في دائرة العشق

| د.حورية الديري

“حروف‭ ‬متصلة‭ ‬تتراءى‭ ‬معها‭ ‬سبل‭ ‬العاشقين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يملون‭ ‬نقش‭ ‬أحلامهم‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬تبدأ‭ ‬بنقطة‭ ‬وتدور‭ ‬لتنتهي‭ ‬بها”،‭ ‬أعلم‭ ‬أنها‭ ‬عبارة‭ ‬تبدو‭ ‬مفعمة‭ ‬بكلمات‭ ‬لا‭ ‬روح‭ ‬فيها،‭ ‬ولكنها‭ ‬ممتلئة‭ ‬بالمشاعر،‭ ‬ذلك‭ ‬مثلما‭ ‬ينتاب‭ ‬العاشقين‭ ‬تمامًا،‭ ‬ومثلما‭ ‬تعتريهم‭ ‬من‭ ‬مفاجآت‭ ‬لتختبر‭ ‬عمق‭ ‬العلاقة‭ ‬التي‭ ‬تجمعهم‭ ‬بهم‭ ‬ومعهم‭... ‬في‭ ‬الدائرة‭! ‬كذلك‭ ‬يصوغها‭ ‬القلم‭ ‬اليوم،‭ ‬تلك‭ ‬الدائرة‭ ‬التي‭ ‬ارتكزت‭ ‬في‭ ‬أذهاننا‭ ‬وصار‭ ‬تخيلها‭ ‬سهلاً،‭ ‬وكأنني‭ ‬أرى‭ ‬صورتها‭ ‬تتلألأ‭ ‬في‭ ‬أذهانكم‭ ‬الآن،‭ ‬لكنني‭ ‬حتمًا‭ ‬لا‭ ‬يمكنني‭ ‬قياس‭ ‬حجم‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬لديكم‭!‬

القصد‭ ‬والحديث‭ ‬هنا‭ ‬يبدأ،‭ ‬حيث‭ ‬الدائرة‭ ‬التي‭ ‬يمتلكها‭ ‬كل‭ ‬منا،‭ ‬وما‭ ‬تحوي‭ ‬في‭ ‬خلجاتها‭ ‬من‭ ‬شرايين‭ ‬النبض‭ ‬والحياة،‭ ‬واجتهادنا‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬في‭ ‬توهج‭ ‬ونماء،‭ ‬والحياة‭ ‬هنا‭ ‬تبدأ،‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬الفكر،‭ ‬النبض،‭ ‬مزيج‭ ‬الفكر‭ ‬بالنبض،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬يظهر‭ ‬الفن‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬مكونات‭ ‬تلك‭ ‬المسارات‭ ‬التي‭ ‬تجعلنا‭ ‬في‭ ‬عشق‭ ‬مستمر‭ ‬مع‭ ‬الحياة،‭ ‬وفي‭ ‬اجتهاد‭ ‬متواصل‭ ‬لتنمية‭ ‬ذلك‭ ‬العشق‭ ‬بما‭ ‬يجعله‭ ‬الأسمى‭ ‬والأمثل‭.‬

والآن‭ ‬لنبدأ‭ ‬معًا‭ ‬رسم‭ ‬دائرة‭ ‬مشتركة،‭ ‬كم‭ ‬هو‭ ‬رائع‭ ‬وجميل‭... ‬أرى‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الأصابع‭ ‬معي‭ ‬رُفعت،‭ ‬وحيث‭ ‬أعلم‭ ‬بأن‭ ‬العشق‭ ‬هنا‭ ‬يجمعنا،‭ ‬فكل‭ ‬من‭ ‬بدأ‭ ‬فعلاً‭ ‬قد‭ ‬وصل‭ ‬به‭ ‬المغزى‭ ‬غايته،‭ ‬دعونا‭ ‬نسير‭.. ‬ونسير‭.. ‬والدائرة‭ ‬عجت‭ ‬وغصت،‭ ‬فلا‭ ‬أحد‭ ‬يقف‭ ‬دون‭ ‬غاية‭ ‬وهدف،‭ ‬جميعنا‭ ‬معًا‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬المسار،‭ ‬فمهما‭ ‬بلغ‭ ‬حجم‭ ‬الدائرة‭ ‬وقطرها،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬للعشق‭ ‬أن‭ ‬يتنامى‭ ‬داخلها‭ ‬إلا‭ ‬بمن‭ ‬أحياها،‭ ‬وسقاها،‭ ‬وجعلها‭ ‬قصة،‭ ‬لحنًا،‭ ‬أغنية،‭ ‬وتاريخا‭. ‬

وهكذا‭ ‬يا‭ ‬أعزائي‭ ‬تبدو‭ ‬البحرين‭ ‬اليوم،‭ ‬معشوقة‭ ‬في‭ ‬أوج‭ ‬مظاهر‭ ‬الحسن‭ ‬والجمال،‭ ‬فكلما‭ ‬عَطشت‭ ‬زدناها‭ ‬نبضًا‭ ‬وحياة،‭ ‬وكلما‭ ‬حزُنت‭ ‬جئناها‭ ‬حبًا‭ ‬وعشقًا،‭ ‬فلا‭ ‬دائرة‭ ‬إلا‭ ‬بالجميع‭ ‬وللجميع،‭ ‬فكلما‭ ‬زاد‭ ‬الحب،‭ ‬ازداد‭ ‬الجمال،‭ ‬ازدادت‭ ‬الحياة‭. ‬حقيقة‭ ‬دلائلها‭ ‬راسخة‭ ‬فيما‭ ‬تؤرخه‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬رصانة‭ ‬العشق‭ ‬التاريخي‭ ‬بقيادة‭ ‬ملكية‭ ‬فاعلة،‭ ‬وحوكمة‭ ‬قيادية‭ ‬متماسكة،‭ ‬وثقافة‭ ‬شعبية‭ ‬متوازنة‭ ‬صالحة‭ ‬لكل‭ ‬وقت‭ ‬ومكان‭. ‬

هكذا‭ ‬في‭ ‬عشق‭ ‬الوطن،‭ ‬حياة‭ ‬إن‭ ‬اعتدتها‭ ‬لن‭ ‬تنحى‭ ‬عنها‭ ‬أبدًا،‭ ‬ولن‭ ‬ترتضي‭ ‬إلا‭ ‬بدائرة‭ ‬الباء‭ ‬بها‭ ‬بحرين،‭ ‬والدال‭ ‬دنيا‭ ‬والألف‭ ‬أمل‭ ‬والهمزة‭ ‬أمن‭ ‬والراء‭ ‬رقي‭ ‬والتاء‭ ‬تاريخي‭ (‬بحرين‭ ‬دنيا‭ ‬أمل‭ ‬وأمن‭ ‬ورقي‭ ‬تاريخي‭).‬

فعندما‭ ‬تتضح‭ ‬الرؤية‭ ‬وتتحدد‭ ‬الغاية‭ ‬والكل‭ ‬يسير‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬المسار‭ ‬تبدو‭ ‬الدائرة‭ ‬أرحب‭ ‬بمن‭ ‬دخل،‭ ‬وترنو‭ ‬لمن‭ ‬يريد‭. ‬وهكذا،‭ ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬بالأمر‭ ‬يقاس،‭ ‬وتكون‭ ‬تلك‭ ‬الدائرة‭ ‬النموذج‭ ‬الأمثل‭ ‬لدوائر‭ ‬عدة‭ ‬في‭ ‬حياتنا،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لنا‭ ‬بلوغ‭ ‬ما‭ ‬نرغب‭ ‬ونعشق‭ ‬إلا‭ ‬بوضوح‭ ‬المسار‭ ‬ودقته،‭ ‬والانسياق‭ ‬كل‭ ‬الانسياق‭ ‬لمحددات‭ ‬واضحة‭ ‬القيمة‭ ‬والأثر،‭ ‬والأمر‭ ‬أتركه‭ ‬لكم‭ ‬كيفما‭ ‬يمكنكم‭ ‬الوصول‭.‬