئ،‭ ‬ودروسٌ‭ ‬نستلهمها‭ ‬من‭ ‬صفحات‭ ‬حياة‭ ‬الإمام‭ ‬المولود‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬الله‭ ‬والمقتول‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬الله،‭ ‬وبينهما‭ ‬وهب‭ ‬حياته‭ ‬لدين‭ ‬الله‭ ‬وفداء‭ ‬لرسول‭ ‬الله‭.‬

لقد‭ ‬عاش‭ ‬الإمام‭ ‬حياة‭ ‬مليئة‭ ‬بالبر‭ ‬والتقوى‭ ‬والعبادة‭ ‬والجهاد‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الله‭ ‬ومبادئ‭ ‬الإسلام‭ ‬بجانب‭ ‬صحابة‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم،‭ ‬وقد‭ ‬بذل‭ ‬أسمى‭ ‬معاني‭ ‬التضحية‭ ‬والفداء‭ ‬والشجاعة‭ ‬والبطولة‭ ‬والإيثار‭ ‬بالحق‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬ذلك،‭ ‬وهي‭ ‬مبادئ‭ ‬آمن‭ ‬بها‭ ‬ونشأ‭ ‬وتربى‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬حضن‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم‭ ‬وشهد‭ ‬له‭ ‬بذلك‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬عاش‭ ‬معه‭ ‬وعرفه‭ ‬وقرأ‭ ‬شيئًا‭ ‬من‭ ‬تاريخه‭ ‬وبلاغته،‭ ‬وتاه‭ ‬في‭ ‬مناهجها‭ ‬وبلاغتها‭ ‬وفي‭ ‬سمو‭ ‬معاني‭ ‬كلماتها‭ ‬كُل‭ ‬من‭ ‬تصفح‭ ‬صفحات‭ ‬كُتبه،‭ ‬إنها‭ ‬مبادئ‭ ‬نقية‭ ‬تقية‭ ‬تساوى‭ ‬فيها‭ ‬الغني‭ ‬والفقير‭ ‬والقوي‭ ‬مع‭ ‬الضعيف‭. ‬

وشخصية‭ ‬الإمام‭ ‬علي‭ (‬ع‭) ‬مليئة‭ ‬بالمبادئ‭ ‬والقيم‭ ‬التي‭ ‬عاش‭ ‬واستشهد‭ ‬من‭ ‬أجلها‭ ‬الإمام،‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نغرف‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ديننا‭ ‬وبناء‭ ‬شخصيتنا‭ ‬وتجميل‭ ‬حياتنا،‭ ‬وجمع‭ ‬شملنا‭ ‬وتوحيد‭ ‬صفوفنا،‭ ‬ونماء‭ ‬مجتمعنا،‭ ‬ولنغرف‭ ‬منها‭ ‬لتهب‭ ‬لنا‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬بنا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬صوب،‭ ‬ولنسير‭ ‬معًا‭ ‬متحدين‭ ‬في‭ ‬خط‭ ‬الهداية‭ ‬والتسامح‭ ‬والسلام‭.‬

وقد‭ ‬أبغض‭ ‬المعاندين‭ ‬ارتفاع‭ ‬منارة‭ ‬الإسلام‭ ‬عالية‭ ‬شامخة‭ ‬فهموا‭ ‬بهدمها‭ ‬فنالوا‭ ‬من‭ ‬صحابة‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم،‭ ‬وجرى‭ ‬اغتيال‭ ‬الصحابة‭ ‬وكان‭ ‬أولهم‭ ‬الخليفة‭ ‬عُمر‭ ‬بن‭ ‬الخطاب‭ ‬ثمَّ‭ ‬عثمان‭ ‬بن‭ ‬عفان‭ ‬“رضي‭ ‬الله‭ ‬عنهما”‭ ‬وتاليًا‭ ‬الإمام‭ ‬علي،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬الجسام‭ ‬التي‭ ‬أثخنت‭ ‬أمتنا‭ ‬العربية‭ ‬جِراحًا‭ ‬وأحزنتنا‭.‬

استشهد‭ ‬الإمام‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬طالب‭ (‬ع‭) ‬والصلاة‭ ‬بين‭ ‬شفتيه،‭ ‬استشهد‭ ‬وفي‭ ‬قلبه‭ ‬الشوق‭ ‬إلى‭ ‬ربه،‭ ‬استشهد‭ ‬لقيم‭ ‬ومبادئ‭ ‬آمن‭ ‬بها،‭ ‬مبادئ‭ ‬وقيم‭ ‬جسدت‭ ‬مقامه‭ ‬الكريم‭ ‬وشخصيته‭ ‬الإنسانية‭ ‬ومقدار‭ ‬ولائه‭ ‬لله‭ ‬ورسوله‭ ‬ودينه‭ ‬العظيم،‭ ‬وعندما‭ ‬قتل‭ ‬لم‭ ‬يأسف‭ ‬ولم‭ ‬يحزن‭ ‬بل‭ ‬قال‭ ‬كلمته‭ ‬الخالدة‭ ‬“فزت‭ ‬ورب‭ ‬الكعبة”‭.‬