وَخْـزَةُ حُب

البحرين الآن: مرحلة التحدي

| د. زهرة حرم

تنفسنا‭ ‬الصعداء،‭ ‬ونحن‭ ‬نتابع‭ ‬أخبار‭ ‬انتشار‭ ‬الكورونا‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬أولا‭ ‬بأول،‭ ‬ومنذ‭ ‬أول‭ ‬حالات‭ (‬الشكّ‭) ‬بوجود‭ ‬أول‭ ‬حالة؛‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬التعاطي‭ ‬واعيا،‭ ‬ومسؤولا،‭ ‬تقوده‭ ‬أعلى‭ ‬قيادات‭ ‬الدولة‭. ‬تعاطٍ‭ ‬أشادت‭ ‬به‭ ‬منظمات‭ ‬دولية‭ ‬وجهات‭ ‬متعددة،‭ ‬جَعَلنا‭ ‬فخورين‭ ‬بالمستويات‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الحدث،‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬رسمي‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬شعبي؛‭ ‬إذ‭ ‬لطالما‭ ‬كان‭ ‬الشعب‭ ‬البحريني‭ ‬مثالا‭ ‬بارزا‭ ‬للانفتاح،‭ ‬والوعي،‭ ‬والتكاتف،‭ ‬ولا‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬العدد‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬سُجل‭ ‬للتطوع‭ ‬في‭ ‬الحملة‭ ‬الوطنية‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفيروس،‭ ‬وفاق‭ ‬اثني‭ ‬عشر‭ ‬ألف‭ ‬متطوع،‭ ‬مؤشرات‭ ‬جعلتنا‭ - ‬حقيقةً‭ - ‬نهدأ،‭ ‬ونلتزم‭ ‬بالتعليمات‭ ‬الصادرة،‭ ‬وننتظر‭ ‬في‭ ‬صبر‭ ‬جلاء‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭.‬

إذ‭ ‬ذاك؛‭ ‬ظننا‭ ‬انتظارنا‭ ‬قصير‭ ‬المدة،‭ ‬ونحن‭ ‬نحبس‭ ‬الأنفاس‭ ‬–‭ ‬يوميا‭ ‬–‭ ‬على‭ ‬الأرقام‭ ‬الآخذة‭ ‬في‭ ‬الازدياد‭! ‬منها‭ ‬حالات‭ ‬لمواطنين‭ ‬عائدين‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬احتواء‭ ‬حالاتهم،‭ ‬وتعافوا‭ ‬بحمد‭ ‬الله،‭ ‬وبين‭ ‬كل‭ ‬حظر‭ ‬مؤقت‭ ‬وسماح،‭ ‬لم‭ ‬يسجل‭ ‬البحرينيون‭ ‬عددا‭ ‬لافتا‭ ‬وخطيرا،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬أعدادهم‭ ‬مقلقة‭ ‬كثيرا؛‭ ‬لأننا‭ ‬كنا‭ ‬على‭ ‬يقين،‭ ‬بتصرفهم‭ ‬المسؤول‭ ‬أمام‭ ‬حالاتهم،‭ ‬وتفادي‭ ‬انتشارها‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تفشي‭ ‬المرض‭ ‬بين‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة؛‭ ‬مما‭ ‬أخلّ‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الموازين؛‭ ‬فالمراهنة‭ ‬عليهم‭ ‬صعبة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أعدادهم‭ ‬الغفيرة،‭ ‬وتنوع‭ ‬جنسياتهم،‭ ‬وأعراقهم،‭ ‬وثقافاتهم‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك؛‭ ‬وجدنا‭ ‬البحرين‭ ‬تحتضنهم،‭ ‬وتخصص‭ ‬لهم‭ ‬المساحات‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬والمدارس،‭ ‬وغيرها،‭ ‬وليس‭ ‬هذا‭ ‬غريبا‭ ‬على‭ ‬المملكة‭ ‬المعروفة‭ ‬–‭ ‬عالميًا‭ ‬–‭ ‬بدولة‭ ‬التعايش‭ ‬والتسامح‭. ‬فكما‭ ‬تنفق‭ ‬على‭ ‬مواطنيها؛‭ ‬تنفق‭ ‬عليهم‭. ‬هذا‭ ‬والعالم‭ ‬والبحرين‭ ‬جزء‭ ‬منه،‭ ‬يعيش‭ ‬تصدعات‭ ‬مالية‭ ‬وأزمات‭ ‬اقتصادية‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬التفاقم،‭ ‬والانفجار‭. (‬شهمة‭ ‬يالبحرين‭)‬،‭ ‬وهذا‭ ‬ديدنها‭ ‬منذ‭ ‬القدم،‭ ‬أما‭ ‬واقعنا‭ ‬الآن‭: ‬مئات‭ ‬الحالات‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬يوميًا،‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬يستشري‭ ‬شررها‭ ‬إلينا‭ ‬–‭ ‬جميعًا‭ - ‬في‭ ‬طرفة‭ ‬عين‭.‬

الشعب‭ ‬البحريني‭ - ‬قبل‭ ‬المقيمين‭ - ‬هو‭ ‬دائما‭ ‬من‭ ‬يُعوّل‭ ‬عليه؛‭ ‬فهو‭ ‬المضيف،‭ ‬والقدوة،‭ ‬والمسؤول،‭ ‬وصاحب‭ ‬البيت،‭ ‬وعليه‭ ‬يقع‭ ‬الحرص‭ ‬الأكبر‭. ‬المطلوب‭ ‬الآن‭ (‬طول‭ ‬البال‭)‬،‭ ‬وأن‭ ‬يتحول‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬منا‭ ‬إلى‭ ‬“شرطي‭ ‬صارم‭ ‬وحازم”‭ ‬مرة،‭ ‬و”طبيب‭ ‬أو‭ ‬ممرض‭ ‬مُعالج‭ ‬ومُعاون”‭ ‬مرة‭ ‬أخرى؛‭ ‬لنحمي‭ ‬أنفسنا‭ ‬والآخرين‭ ‬حولنا‭. ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬تسقط‭ ‬الجبهات‭ ‬القتالية‭ ‬الأولى،‭ ‬التي‭ ‬تحمي‭ ‬ظهورنا؛‭ ‬فنتعرى‭ ‬وننكشف‭ ‬للفيروس،‭ ‬يفتك‭ ‬بنا‭ ‬وذوينا،‭ ‬ونحن‭ ‬لا‭ ‬حول‭ ‬ولا‭ ‬قوة،‭ ‬كما‭ ‬شاهدنا‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أخرى،‭ ‬هذا‭ ‬قاسٍ‭!‬

لهؤلاء‭ ‬الآلاف‭ ‬الذين‭ ‬سجلوا‭ ‬في‭ ‬حملات‭ ‬التطوع؛‭ ‬عُدّوا‭ ‬أنفسكم‭ ‬الآن‭ ‬متطوعين،‭ ‬وابدأوا‭ ‬حملاتكم‭ ‬ضده،‭ ‬فإن‭ ‬لم‭ ‬تكونوا‭ ‬في‭ ‬الجبهات‭ ‬الأولى؛‭ ‬فلا‭ ‬أقل‭ ‬أن‭ ‬تتطوعوا‭ ‬بـ‭ ‬“القعود”‭ ‬الجسدي‭ ‬في‭ ‬بيوتكم،‭ ‬والتحرك‭ ‬“عن‭ ‬بعد”‭ ‬لنشر‭ ‬التحذيرات‭ ‬الصارمة‭: ‬ما‭ ‬عدنا‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬“الطبطبة”،‭ ‬إننا‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬التحدي‭.‬