الأوبئة بين العلم والخرافة

| رضي السماك

من‭ ‬العلماء‭ ‬العرب‭ ‬الكبار‭ ‬الذين‭ ‬رحلوا‭ ‬عن‭ ‬دنيانا‭ ‬تاركين‭ ‬لنا‭ ‬إسهامات‭ ‬علمية‭ ‬مميزة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬البيولوجيا‭ ‬والميكروبات،‭ ‬العالم‭ ‬المصري‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالمحسن‭ ‬صالح،‭ ‬وفي‭ ‬كتابه‭ ‬“الإنسان‭ ‬الحائر‭ ‬بين‭ ‬العلم‭ ‬والخرافة”‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬“عالم‭ ‬المعرفة‭ ‬الكويتية”،‭ ‬عرّف‭ ‬الخرافة‭ ‬بأنها‭: ‬“كل‭ ‬ما‭ ‬عجز‭ ‬العقل‭ ‬البدائي‭ ‬أو‭ ‬العادي‭ ‬عن‭ ‬تعليله،‭ ‬فإذا‭ ‬دُرست‭ ‬الظاهرة‭ ‬التي‭ ‬يظنها‭ ‬الناس‭ ‬معجزة‭ ‬أو‭ ‬خارقة،‭ ‬فإنه‭ ‬يمكن‭ ‬في‭ - ‬أغلب‭ ‬الأحيان‭ - ‬تفسيرها‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬من‭ ‬دراسة‭ ‬وبحث‭ ‬وعلم‭. ‬وعندما‭ ‬تفسر،‭ ‬ويدرك‭ ‬سرها،‭ ‬تنتفي‭ ‬في‭ ‬الحال‭ ‬معجزاتها،‭ ‬لهذا‭ ‬يقولون‭: ‬إذا‭ ‬بزغ‭ ‬نور‭ ‬العقل،‭ ‬ولى‭ ‬زمن‭ ‬المعجزات”‭.‬

ورغم‭ ‬مرور‭ ‬قرن‭ ‬ونيف‭ ‬على‭ ‬انطلاقة‭ ‬مسيرة‭ ‬التعليم‭ ‬والنهضة‭ ‬الثقافية‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التفكير‭ ‬الخرافي‭ ‬ما‭ ‬برح‭ ‬الأكثر‭ ‬شيوعاً،‭ ‬ليس‭ ‬بين‭ ‬عوام‭ ‬الناس‭ ‬العرب‭ ‬فقط؛‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬مؤسساتهم‭ ‬التعليمية‭ ‬والإعلامية‭ ‬والثقافية‭. ‬

صحيفة‭ ‬“اليوم‭ ‬السابع”‭ ‬المصرية‭ ‬غردت‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬أنه‭ ‬لما‭ ‬ضرب‭ ‬الطاعون‭ ‬مصر‭ ‬سنة‭ ‬1374م،‭ ‬وراحت‭ ‬ضحيته‭ ‬أعداد‭ ‬هائلة،‭ ‬فشلت‭ ‬كل‭ ‬وصفات‭ ‬العلاج‭ ‬الخرافية‭ ‬التي‭ ‬أمرهم‭ ‬باتباعها‭ ‬بعض‭ ‬كبار‭ ‬القوم،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬فهم‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تجريب‭ ‬تلك‭ ‬الوصفات‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬لم‭ ‬يصل‭ ‬فيه‭ ‬التطور‭ ‬العلمي‭ ‬الطبي‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬الآن،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬فهمه‭ ‬أن‭ ‬يتبع‭ ‬كثرة‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬زماننا‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬“الروشتات”‭ ‬العلاجية‭ ‬الخرافية‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬نصائح‭ ‬“علمائهم”‭ ‬بعصيان‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وسُبل‭ ‬الوقاية‭ ‬الأخرى؛‭ ‬فهنا‭ ‬تبلغ‭ ‬المأساة‭ ‬ذروتها‭ ‬حيث‭ ‬يتعاظم‭ ‬تفشي‭ ‬الوباء‭ ‬فأعداد‭ ‬المصابين‭ ‬به‭ ‬وقتلاه‭. ‬وحسناً‭ ‬فعل‭ ‬تويتر‭ ‬بحظر‭ ‬المعلومات‭ ‬المضللة‭ ‬عن‭ ‬الوباء‭.‬