شواهد

منهج علي بن أبي طالب في الأزمات

| سعيد محمد

كنت‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬تأملت‭ ‬عبارة‭ ‬“تد‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬قدمك”،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬وردت‭ ‬ضمن‭ ‬حوار‭ ‬بين‭ ‬الإمام‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬طالب‭ ‬عليه‭ ‬السلام،‭ ‬وابنه‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬الحنفية‭ ‬حين‭ ‬سلمه‭ ‬الراية‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬حروبه‭.. ‬ولربما‭ ‬ونحن‭ ‬نعيش‭ ‬ذكرى‭ ‬استشهاد‭ ‬أمير‭ ‬المؤمنين‭ ‬عليه‭ ‬السلام،‭ ‬نتبصر‭ ‬في‭ ‬بلاغة‭ ‬المفردات‭ ‬من‭ ‬يعمق‭ ‬فيها‭ ‬معاني‭ ‬الثبات‭ ‬في‭ ‬الأزمات‭ ‬والمحن‭.‬

ما‭ ‬معنى‭ ‬تلك‭ ‬العبارة‭ :‬”تد‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬قدميك؟”‭.. ‬“تد”‭ ‬فعل‭ ‬أمر،‭ ‬وحين‭ ‬نقول‭ ‬“وتد‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬قدمه”‭ ‬أي‭ ‬ثبتها‭ ‬وهي‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬بعض‭ ‬اللغويين‭ ‬منسوبة‭ ‬إلى‭ ‬“وتد‭ ‬الخيمة”‭ ‬الذي‭ ‬يثبت‭ ‬أركانها،‭ ‬وفي‭ ‬حديث‭ ‬أمير‭ ‬المؤمنين‭ ‬لابنه‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬الحنفية‭: ‬“تزول‭ ‬الجبال‭ ‬ولا‭ ‬تزل،‭ ‬عض‭ ‬على‭ ‬ناجذك‭ ‬وأعر‭ ‬الله‭ ‬جمجمتك،‭ ‬تد‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬قدمك،‭ ‬ارم‭ ‬ببصرك‭ ‬أصى‭ ‬القوم‭ ‬وغض‭ ‬بصرك،‭ ‬واعلم‭ ‬أن‭ ‬النصر‭ ‬من‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى”‭.‬

هنا،‭ ‬تأتي‭ ‬لمحة‭ ‬عن‭ ‬سمات‭ ‬الخبير‭ ‬المفكر‭ ‬والقائد‭ ‬المسؤول‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬بشكلها‭ ‬العملي‭ ‬في‭ ‬الأزمات‭ ‬والمحن،‭ ‬وقد‭ ‬سئل‭ ‬الإمام‭ ‬علي‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الخصال،‭ ‬فاختصرها‭ ‬في‭: ‬الحلم‭ ‬والحذر‭ ‬والتقدير‭ ‬والتفكر،‭ ‬فللحلم‭ ‬أثر‭ ‬في‭ ‬سيطرة‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬عند‭ ‬الغضب‭ ‬وتمنع‭ ‬التعجل‭ ‬وتفرض‭ ‬التأني‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مهم‭ ‬لكل‭ ‬خبير،‭ ‬فلن‭ ‬يتجاوز‭ ‬الإنسان‭ ‬أي‭ ‬أزمة‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬حليما‭ ‬لا‭ ‬تأخذه‭ ‬العجلة‭ ‬ولا‭ ‬يستعجل‭ ‬في‭ ‬الحكم‭.‬

يصف‭ ‬الإمام‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬طالب‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬سمات‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬نبينا‭ ‬الكريم‭ ‬محمد‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬آله‭ ‬وصحبه‭ ‬وسلم‭ ‬في‭ ‬الأزمات‭ ‬والمحن،‭ ‬فيقول‭: ‬“كان‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬“ص”‭ ‬أجود‭ ‬الناس‭ ‬صدرًا،‭ ‬وأصدقهم‭ ‬لهجة،‭ ‬وألينهم‭ ‬عريكة،‭ ‬وأكرمهم‭ ‬عشرة،‭ ‬من‭ ‬رآه‭ ‬بديهة‭ ‬هابه،‭ ‬ومن‭ ‬خالطه‭ ‬معرفة‭ ‬أحبه”،‭ ‬وكما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬شمائل‭ ‬الرسول‭ ‬ودلائل‭ ‬نبوته‭ ‬وفضائله‭ ‬وخصائصه‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬النعوت‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬شخصية‭ ‬فذة‭ ‬في‭ ‬تكوينها‭ ‬وتأديبها‭ ‬وعلمها،‭ ‬ولها‭ ‬جاذبية‭ ‬وحضور‭ ‬من‭ ‬الوهلة‭ ‬الأولى‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يتعامل‭ ‬معها،‭ ‬ويضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬كنه‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬معلمًا‭ ‬مرشدًا‭ ‬للخير‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬شريعة‭ ‬الله‭ ‬المنزلة‭.‬

في‭ ‬الأزمات،‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يتصف‭ ‬بأوصاف‭ ‬المسؤولية‭ ‬العامة‭ ‬لدى‭ ‬القائد‭.. ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬مسؤولية‭ ‬دولة‭ ‬أو‭ ‬جهة‭ ‬أو‭ ‬كيان،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬مسؤولية‭ ‬دينية‭ ‬ووطنية‭ ‬لاسيما‭ ‬حينما‭ ‬تضطرب‭ ‬الأوضاع‭ ‬وتنتشر‭ ‬الأوبئة،‭ ‬ولا‭ ‬يقتصر‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الحروب‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬تظهر‭ ‬أهميتها‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬انتشار‭ ‬الأوبئة‭ ‬والرعب‭ ‬والقلق،‭ ‬والبطولة‭ ‬هنا‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬عقول‭ ‬الأزمات،‭ ‬واختصر‭ ‬زبدة‭ ‬القول،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬لعبه‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬نائب‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬التنسيقية‭ ‬في‭ ‬إدارته‭ ‬لمكافحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬يعكس‭ ‬شخصية‭ ‬قائدة‭ ‬فذة‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬المجتمع‭ ‬رغم‭ ‬شدة‭ ‬وضراوة‭ ‬المعركة‭. ‬نسأل‭ ‬الله‭ ‬لبلادنا‭ ‬ولكل‭ ‬بلاد‭ ‬المسلمين‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام‭ ‬والحفظ‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الشرور‭.‬