ريشة في الهواء

المجهول والمعروف القادمان!

| أحمد جمعة

العالم‭ ‬اليوم‭ ‬أضحى‭ ‬أكثر‭ ‬خطرًا‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الذي‭ ‬تزدهر‭ ‬فيه‭ ‬التوترات‭ ‬والمؤامرات‭ ‬والاختبارات‭ ‬التي‭ ‬تجريها‭ ‬القوى‭ ‬المالية‭ ‬والسياسية‭ ‬العالمية‭ ‬المُتحكمة‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والتي‭ ‬تملك‭ ‬رموز‭ ‬تغيير‭ ‬الخرائط‭  ‬بالعالم،‭ ‬والدليل‭ ‬على‭ ‬خطورة‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬ليس‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬وحده‭ ‬ولا‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬البترول‭ ‬ولا‭ ‬الأزمة‭ ‬المالية‭ ‬والكساد‭ ‬العالمي،‭ ‬كلّ‭ ‬ذلك‭ ‬يشكل‭ ‬تحديات‭ ‬قائمة‭ ‬وقد‭ ‬مرَّ‭ ‬بها‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬لكن‭ ‬الخطورة‭ ‬فيما‭ ‬يخبئه‭ ‬المجهول‭ ‬من‭ ‬مفاجآت‭ ‬تشبه‭ ‬ما‭ ‬استيقظنا‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2011‭ ‬فيما‭ ‬سمي‭ ‬بالربيع،‭ ‬وقد‭ ‬ثبت‭ ‬كم‭ ‬كان‭ ‬حمام‭ ‬دم‭ ‬أفقد‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭ ‬الكثير،‭ ‬ومازال‭ ‬بعضها‭ ‬يعاني‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬كليبيا‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن‭ ‬وغيرها‭.‬

هناك‭ ‬أخطار‭ ‬سياسية‭ ‬أكثر‭ ‬تهديدًا‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬الوباء،‭ ‬فقد‭ ‬لاح‭ ‬بالأفق‭ ‬ومنذ‭ ‬فترة‭ ‬احتقان‭ ‬في‭ ‬دهاليز‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الأميركي‭ ‬المعروف‭ ‬بمطبخ‭ ‬المؤامرات‭ ‬في‭ ‬الخفاء‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬خصوصا،‭ ‬وسيطرة‭ ‬هذا‭ ‬الحزب‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وتحكمه‭ ‬فيها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬ثغرات‭ ‬مفتوحة‭ ‬ببعض‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬مثل‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬التي‭ ‬فاقت‭ ‬المتوقع،‭ ‬ومثل‭ ‬ضغط‭ ‬أزمة‭ ‬النفط‭ ‬والتهديدات‭ ‬الخارجية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لتداعيات‭ ‬الوباء‭ ‬الحالي‭... ‬كلّ‭ ‬هذه‭ ‬تضع‭ ‬المنطقة‭ ‬على‭ ‬صفيح‭ ‬ساخن‭.‬

يبقى‭ ‬أمامنا‭ ‬خيار‭ ‬الوعي‭ ‬الذي‭ ‬يضعنا‭ ‬بالجبهة‭ ‬الأمامية‭ ‬كدول‭ ‬وشعوب،‭ ‬وندرك‭ ‬المجهول‭ ‬والمعروف‭ ‬فيما‭ ‬يجري،‭ ‬فهناك‭ ‬أمور‭ ‬وبالخبرة‭ ‬اكتسبناها‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬2011‭ ‬وهناك‭ ‬مجهول‭ ‬ينبثق‭ ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬مرة‭ ‬لا‭ ‬نتوقع‭ ‬تفاصيله‭ ‬لذلك‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نستعد‭ ‬للمجهول‭ ‬والمعروف‭ ‬وأعتقد‭ ‬أنهما‭ ‬خطر،‭ ‬ولكن‭ ‬يبقى‭ ‬المجهول‭ ‬هو‭ ‬الأخطر‭ ‬لأننا‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬مع‭ ‬من‭ ‬نتعامل؟‭ ‬ولا‭ ‬الأدوات‭ ‬المستخدمة‭ ‬ومتى‭ ‬تدق‭ ‬ساعة‭ ‬الموجة‭ ‬التالية‭ ‬من‭ ‬الهجمة‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬دورة‭ ‬كل‭ ‬عشر‭ ‬سنين‭ ‬أو‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬وعلى‭ ‬مناطق‭ ‬محددة‭ ‬يتم‭ ‬اختيارها‭ ‬لتكون‭ ‬محاور‭ ‬التغيير‭ ‬فيها،‭ ‬وقد‭ ‬نجحت‭ ‬القوى‭ ‬المالية‭ ‬والسياسية‭ ‬الدولية‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬بإحداث‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬التوازنات‭ ‬لصالحها‭ ‬وفشلت‭ ‬بمناطق‭ ‬كثيرة،‭ ‬لكن‭ ‬تبقى‭ ‬العبرة‭ ‬في‭ ‬معرفة‭ ‬الوقت‭ ‬والمكان‭ ‬والأداة‭ ‬السحرية‭ ‬التي‭ ‬ستضرب‭ ‬بها‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬المناطق‭ ‬المختارة‭ ‬وأبرزها‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

كما‭ ‬قلت‭ ‬في‭ ‬البدء‭... ‬العالم‭ ‬أضحى‭ ‬أكثر‭ ‬خطرًا‭ ‬على‭ ‬الفرد‭ ‬والمجتمعات‭ ‬وعلى‭ ‬الدول،‭ ‬ولا‭ ‬أدلَّ‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬مما‭ ‬نتعرض‭ ‬له‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬ضغوطات‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية‭ ‬أبرز‭ ‬مظاهرها‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬النفط،‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬تصعيد‭ ‬الهجمات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬اليسارية‭ ‬في‭ ‬أميركا‭ ‬ذاتها‭ ‬ضد‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬تفضح‭ ‬هذه‭ ‬التحركات‭ ‬التي‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬سياسة‭ ‬ترامب‭ ‬الشرق‭ ‬أوسطية‭ ‬المضادة‭ ‬لسياسة‭ ‬أوباما‭ ‬الدمر‭ ‬حجة‭ ‬للهجوم‭ ‬عليه‭. ‬يقال‭: ‬إذا‭ ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬تعرف‭ ‬ماذا‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬عليك‭ ‬معرفة‭ ‬ماذا‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬دهاليز‭ ‬أميركا‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والبيت‭ ‬الأبيض‭ ‬وفي‭ ‬المكاتب‭ ‬السرية‭ ‬لمراكز‭ ‬غوغل‭ ‬وفيسبوك‭ ‬وتوتير‭ ‬وخلف‭ ‬الكواليس‭.. ‬لنتذكر‭ ‬فقط‭ ‬أين‭ ‬كانت‭ ‬هيلاري‭ ‬كلينتون‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2011؟‭!.‬

 

تنويرة‭: ‬

لو‭ ‬نجحت‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬مرة‭ ‬فاعلم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬خطأ‭ ‬في‭ ‬التجربة‭.‬