شهر رمضان والحجر الذاتي

| عبدعلي الغسرة

الحجر‭ ‬المنزلي‭ ‬أو‭ ‬الحجر‭ ‬الذاتي‭ ‬يعني‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تجنب‭ ‬الاتصال‭ ‬بالآخرين،‭ ‬ويعتبر‭ ‬هذا‭ ‬التجنب‭ ‬أفضل‭ ‬لقاح‭ ‬لداء‭ ‬“كوفيد‭ ‬19”‭ ‬المنتشر‭ ‬عالميًا،‭ ‬وهو‭ ‬جزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬التي‭ ‬أعلنتها‭ ‬الدولة‭ ‬وكل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬ومنظماتها‭ ‬الصحية‭ ‬حماية‭ ‬لنا‭ ‬ولجميع‭ ‬الناس‭. ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نبقى‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬لنحمي‭ ‬أنفسنا‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬مصابين،‭ ‬فصحتنا‭ ‬أمانة‭ ‬علينا‭ ‬المحافظة‭ ‬عليها‭ ‬وحمايتها‭ ‬من‭ ‬التعرض‭ ‬لأية‭ ‬نكسة‭.‬

لقد‭ ‬اعتدنا‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬أن‭ ‬نلتقي‭ ‬بالأحباء‭ ‬والأصدقاء‭ ‬والأقارب،‭ ‬واعتدنا‭ ‬على‭ ‬توزيع‭ ‬الأطعمة‭ ‬الرمضانية‭ ‬على‭ ‬الجيران،‭ ‬واعتدنا‭ ‬الذهاب‭ ‬للمجالس‭ ‬والمآتم‭ ‬والمساجد،‭ ‬والسهر‭ ‬وأكل‭ ‬الغبقات‭ ‬اللذيذة‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬البيوت‭ ‬الكريمة،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬لم‭ ‬نمارس‭ ‬هذه‭ ‬العادات‭ ‬بسبب‭ ‬“كوفيد‭ ‬19”‭ ‬والتزمنا‭ ‬بالبقاء‭ ‬ببيوتنا‭ ‬ما‭ ‬أكسبنا‭ ‬صحة‭ ‬وأبعدنا‭ ‬عن‭ ‬الوباء،‭ ‬والحجر‭ ‬المنزلي‭ ‬الطوعي‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬مفهوم‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لأنه‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬الاتصال‭ ‬الوثيق‭ ‬بين‭ ‬الناس‭.‬

إن‭ ‬الحجر‭ ‬المنزلي‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬البقاء‭ ‬وحيدًا‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬والانعزال‭ ‬عن‭ ‬العالم،‭ ‬بل‭ ‬يمكن‭ ‬للإنسان‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬القيام‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬وبدون‭ ‬التعرض‭ ‬لمخاطر‭ ‬الوباء،‭ ‬إذ‭ ‬يمكنه‭ ‬الاتصال‭ ‬بالآخرين‭ ‬باستخدام‭ ‬مكالمات‭ ‬الفيديو‭ ‬أو‭ ‬الواتساب‭ ‬أو‭ ‬الاتصال‭ ‬هاتفيًا،‭ ‬ومشاهدة‭ ‬برامج‭ ‬التلفزيون،‭ ‬وقراءة‭ ‬القرآن‭ ‬والكتب،‭ ‬وممارسة‭ ‬الرياضة‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬حديقة‭ ‬البيت،‭ ‬ومزاولة‭ ‬الألعاب‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬وممارسة‭ ‬أنشطة‭ ‬متنوعة‭ ‬مع‭ ‬العائلة‭ ‬والأبناء،‭ ‬ودراسة‭ ‬بعض‭ ‬اللغات‭ ‬الأجنبية‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬الفنون‭ ‬الجميلة‭ ‬باستخدام‭ ‬تطبيقات‭ ‬الحاسب‭ ‬الآلي‭ ‬المختلفة،‭ ‬وكذلك‭ ‬يمكن‭ ‬للبنات‭ ‬تعلم‭ ‬فنون‭ ‬الطبخ‭ ‬وغير‭ ‬ذلك،‭ ‬فممارسة‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الأنشطة‭ ‬ستفيد‭ ‬الإنسان‭ ‬وستكسبه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المهارات‭ ‬وستصقل‭ ‬قدرته‭ ‬في‭ ‬الحياة‭.‬

ويعد‭ ‬الالتزام‭ ‬بالحجر‭ ‬المنزلي‭ ‬أفضل‭ ‬الخيارات‭ ‬لمكافحة‭ ‬داء‭ ‬الكوفيد،‭ ‬فهو‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬الوباء‭ ‬على‭ ‬الانتشار‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬عليه‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬تفشيه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬وعدم‭ ‬الاختلاط‭ ‬بالآخرين‭. ‬ويؤكد‭ ‬الأطباء‭ ‬أن‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬الفترة‭ ‬لن‭ ‬ينعكس‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭ ‬أو‭ ‬البدنية‭ ‬خصوصا‭ ‬إذا‭ ‬تمت‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬مختلف‭ ‬الألعاب‭ ‬الذهنية‭ ‬والإلكترونية‭ ‬والقراءة‭ ‬والرياضة‭ ‬البدنية،‭ ‬فالبقاء‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬انتصار‭ ‬على‭ ‬الكوفيد‭ ‬وقسوته‭.‬