بين الصحة والاقتصاد (2)

| عبدعلي الغسرة

إن‭ ‬الصحة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬رديفان‭ ‬لنماء‭ ‬المجتمع‭ ‬ورخاء‭ ‬أفراده،‭ ‬فأزمة‭ ‬الكوفيد‭ ‬أكدت‭ ‬أهميتهما‭ ‬معًا،‭ ‬فالتوقف‭ ‬المؤقت‭ ‬للأنشطة‭ ‬والأعمال‭ ‬التجارية‭ ‬والتباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لا‭ ‬يُمثل‭ ‬خسارة‭ ‬للتجار‭ ‬والناس،‭ ‬بل‭ ‬مكسبًا‭ ‬لهم‭ ‬جميعًا،‭ ‬فحماية‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬الكوفيد‭ ‬وأخطاره‭ ‬تتطلب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬المكاسب‭ ‬المالية‭ ‬والتجارية،‭ ‬وما‭ ‬يثبت‭ ‬صحة‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬ميزانيات‭ ‬الدول‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬تملك‭ ‬من‭ ‬موارد‭ ‬طبيعية‭ ‬تقف‭ ‬مشلولة‭ ‬اليوم‭ ‬أمام‭ ‬الكوفيد‭ ‬الذي‭ ‬يحصد‭ ‬أرواح‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬ويُصيب‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الناس‭.‬

ويتحمل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬تكاليف‭ ‬الأوبئة‭ ‬التي‭ ‬تصيب‭ ‬الناس،‭ ‬وقد‭ ‬أشار‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬“الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬يتحمل‭ ‬سنويًا‭ ‬570‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬وبما‭ ‬يوازي‭ ‬0‭.‬7‭ % ‬من‭ ‬الدخل‭ ‬العالمي”‭ ‬لمكافحة‭ ‬الأوبئة‭ ‬والأمراض‭ ‬المستجدة‭ ‬ورعاية‭ ‬مرضى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬وهذه‭ ‬الأرقام‭ ‬تتزايد‭ ‬يوميًا‭. ‬ويتطلب‭ ‬رفع‭ ‬معدلات‭ ‬الإنتاج‭ ‬الجودة‭ ‬في‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية،‭ ‬فجودة‭ ‬الصحة‭ ‬تحقق‭ ‬الأمن‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والتطور‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وترفع‭ ‬صحة‭ ‬المواطن‭.‬

إن‭ ‬الأولوية‭ ‬القصوى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والعزل‭ ‬وتوقف‭ ‬بعض‭ ‬الأنشطة‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وبجانب‭ ‬الصحة‭ ‬يأتي‭ ‬الرخاء‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬التحسن‭ ‬الدائم‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬معيشة‭ ‬الإنسان،‭ ‬إن‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬ماضيًا‭ ‬وحاضرًا‭ ‬ومستقبلًا‭ ‬مفتاح‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الوطنية،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬للإنسان‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬دوره‭ ‬التنموي‭ ‬إذا‭ ‬مرض‭ ‬وتألم‭.‬

والدولة‭ ‬حينما‭ ‬وضعت‭ ‬حزمة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬من‭ ‬إدارية‭ ‬واجتماعية‭ ‬ومالية‭ ‬كان‭ ‬هدفها‭ ‬مساعدة‭ ‬المواطنين‭ ‬وأصحاب‭ ‬الشركات‭ ‬والتجار‭ ‬وحماية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬من‭ ‬الانهيار،‭ ‬فالتباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والتوقف‭ ‬المؤقت‭ ‬لبعض‭ ‬الأنشطة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬ساهمت‭ ‬جميعها‭ ‬في‭ ‬انخفاض‭ ‬انتشار‭ ‬فيروس‭ ‬الكوفيد‭.‬

وتؤكد‭ ‬الدراسات‭ ‬الحديثة‭ ‬أن‭ ‬“العناية‭ ‬بالصحة‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬نمو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬بمئة‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬كل‭ ‬عام”،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬العناية‭ ‬بالصحة‭ ‬وجودتها‭ ‬لها‭ ‬مردود‭ ‬إيجابي‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬والعكس‭ ‬صحيح‭.‬