لمحات

حياة مغايرة

| د.علي الصايغ

يكاد‭ ‬يكون‭ ‬صعباً‭ ‬ما‭ ‬تفرضه‭ ‬الظروف‭ ‬الراهنة‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬لكنه‭ ‬مطلوب،‭ ‬ومحسوب،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التداعيات‭ ‬السلبية‭ ‬المتسارعة‭ ‬جراء‭ ‬فيروس‭ (‬كورونا‭) ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يرحم‭ ‬صغيراً‭ ‬ولا‭ ‬كبيراً،‭ ‬ويعد‭ ‬اليوم‭ ‬أخطر‭ ‬كائن‭ ‬يهدد‭ ‬البشرية،‭ ‬وهو‭ ‬يصول‭ ‬ويجول‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬حي‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭.‬

إن‭ ‬فلسفة‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الوليدة،‭ ‬وما‭ ‬أفرزته‭ ‬من‭ ‬ثقافة‭ ‬جديدة‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمعات،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬بالحسبان،‭ ‬وهي‭ ‬سبيل‭ ‬سيبقي‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تغير‭ ‬من‭ ‬طبيعة‭ ‬الحياة،‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬بلوغنا‭ ‬نهاية‭ ‬الجائحة‭. ‬قضت‭ ‬الثقافة‭ ‬الجديدة‭ ‬على‭ ‬رتابة‭ ‬الحياة‭ ‬المعتادة،‭ ‬وأتت‭ ‬برتابة‭ ‬أخطر‭ ‬وأدمر،‭ ‬وجعلت‭ ‬مما‭ ‬جعلت‭ ‬أعداداً‭ ‬مهولة‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬عمل،‭ ‬وفي‭ ‬ابتعاد‭ ‬كامل‭ ‬عن‭ ‬أقرب‭ ‬الناس‭ ‬إليهم،‭ ‬لأجل‭ ‬إتمام‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الخطر،‭ ‬والقضاء‭ ‬عليه،‭ ‬عاجلاً‭ ‬أم‭ ‬آجلاً‭. ‬

باتت‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب‭ ‬منه،‭ ‬وليس‭ ‬البعيد،‭ ‬واضحة‭ ‬الملامح،‭ ‬تضرب‭ ‬بعرض‭ ‬الحائط‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬المتوارثة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجتمعات،‭ ‬وتؤسس‭ ‬لأعراف‭ ‬اجتماعية‭ ‬مغايرة‭ ‬تماماً‭ ‬عما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬وتستلزم‭ ‬الاستخدام‭ ‬الأكثر‭ ‬والأبلغ‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬الحديثة،‭ ‬بتطويرها،‭ ‬ليس‭ ‬اختيارياً،‭ ‬ولا‭ ‬اعتباطياً،‭ ‬بل‭ ‬كفرض‭ ‬يجب‭ ‬الالتزام‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬المجتمعات‭. ‬

وللعقلاء‭ ‬فقط،‭ ‬الذين‭ ‬يريدون‭ ‬ألا‭ ‬تقع‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬الشديدة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬والحالة‭ ‬المهولة‭ ‬المتعبة‭ ‬التي‭ ‬آلت‭ ‬إليها‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬مساحاتها،‭ ‬واقتصاداتها،‭ ‬وثقافاتها،‭ ‬وقدراتها‭ ‬النظامية‭ ‬الصحية،‭ ‬أن‭ ‬يتعظوا،‭ ‬وأن‭ ‬يدرسوا‭ ‬تماماً‭ ‬احتمالات‭ ‬حدوث‭ ‬أزمات‭ ‬عالمية‭ ‬أخرى‭ ‬متباينة،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬صحية،‭ ‬أو‭ ‬جغرافية،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬كوارث‭ ‬وأوبئة،‭ ‬وألا‭ ‬يضعوا‭ ‬الشعوب‭ ‬أمام‭ ‬امتحان،‭ ‬ليسوا‭ ‬مستعدين‭ ‬له،‭ ‬تاركين‭ ‬هراء‭ ‬التقدم‭ ‬العلمي‭ ‬المزعوم،‭ ‬وناذرين‭ ‬أنفسهم‭ ‬لعدم‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬الأرواح‭ ‬البريئة‭ ‬بسهولة‭ ‬تناسبت‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬عكسياً‭ ‬تماماً‭ ‬مع‭ ‬شدة‭ ‬وقساوة‭ ‬الخطر‭!.‬