هل الكاظمي المسمار الأخير بنعش إيران؟

| فرات البسام

في‭ ‬سبعينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬أسس‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأميركي‭ ‬برينجسكي‭ ‬القواعد‭ ‬الأساسية‭ ‬لترسيخ‭ ‬النظام‭ ‬الثيوقراطي،‭ ‬وهو‭ ‬مفهوم‭ ‬لدعم‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وهي‭ ‬أحزاب‭ ‬سياسية‭ ‬أكثر‭ ‬منها‭ ‬إسلامية،‭ ‬وفعلا‭ ‬دعم‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬والنظام‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الأحزاب‭ ‬التي‭ ‬سوف‭ ‬تحكم‭ ‬ستقاتل‭ ‬الأحزاب‭ ‬الشيوعية‭ ‬الملحدة‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬حسب‭ ‬رؤيتهم،‭ ‬وبعد‭ ‬سقوط‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬وانتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬بدأت‭ ‬تلك‭ ‬الأحزاب‭ ‬طموحها‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬مد‭ ‬نفوذها‭ ‬بدواعي‭ ‬عديدة،‭ ‬فكان‭ ‬هناك‭ ‬نظام‭ ‬يدعي‭ ‬الخلافة،‭ ‬ونظام‭ ‬يدعي‭ ‬ولاية‭ ‬الفقيه،‭ ‬وبلغوا‭ ‬جميع‭ ‬المسلمين‭ ‬بالعالم‭ ‬أن‭ ‬الوطنية‭ ‬حرام‭ ‬وأن‭ ‬قتال‭ ‬المذاهب‭ ‬والطائفية‭ ‬حلال‭.‬

فأطلق‭ ‬جماح‭ ‬هؤلاء‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬2003م،‭ ‬وغطت‭ ‬الدموع‭ ‬وجه‭ ‬بغداد‭ ‬الجميل‭ ‬وبكى‭ ‬نهر‭ ‬دجلة‭ ‬شواطئه،‭ ‬وقصت‭ ‬ظفائر‭ ‬بيروت‭ ‬التي‭ ‬مزجت‭ ‬سياحتها‭ ‬الشرق‭ ‬بالغرب،‭ ‬واغتالت‭ ‬حنجرة‭ ‬الجامع‭ ‬الأموي‭ ‬في‭ ‬دمشق،‭ ‬وحزنت‭ ‬بلقيس‭ ‬على‭ ‬أسر‭ ‬صنعاء‭ ‬وأصبح‭ ‬الأسى‭ ‬أساطير‭ ‬مهدمة‭ ‬على‭ ‬أسوار‭ ‬تلك‭ ‬المدن‭ ‬العريقة،‭ ‬وتوسد‭ ‬الحزن‭ ‬تلك‭ ‬المدن‭ ‬العربية‭ ‬وغطى‭ ‬السواد‭ ‬جدرانها‭ ‬فاختلطت‭ ‬دموع‭ ‬حزنها‭ ‬بفرحها،‭ ‬لكن‭ ‬تمسكت‭ ‬شعوبها‭ ‬بالحياة‭ ‬وأخذ‭ ‬الأمل‭ ‬مساحة‭ ‬أكثر‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬تنوع‭ ‬القتل‭. ‬

ورأى‭ ‬الغرب‭ ‬وأميركا‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬مخططاتها‭ ‬بالمنطقة‭ ‬وأنها‭ ‬ستخسر‭ ‬حلفاءها‭ ‬الحقيقيين‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وتلك‭ ‬العلاقة‭ ‬التي‭ ‬بنيت‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الاحترام‭ ‬والأمن‭ ‬المستدام‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الواعد،‭ ‬بسبب‭ ‬دعم‭ ‬إيران‭ ‬وبعض‭ ‬أحزاب‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي،‭ ‬فغير‭ ‬ترامب‭ ‬تلك‭ ‬النظرية‭ ‬وبدأ‭ ‬بقوة‭ ‬لإسقاط‭ ‬ثيوقراطية‭ ‬برينجسكي،‭ ‬فألغى‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬وحاصر‭ ‬إيران‭ ‬ولم‭ ‬تمر‭ ‬سنة‭ ‬وأصبح‭ ‬اقتصاد‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬أضعف‭ ‬حالاته‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬تاريخ‭ ‬إيران،‭ ‬لكن‭ ‬الضربة‭ ‬الأهم‭ ‬أن‭ ‬أميركا‭ ‬دعمت‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬العراقي‭ ‬الجديد‭ ‬مصطفى‭ ‬الكاظمي،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬أول‭ ‬قرارين‭ ‬له‭ ‬يوحيان‭ ‬بأنه‭ ‬يسير‭ ‬بنهج‭ ‬لتحرير‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬المليشيات‭ ‬وإبعاد‭ ‬العراق‭ ‬عن‭ ‬سيطرة‭ ‬إيران،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قرر‭ ‬بأول‭ ‬اجتماع‭ ‬له‭ ‬وأول‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬أن‭ ‬يطلق‭ ‬سراح‭ ‬المتظاهرين‭ ‬دون‭ ‬شروط‭ ‬وهم‭ ‬الذين‭ ‬اتهموا‭ ‬بحرق‭ ‬القنصليات‭ ‬الإيرانية‭ ‬وطالبوا‭ ‬بتغيير‭ ‬النظام‭ ‬وإسقاطه،‭ ‬وكان‭ ‬قراره‭ ‬الثاني‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬ضربة‭ ‬قوية‭ ‬في‭ ‬خاصرة‭ ‬المليشيات‭ ‬إعادة‭ ‬الفريق‭ ‬الركن‭ ‬عبدالوهاب‭ ‬الساعدي‭ ‬قائد‭ ‬جهاز‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬إلى‭ ‬منصبه‭ ‬ومنحه‭ ‬مرتبة‭ ‬وزير،‭ ‬وينسب‭ ‬للساعدي‭ ‬تحرير‭ ‬الموصل‭ ‬وصلاح‭ ‬الدين،‭ ‬وشيد‭ ‬أهل‭ ‬الموصل‭ ‬تمثالا‭ ‬له‭ ‬لكن‭ ‬رفض‭ ‬عادل‭ ‬عبدالمهدي‭ ‬رفع‭ ‬الستار‭ ‬عنه‭ ‬وأمر‭ ‬بتكسيره‭ ‬وتم‭ ‬إبعاد‭ ‬الساعدي‭ ‬عن‭ ‬منصبه‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬داعش‭ ‬بأوامر‭ ‬من‭ ‬المليشيات‭ ‬المتنفذة‭ ‬والمدعومة‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬نقلت‭ ‬وسائل‭ ‬إعلام‭ ‬عراقية‭. ‬فهل‭ ‬الكاظمي‭ ‬آخر‭ ‬مسمار‭ ‬بنعش‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬العراق؟‭.‬