أرقام تَصنعُ البَحرين... تعداد السكان في 1941م الأول في المنطقة

| د. حسين المهدي

فيِ‭ ‬ليلة‭ ‬من‭ ‬ليالي‭ ‬شِتاء‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬بَدت‭ ‬مُدُنها‭ ‬وَقراها‭ ‬مَهجورة‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬عَدد‭ ‬من‭ ‬الرجال،‭ ‬حاملينَ‭ ‬“الفنارة”‭ ‬بيد،‭ ‬وسجلات‭ ‬إحصاء‭ ‬النفوس‭ ‬واستماراتها‭ ‬باليد‭ ‬الأخرى،‭ ‬إنه‭ ‬التعداد‭ ‬الحديث‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬عام‭ ‬1941م،‭ ‬وهو‭ ‬الأول‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬ككل‭.‬

التعداد‭ ‬الأول‭ ‬لعام‭ ‬1941م،‭ ‬أسس‭ ‬للمَرحلةِ‭ ‬الأولى‭ ‬لِتسعَة‭ ‬تعدادات،‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬التأسيسية‭ ‬الأولى،‭ ‬شَملت‭ ‬ثَلاثة‭ ‬إحصاءات‭ ‬للِأعوام‭ ‬1941م،‭ ‬و1950م،‭ ‬و1959م‭. ‬وَالمرحلة‭ ‬الثانية،‭ ‬غَطَت‭ ‬تعدادي‭ ‬عام‭ ‬1965م‭ ‬وَعام‭ ‬1971م،‭ ‬أما‭ ‬المرحلة‭ ‬الثالثة‭ ‬فعالجت‭ ‬تعدادي‭ ‬عام‭ ‬1981م،‭ ‬وَ1991م،‭ ‬المرحلة‭ ‬الرابعة‭ ‬والأخيرة‭ ‬كونت‭ ‬التعدادين‭ ‬لعامي‭ ‬2001م،‭ ‬و2010م‭.‬

الإحصاء‭ ‬الأول،‭ ‬أجري‭ ‬خلال‭ ‬سنوات‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬وأطلق‭ ‬عليه‭ ‬شعبياً‭ ‬“سنة‭ ‬البطاقة”‭ ‬التموينية،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬“سنة‭ ‬الطبعة”،‭ ‬مثالاً،‭ ‬متبعا‭ ‬طريقة‭ ‬العَد‭ ‬الفِعلي‭ ‬للسكان‭ ‬وَحَصر‭ ‬كُل‭ ‬الأفراد‭ ‬المتواجدين‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬ليلة‭ ‬التعداد،‭ ‬وهي‭ ‬ليلة‭ ‬21‭ ‬يناير‭ ‬عام‭ ‬1941م،‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬ولا‭ ‬يشمل‭ ‬المواطنين‭ ‬المسافرين‭ ‬تلك‭ ‬الليلة،‭ ‬وتم‭ ‬العد‭ ‬النهائي‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬بعد‭ ‬فرض‭ ‬حظر‭ ‬التجول‭ ‬لتسهيل‭ ‬عملية‭ ‬الحصر،‭ ‬ووفرت‭ ‬بياناته،‭ ‬مؤشرات‭ ‬ديموغرافية‭ ‬عامة،‭ ‬مثل‭ ‬حصر‭ ‬تصنيف‭ ‬المقيمين‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬جنسيتهم‭ ‬على‭ ‬الإيرانيين‭ ‬والهنود‭ ‬فقط،‭ ‬ولم‭ ‬تبين‭ ‬جنسيات‭ ‬باقي‭ ‬المقيمين‭.‬

وهدف‭ ‬تعداد‭ ‬عام‭ ‬1941م‭ ‬إلى‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬إِجمالي‭ ‬سكان‭ ‬البحرين‭ ‬لمساعدة‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬لتوزيعها‭ ‬بنظام‭ ‬البطاقة‭ ‬التموينية،‭ ‬وقد‭ ‬تحقق‭ ‬الهدف،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬الغذاء‭ ‬متوفراً‭ ‬للجميع،‭ ‬وبأثمان‭ ‬مناسبة‭ ‬لفترة‭ ‬زمنية‭ ‬طويلة‭ ‬نسبياً‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬اقتصادية‭ ‬صعبة‭ ‬وهي‭ ‬فترة‭ ‬الحرب،‭ ‬وكان‭ ‬عَدد‭ ‬جميع‭ ‬الأنفُس‭ ‬زهاء‭ ‬90‭ ‬ألفاً،‭ ‬شكَل‭ ‬البحرينيون‭ ‬الغالبية‭ ‬المُطلقة،‭ ‬بنحو‭ ‬82‭ % ‬منهم،‭ ‬أي‭ ‬74‭ ‬ألفاً،‭ ‬وشكل‭ ‬المقيمون‭ ‬قُرابة‭ ‬18‭ %‬،‭ ‬أي‭ ‬16‭ ‬ألفا‭.‬

وَصَنعت‭ ‬الأرقام‭ ‬موقفاً،‭ ‬حيث‭ ‬أجرت‭ ‬البحرين‭ ‬تعدادها‭ ‬الأول‭ ‬للسكان‭ ‬قَبل‭ ‬الصين‭ (‬1954م‭) ‬وَالأردن‭ (‬1952م‭)‬،‭ ‬وقبل‭ ‬الدول‭ ‬الشقيقة‭: ‬الكُويت‭ (‬1957م‭)‬،‭ ‬والإمارات‭ (‬1968م‭)‬،‭ ‬والسُعودية‭ (‬1974م‭)‬،‭ ‬وَعُمان‭ (‬1993م‭)‬،‭ ‬وبعد‭ ‬21‭ ‬عاماً‭ ‬من‭ ‬إجراء‭ ‬اليابان‭ ‬إحصائها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1920م،‭ ‬والذي‭ ‬وضع‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬الأول‭ ‬إقليمياً،‭ ‬وفي‭ ‬مركز‭ ‬متقدم‭ ‬عالمياً،‭ ‬رائدةً‭ ‬في‭ ‬مَجال‭ ‬الإحصاء‭ ‬الحَديث‭ ‬للسكان،‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬سباقة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬أخرى‭ ‬كثيرة‭.‬