“من أعطاه رخصة قيادة؟”

| هدى حرم

ازدحمتْ‭ ‬شوارعُ‭ ‬مملكتنا‭ ‬الحبيبة‭ ‬بالسيارات،‭ ‬حتى‭ ‬لمْ‭ ‬تعدْ‭ ‬تستوعبُ‭ ‬الأعدادَ‭ ‬المهولة‭. ‬نعْلقُ‭ ‬بسبب‭ ‬الاختناقِ‭ ‬المروري‭ ‬في‭ ‬الزحام،‭ ‬ونصلُ‭ ‬متأخرين‭ ‬لأعمالنا‭ ‬ومنازلنا،‭ ‬ولا‭ ‬عوضَ‭ ‬للوقت‭ ‬المهدرِ‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬في‭ ‬الذهابِ‭ ‬والإياب،‭ ‬ناهيكَ‭ ‬عن‭ ‬تعذرِ‭ ‬المواقفِ‭ ‬عن‭ ‬استقبالِ‭ ‬المزيدِ‭ ‬من‭ ‬مركباتنا‭ ‬الفارهة‭ ‬أو‭ ‬المتهالكة،‭ ‬إذا‭ ‬عدنا‭ ‬أخيراً‭ ‬لبيوتنا،‭ ‬فلن‭ ‬نجدَ‭ ‬أمامها‭ ‬مساحةً‭ ‬لركنِ‭ ‬سياراتنا‭ ‬جميعاً،‭ ‬حتى‭ ‬الحي‭ ‬يزدحمُ‭ ‬بسيارتنا‭ ‬المتوقفة؛‭ ‬ففي‭ ‬البيتِ‭ ‬الواحدِ‭ ‬يملكُ‭ ‬كلُ‭ ‬فردٍ‭ ‬حَصُلَ‭ ‬على‭ ‬رخصةِ‭ ‬قيادة‭ ‬سيارةٍ‭ ‬خارجَ‭ ‬منزله‭.‬

رفاهيةٌ‭ ‬تبريراتها‭ ‬مردودة،‭ ‬من‭ ‬استصدرَ‭ ‬رخصةَ‭ ‬قيادةٍ‭ ‬بالأمس‭ ‬يملكُ‭ ‬سيارةً‭ ‬يقودها‭ ‬اليوم،‭ ‬وكأن‭ ‬القيادةَ‭ ‬لعبةٌ‭ ‬من‭ ‬ألعاب‭ ‬الحاسوب؛‭ ‬فكيف‭ ‬يسمحُ‭ ‬الآباء‭ ‬لأبنائهم‭ ‬حديثي‭ ‬العهدِ‭ ‬بالقيادة‭ ‬بالخروجِ‭ ‬بالسيارةِ‭ ‬بلا‭ ‬رقابةٍ‭ ‬وتدريبٍ‭ ‬أبوي‭ ‬ليكتسبوا‭ ‬الخبرةَ‭ ‬والثقةَ‭ ‬والمهارةَ‭ ‬في‭ ‬القيادةِ‭ ‬الواقعية‭. ‬الإحصاءاتُ‭ ‬الحديثةُ‭ ‬تُظهرُ‭ ‬تزايداً‭ ‬واضحاً‭ ‬في‭ ‬أعدادِ‭ ‬الحوادثِ‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬والتي‭ ‬تتسببُ‭ ‬فيها‭ ‬فئةُ‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬تنحصرُ‭ ‬أعمارُهم‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬العشرين‭ ‬والثلاثين‭ ‬سنة‭. ‬ولا‭ ‬يعودُ‭ ‬السببُ‭ ‬فقط‭ ‬لحداثةِ‭ ‬عهدِهم‭ ‬بالقيادة،‭ ‬بل‭ ‬لغيابِ‭ ‬أخلاقياتِ‭ ‬القيادةِ‭ ‬والتعاملِ‭ ‬مع‭ ‬السواقِ‭ ‬الآخرينَ،‭ ‬واعتقاد‭ ‬فئة‭ ‬الشبابِ‭ ‬من‭ ‬الجنسين‭ ‬أنهم‭ ‬الأفضلُ‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬وغيرهم‭ ‬يجهلُ‭ ‬قوانينَ‭ ‬الطرقِ،‭ ‬ويستنكرونَ‭ ‬أساليبَ‭ ‬الآخرينَ‭ ‬في‭ ‬القيادة‭ ‬متشدقينَ‭ ‬بعبارتهم‭ ‬الشهيرة‭ ‬“من‭ ‬أعطاهم‭ ‬رخصةَ‭ ‬القيادة؟”؛‭ ‬فيتجاوزُ‭ ‬هؤلاء‭ ‬الشباب‭ ‬مساراتِهم،‭ ‬ويقودونَ‭ ‬سياراتِهم‭ ‬بسرعةٍ‭ ‬كمتسابقي‭ ‬الفورمولا،‭ ‬ويُجرونَ‭ ‬محادثاتِهم‭ ‬الهاتفية‭ ‬أثناءَ‭ ‬السباق،‭ ‬ويستعرضونَ‭ ‬عضلاتَهم‭ ‬في‭ ‬القيادةِ‭ ‬معرضينَ‭ ‬حياتَهم‭ ‬وحياةَ‭ ‬الآخرين‭ ‬للخطر‭.‬

حوادثُ‭ ‬الطرقِ‭ ‬المميتة‭ ‬في‭ ‬ازدياد‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬قوانينِ‭ ‬الشارعِ‭ ‬الصارمة،‭ ‬فإلى‭ ‬متى‭ ‬تُحصدُ‭ ‬الأرواحُ‭ ‬على‭ ‬الأسفلت؟‭ ‬قيادةُ‭ ‬السيارة‭ ‬ليست‭ ‬لعبة‭ ‬والشارعُ‭ ‬ليس‭ ‬ملعباً،‭ ‬فليتدرب‭ ‬هؤلاء‭ ‬على‭ ‬أنَّ‭ ‬القيادةَ‭ ‬“فنٌ‭ ‬وذوق”‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬“محركات‭ ‬ومكابح”‭.‬