البلدية وما أدراك

| زهير توفيقي

أذكر‭ ‬أنني‭ ‬كتبت‭ ‬مقالا‭ ‬قبل‭ ‬حوالي‭ ‬40‭ ‬عاما‭ ‬في‭ ‬صفحة‭ ‬بريد‭ ‬القراء‭ ‬لجريدة‭ ‬محلية،‭ ‬وكان‭ ‬يناقش‭ ‬موضوع‭ ‬كيف‭ ‬تحتسب‭ ‬البلدية‭ ‬10‭ % ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬إيجار‭ ‬السكن‭ ‬المنزلي‭ ‬والمستأجر‭ ‬لا‭ ‬يحق‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير‭ ‬أن‭ ‬يستلم‭ ‬أكياس‭ ‬القمامة‭ ‬“أكرمكم‭ ‬الله”‭! ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬يحق‭ ‬لمالك‭ ‬المنزل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الميزة‭ ‬مقابل‭ ‬تسديده‭ ‬مبلغًا‭ ‬زهيدًا‭.. ‬“دينار‭ ‬أو‭ ‬ديناران‭ ‬لا‭ ‬أذكر‭ ‬الآن”‭! ‬بالله‭ ‬عليكم‭ ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬منطق؟‭ ‬والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬كيف‭ ‬لم‭ ‬تحرك‭ ‬وزارة‭ ‬حكومية‭ ‬خدمية‭ ‬ساكنا‭ ‬لتغيير‭ ‬نظام‭ ‬غير‭ ‬عادل‭ ‬كهذا؟‭ ‬أليس‭ ‬الأجدر‭ ‬بها‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الوزارات‭ ‬والهيئات‭ ‬الحكومية‭ ‬مراجعة‭ ‬قوانينها‭ ‬وتحديثها‭ ‬وتطويرها‭ ‬بين‭ ‬حين‭ ‬وآخر‭ ‬لتوفير‭ ‬الأفضل‭ ‬لمواطني‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬المعطاء،‭ ‬وإن‭ ‬احتاجت‭ ‬إلى‭ ‬أخذ‭ ‬الموافقات‭ ‬الضرورية‭ ‬فهي‭ ‬من‭ ‬صميم‭ ‬عملها‭ ‬وعليها‭ ‬العمل‭ ‬بكل‭ ‬كفاءة‭ ‬لتحسين‭ ‬تلك‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬للمواطنين‭.‬

حدثني‭ ‬صديق‭ ‬وهو‭ ‬يملك‭ ‬مبنى‭ ‬استثماريا‭ ‬سكنيا‭ ‬صغيرا،‭ ‬وحيث‭ ‬إن‭ ‬المنطقة‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬بها‭ ‬شبكة‭ ‬صرف‭ ‬صحي‭ ‬ولا‭ ‬شوارع‭ ‬ولا‭ ‬إضاءة،‭ ‬وهي‭ ‬للعلم‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬تتكدس‭ ‬فيها‭ ‬مبان‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭! ‬يقول‭ ‬صاحبنا‭ ‬إنه‭ ‬يضطر‭ ‬هو‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬المباني‭ ‬المجاورة‭ ‬للاستعانة‭ ‬بمؤسسات‭ ‬خاصة‭ ‬لتنظيف‭ ‬أو‭ ‬شفط‭ ‬البلاعات‭ ‬“أعزكم‭ ‬الله”‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير‭ ‬ويدفعون‭ ‬مبلغا‭ ‬قدره‭ ‬‮١٢‬‭ ‬دينارا‭ ‬لكل‭ ‬مرة‭! ‬والسبب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬البلدية‭ ‬لا‭ ‬توفر‭ ‬هذه‭ ‬الخدمة‭ ‬إلا‭ ‬لأصحاب‭ ‬المنازل‭ ‬الخاصة‭ ‬وليس‭ ‬للمباني‭ ‬التجارية‭ ‬أو‭ ‬الاستثمارية‭! ‬وبودي‭ ‬أن‭ ‬أطرح‭ ‬سؤالا‭ ‬وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬أجد‭ ‬جوابا‭ ‬وافيا‭ ‬ومقنعًا،‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬قاطنو‭ ‬العمارة‭ ‬يدفعون‭ ‬10‭ % ‬من‭ ‬الإيجار‭ ‬شهريًا‭ ‬وليس‭ ‬لهم‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬استلام‭ ‬أكياس‭ ‬القمامة‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬تنظيف‭ ‬المجاري‭ ‬فما‭ ‬دور‭ ‬البلدية‭ ‬ولماذا‭ ‬يتم‭ ‬استحصال‭ ‬رسوم‭ ‬شهرية‭ ‬بدون‭ ‬توفير‭ ‬أية‭ ‬خدمات‭ ‬تذكر؟‭ ‬هل‭ ‬يعد‭ ‬هذا‭ ‬إنصافًا؟‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬مالكي‭ ‬المنازل‭ ‬يدفعون‭ ‬رسومًا‭ ‬زهيدة‭ ‬ويحصلون‭ ‬على‭ ‬الخدمات‭ ‬أعلاه‭!‬

وكما‭ ‬أن‭ ‬الوزارة‭ ‬قد‭ ‬فرضت‭ ‬رسوما‭ ‬للبنية‭ ‬التحتية‭ ‬قدرها‭ ‬12‭ ‬ديناراً‭  ‬في‭ ‬صافي‭ ‬المساحة‭ ‬المستغلة‭ ‬ذات‭ ‬المردود‭ ‬بالمتر‭ ‬المربع،‭ ‬مقابل‭ ‬توفيرها‭ ‬الخدمات‭ ‬الضرورية‭ ‬من‭ ‬الإنارة‭ ‬والصرف‭ ‬الصحي‭ ‬والشوارع،‭ ‬فهي‭ ‬أيضا‭ ‬ملزمة‭ ‬بذلك‭ ‬وإلا‭ ‬فأين‭ ‬الإنصاف‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭! ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬المحلات‭ ‬في‭ ‬المجمعات‭ ‬التجارية‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬رسوما‭ ‬شهرية‭ ‬للبلدية‭ ‬ورسوم‭ ‬خدمات‭ ‬أخرى‭ ‬لإدارة‭ ‬المجمع‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بجميع‭ ‬الواجبات‭ ‬والبلدية‭ ‬تقوم‭ ‬باستحصال‭ ‬الرسوم‭ ‬فقط‭ ‬لا‭ ‬غير‭! ‬إلى‭ ‬متى؟‭ ‬لقد‭ ‬بح‭ ‬صوتنا،‭ ‬أفيدونا‭ ‬أفادكم‭ ‬الله‭.‬